لجنة التواصل النيابية في أولى جلساتها (من الأرشيف)
بيروت ـ جورج شاهين
تترقب الأوساط اللبنانية نتيجة لقاءات القمة الاقتصادية العربية الثالثة التي شارك فيها رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وزعماء وقادة وممثلو الدول العربية، والتي بحثوا خلالها إقامة منطقة للتجارة الحرة وتفعيل عدد من الاتفاقات لاسيما تلك المتعلقة باستثمار رؤوس الأموال في الدول العربية، فيما تستأنف
اللجنة الفرعية اللبناينة المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة والمكلفة درس ومناقشة اقتراحات ومشاريع قانون الانتخاب الجديد عملها قبل ظهر الأربعاء على وقع التطورات التي أحدثتها زيارة السعودية، بعدما ألغت اجتماعها المسائي لمزيد من الاتصالات والمشاورات بهدف التوصل إلى قواسم مشتركة وسط أجواء توحي بالتوجه لتمديد عملها إلى أجل غير مسمى في انتظار الوقوف على المعطيات الجديدة التي تركها مسلسل لقاءات الرئيس ميقاتي في المملكة العربية السعودية لما سيكون لها من انعكاسات على مجريات الأحداث في بيروت.
وأكدت مصادر واسعة الإطلاع لـ "العرب اليوم" أن "إصرار رئيس اللجنة روبير غانم على إعادة الحوار في "القانون الانتخابي المختلط" لمزيد من البحث فيه يوحي بوجود توجه لدى الرئيس نبيه بري ويحاول أن يترجمه غانم وممثله في اللجنة علي بزي بفتح أبواب جديدة للحوار بهدف تطويل البحث وبقاء لجنة التواصل على جهوزية في انتظار فهم النتائج العملية التي تركتها زيارة ميقاتي وتداعياتها المحتملة على الوضع من جوانب عدة".
وأضافت المصادر أن "ما قيل عن نقاش تناول الصيغة المختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي على أساس انتخاب 64 نائبًا على مستوى الدوائر الحالية في قانون الستين و64 آخرين على أساس المحافظات التسعة بعد تقسيم جبل لبنان إلى دائرتين لم يكن معمقًا وأن البحث كان سريعًا من دون الغوص في التفاصيل".
وأوضحت المصادر أن "جدلا قام حول اقتراح بتمديد عمل اللجنة أو رفع تقريرها النهائي إلى رئاسة المجلس بعد جلسة الغد الأربعاء، والذهاب بالقوانين المطروحة إلى جلسة عامة للتصويت عليها، فرفضه ممثل بري علي بزي ومعه روبير غانم وسامي الجميل، في ما أصر جورج عدوان وألان عون على المضي في الخطوات إلى النهاية بهدف حشر الرئيس بري الذي وافق على القانون الأرثوذكسي بصفته رئيسًا لكتلة التنمية والتحرير ولإحراجه بعد الفصل بين هذه الصفة وكونه رئيسًا للمجلس النيابي وربطه الدعوة إلى اي جلسة بتوفر الميثاقية في أي قانون يمكن أن يخضع للتصويت".
وقالت المصادر إن "ما تم الاتفاق عليه في جلسة الإثنين المسائية لم ينفذ الثلاثاء. وبعدما تردد أن تفاهمًا جرى لاستكمال البحث فيما سمي المشكلة الحقيقية التي تعيق التوافق على قانون للانتخاب كان البحث في الجلسة الخامسة عشرة، عامًا، ودار نقاش تاريخي في جزء منها عندما أثار النائب أحمد فتفت موضوع تسمية حزب الله لنجيب ميقاتي رئيسًا للحكومة على حساب الأكثرية السنية من خلال فرض أمر واقع "بالقمصان السود" . ما أثار نقاشًا واسعًا، واعتبره البعض خارج إطار جدول الأعمال، ونقل عن النائب سامي الجميل قوله إن "اختيار رئيس الحكومة مرة ممكن من غير رضا الأكثرية السنية، لكن النظام السوري وقوى الأمر الواقع سمت رؤساء جمهوريات في لبنان ولعقود من الزمن على حساب المسيحيين ومن دون إرادة أكثريتهم، لا بل من أجل قهر هذه الأكثرية".
ومن ناحية أخرى، تواصلت الثلاثاء الاتصالات لفهم ما آلت إليه اتصالات ولقاءات الرئيس ميقاتي في المملكة العربية السعودية بعدما اعتبرت الأوساط كافة أنها جاءت من دون حسابات مسبقة، وبشكل قد يكون فاجأ الرئيس ميقاتي نفسه، ولتعطي المرحلة المقبلة نكهة جديدة وسط احتمال أن يتقدم ميقاتي بمقاربات جديدة في الكثير مما هو مطروح على مستوى قوانين الانتخاب وملف انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى وغيرها من الملفات الحساسة وصولا إلى الملف الحكومي ولو كان من آخر الملفات المحتمل فتحها.
وذكرت المصادر لـ " العرب اليوم" أن "الرئيس ميقاتي وأوساطه حرصت على إحاطة نتائج لقاءاته في المملكة بجدار كبير من السرية التامة. وهو أي ميقاتي، وإن أجرى اتصالين فور عودته إلى بيروت بالرئيس ميشال سليمان الموجود في موسكو والرئيس نبيه بري في بيروت، فإنه لم يتناول معهما القضايا بالتفصيل بقدر ما قدم عناوين لما جرى بحثه في انتظار مناسبات أخرى".
وفي هذا الإطار لم تحسم المراجع المراقبة عبر "العرب اليوم" عما إذا كان الرئيس سعد الحريري كان في أجواء التطورات السعودية وانقلاباتها المفاجئة، واهتمام هذه القيادة بالرئيس ميقاتي الذي لم يعهدها من قبل. فليس طبيعيا أن تكون هذه اللقاءات قد شملت مختلف "الأجنحة السعودية" من وزير الخارجية سعود الفيصل إلى نائبه نجل الملك عبد الله الأمير عبد العزيز الذي زاره في مقر إقامته وصولا إلى اللقاء الموسع بين ميقاتي وولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز على مرحلتين، الأولى بحضور كامل أعضاء الوفد المرافق لميقاتي ومن بعده الخلوة المطولة بين الرجلين من دون وجود ثالث بينهما.
وكشفت مصادر مطلعة لـ "العرب اليوم" أن "الرئيس ميقاتي بكر في الذهاب إلى الرياض قبل القمة بيوم واحد نتيجة نصيحة وصلته عبر السفير السعودي في بيروت علي عوض العسيري الذي طلب منه إلغاء برنامجه الخاص الذي كان يتضمن زيارة إلى دافوس قبل الرياض، وقد فاجأه وزير الإعلام السعودي عبد العزيز الخوجا الذي كان أول من التقاه هناك باحتمال أن يكون له برنامج حافل مع أركان القيادة السعودية وهو ما تحول لاحقا إلى أمر واقع".
ودعت مصادر واسعة الإطلاع عبر " العرب اليوم" إلى "انتظار النتائج المترتبة على هذه اللقاءات في الأيام المقبلة وعدم التسرع في استنتاجات غير ثابتة ومؤكدة. وشددت على أهمية مراقبة أداء ميقاتي في المرحلة المقبلة لفهم ما آلت اليه وما يمكن ان تبدل في سلوكياته وهو أمر تتوجسه أوساط 8 آذار التي قالت الثلاثاء لـ " العرب اليوم" إنها "لم تكن في أجواء ما حدث، وأنها تنتظر أن تناقش النتائج مع ميقاتي في الساعات المقبلة لفهم الخلفيات والنتائج معًا".
وتوقفت المصادر المطلعة أمام أجواء "النشوة" التي تعيشها أوساط ميقاتي باعتبار أن ما حدث في الرياض كان يحلم به منذ أن دخل إلى السرايا قبل عامين، معتبرة أن مروحة اللقاءات شكلت إنجازًا كبيرًا لم يكن بهذا الحجم في أي حسابات سابقة.
وعلى وقع هذه التطورات تلاحقت الاجتماعات الثلاثاء على مستوى مكونات 14 آذار، وبعد الاجتماع المطول الذي عقد مساء الإثنين بين الرئيس السنيورة والنائب جورج عدوان زار عصر الثلاثاء والوزير السابق محمد شطح معراب، والتقى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لاستكمال البحث في ما ساد علاقات المستقبل والقوات من توتر محدود في أعقاب المواقف من القانون الأرثوذكسي.
وكشفت المصادر عينها أن "بداية هذه اللقاءات كانت في الزيارة التي قام بها الرئيس السنيورة إلى معراب مساء الجمعة الأسبوع الماضي بعد لقائه والرئيس بري وقبله ليل الخميس - الجمعة مع الرئيس أمين الجميل في بكفيا.
ولم تشأ المصادر، الإشارة إلى ما دار في اللقاء، ولكنها لم تنف حصول نوع من "غسل القلوب" على الخفيف وتبادل للتفسيرات في المواقف ومبرراتها.
ومن ناحية أخرى، التقى الرئيس أمين الجميل بوفد نواب زحلة واستعرضوا معا نتائج الاتصالات الجارية وما آلت إليه المساعي من اجل قانون انتخاب جديد. واعتبرت بعض الأوساط اللقاء أنه كان بين الرئيس الجميل ووفد من تيار المستقبل جاء مستكشفًا الأجواء من جديد.