مرسي يطلب عون الجيش لحفظ الأمن
القاهرة ـ أكرم علي
التقى الرئيس المصري محمد مرسي، رئيس حزب الوفد السيد البدوي، عضو جبهة الانقاذ الوطني التي عارضت حوار الرئيس مع المعارضة، فيما بدا أنَّ اختراقًا مهما حققته الرئاسة المصرية للجبهة المعارضة والرافضة للحوار مع مرسي، وهي جبهة تضم معظم قوى المعارضة الرئيسية وتناهض الإعلان الدستوري طالبة
إلغاؤه، كما ترفض مشروع الدستور الجديد، وتدعو إلى سحبه وعدم طرحه للاستفتاء، وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع مشروع دستور متوازن يعبر عن المجتمع المصري كافة، فيما أكد النائب في مجلس الشورى عن حزب الوفد عضو الهيئة البرلمانية صلاح الصايغ أنه إذا ثبت أن رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي ذهب أو سيذهب إلى الرئيس محمد مرسي لإجراء مشاورات معه بشأن الوضع الحالي في البلاد والاستفتاء على الدستور المقرر إجراؤه السبت المقبل، فإنه سيدعو باعتباره عضوًا منتخبًا في اللجنة العليا للحزب إلى عزل البدوي من رئاسة الحزب بسبب خروجه عن الالتزام الحزبي فيما يخص الموقف الذي أعلنه حزب الوفد تجاه مسودة الدستور الجديد والمواقف الأخيرة للرئيس محمد مرسي .
وأضاف الصايغ أن "حزب الوفد هو حزب مؤسسات وليس من حق أي أحد أن يتخذ قرارًا منفردًا من دون التشاور أو الرجوع إلى الهيئة العليا للحزب والتي تضم 50 عضوًا، وأن من حق 20عضوًا من أعضاء الهيئة العليا أن يتقدموا بطلب سحب الثقة عنه إذا ثبت دخوله في مشاورات مع مرسي على اعتبار أن ذلك يضر بالرصيد السياسي للحزب في الشارع المصري" .
وأوضح أنه "على السيد البدوي أن يلتزم بقرارات جبهة الإنقاذ الوطني التي يعتبر الحزب ممثلا فيها بقوة فيما يخص عدم إجراء أي مفاوضات مع مرسي قبل إلغاء الاستفتاء على المسودة النهائية للدستور، ويجب على رئيس الحزب الالتزام بموقف الجبهة فيما يخص الدستور الجديد والإعلان الدستوري الجديد والقديم للرئيس مرسي".
في حين اعترض عدد من أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني على لقاء البدوي ومرسي، وقال أحد الأعضاء "إنَّ البدوي لا يمثل الجبهة وإنَّما يمثل نفسه باعتباره رئيس حزب الوفد الجديد لأنَّنا قاطعنا الحوار مع رئيس يرفض الاستماع إلى مطالبنا".
وقال بيان صحافي للرئاسة المصرية "إنَّ اللقاء - الذي حضره رئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضي - يأتي في إطار استكمال جولات الحوار الوطنى التى بدأت، السبت، وفى إطار العمل على توسيع دائرة المشاركة من قبل القوى السياسية والمجتمعية، وحرصًا على تدعيم الاصطفاف الوطنى، وذلك لتبادل وجهات النظر حول الموضوعات المطروحة على أجندة هذاالحوار، انطلاقًا، مما حققته الجولة الأولى من نتائج تمثلت فى الإعلان الدستورى الجديد الذى اعتمده الرئيس بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
وأضاف بيان الرئاسة أنَّ الاجتماع تناول المبادرة التى أطلقها الرئيس والخاصة بالتوافق حول القضايا الوطنية المُثارة في المرحلة الحالية، وعلى رأسها الاتفاق على تحديد المواد الخلافية فى مشروع دستور ومناقشة التعديلات المقترحة عليها، بالإضافة إلى العمل على تفعيل دور القوى السياسية المختلفة في مجلس الشورى الحالي.
وتابع البيان "إنَّ هذا اللقاء جاء فى إطار التحضير للجولات اللاحقة المُزمع عقدها فى الأيام المقبلة قبل موعد الاستفتاء، والتي تسعى أن تضم جميع التيارات السياسية الوطنية على تنوعها حرصًا على ترسيخ مناخ الحوار والتفاهم في هذه الأيام المهمة من تاريخ الوطن.
من جانبهم واصل المتظاهرون أمام قصر الاتحادية (غرب القاهرة) اعتصامهم لليوم الرابع على التوالي، للمطالبة بإلغاء الاستفتاء على مشروع الدستور، وإعادته للجمعية التأسيسية مع إعادة تشكيلها، فيما استكملت قوات الحرس الجمهورى بمساعدة قوات أخرى تابعة لسلاح المهندسين في الجيش، بناء الجدار العازل في بداية كافة الشوارع المؤدية إلى القصر الرئاسي باستخدام كتل خرسانية وحديدية"، وذلك عشية مليونية دعا إلى تنظيمها المعارضون للرئيس محمد مرسي أمام قصر الرئاسة، تزامنًا مع إعلان الرئاسة المصرية أن اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء طلبت من وزارة الدفاع تأمين إجراءات الاستفتاء على الدستور الجديد.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الدكتور ياسر علي، خلال مؤتمر صحافي في مقر قصر الاتحادية، أنَّ "قرار الضبطية القضائية ومشاركة وزارة الدفاع والقوات المسلحة في تأمين الاستفتاء على الدستور، جاء بناء على طلب من اللجنة العليا للانتخابات التي طالبت بمشاركة الجيش مع الشرطة، كما حدث في الانتخابات السابقة، لضمان وصول المواطن المصري للصندوق في أمان"، مضيفًا أنه "تم وضع قانون وتم التصديق عليه من مجلس الوزراء، لمنح القوات المسلحة حق تأمين عملية الاستفتاء على الدستور، وأن القوات المسلحة كانت حريصة على الخروج بالمجتمع المصري إلى مرحلة الاستقرار، وأنها أكدت على عودتها لدورها الأصلي في حماية الحدود فور الانتهاء من عملية الاستفتاء".
من جهتها، شكلت قوات الحرس الجمهورية، لجان تفتيش على الفتحات الموجودة بالجدران العازلة، تقوم من خلالها بتفتيش المتظاهرين والتعرف على هويتهم لمنع حدوث الاشتباكات، وستقوم القوات بدور إيجابي من خلال منع دخول الخيام والأخشاب وغيرها من الأشياء غير الضرورية للمعتصمين إلى محيط القصر، بالإضافة إلى الحفاظ على أمن المعتصمين هناك، فيما لجأ عشرات المعتصمين إلى خيامهم بعد حلول الساعات الأولى من الإثنين، في حين قام الآخرون بتشكيل حلقات حوارية مع ممثلي الحركات للنقاش حول مواد الدستور الجديد والأزمة الحالية، كما قام آخرون بالالتفاف حول عدد من المتظاهرين قاموا بترديد الأغاني الثورية والأشعار.
وعن احتمالية فض محيط القصر من المتظاهرين، قال أحد القيادات الأمنية لـ"العرب اليوم"، إنه "لا توجد أي نية لإبعاد المتظاهرين مؤيدين كانوا أو معارضين"، مشيرا إلى احترامه التظاهر السلمي الواعي من دون الإتلاف بالممتلكات العامة والخاصة، في الوقت الذي كثفت فيه قوات الأمن من تواجدها على مداخل ومخارج محيط القصر، بعد انتهائها من عمل الجدار العازل حيث تواجدت على مدخلي شارع الميرغني ومدخل شارع الأهرام عدد 6 دبابات و 6 مدرعات، بالإضافة إلى تواجد عدد من الجنود، كما شكلت قوات الحرس لجان تفتيش على الفتحات الموجدة بالجدران العازلة تقوم من خلال بتفتيش المتظاهرين والتعرف على هويتهم لمنع حدوث الاشتباكات.
وقد سادت، الإثنين، حالة من الهدوء محيط قصر الاتحادية، بعد أن تناقصت أعداد المتظاهرين بشكل ملحوظ، حيث يصل عددهم إلى 250 شخصًا على أقصى تقدير، في وقت تعكف فيه عناصر من القوات المسلحة على استكمال بناء جدار حديدي لإغلاق الشوارع كافة المحيطة بالقصر، باستثناء شارع الميرغني الذي لا يزال به سور أسمنتي، وتخلو المنطقة الواقعة خلف الجدار الأسمنتي العازل الذي أقمته القوات المسلحة في شارع الميرغني من أي متظاهر غير أن هناك أعدادًا تقدر بالمئات تمكنوا من الدخول من دون اعتراض إلى شارع الميرغني أمام قصر الاتحادية.
ولا تزال هناك قرابة العشرين خيمة للمعتصمين تم نصبها جميعًا إلى جوار سور نادي هليوبوليس وامتداده، ولم يتم السماح بنصب أي خيام على رصيف سور قصر الاتحادية أو حديقته الخارجية من هذه الناحية، وتخلو الشوارع الأخرى كافة المحيطة بالقصر من المتظاهرين أو المعتصمين، فيما تطوقها جميعًا أسوار حديدية شكلت حواجز لإغلاق الشوارع .
وتتمركز أمام أسوار القصر كافة، من جميع الاتجاهات، أعدادًا من الدبابات والمدرعات التابعة للحرس الجمهوري، وبعض هذه الدبابات موجود داخل القصر خلف بواباته، فيما ينتشر بعض أفراد قوات الأمن المركزي أمام بوابات القصر، وتسمح القوات المتواجدة أمام الأسوار الحديدية أو السور الأسمنتي حتى الآن
بدخول من يريد إلى محيط القصر وأمام أسواره، من دون تفتيش، غير أنه يتم سؤال بعض الأشخاص عن مقصدهم من الدخول إلى المنطقة المحيطة بقصر الاتحادية.
وعلى صعيد آخر، أقام المعتصمون بناحية سور نادي هليوبوليس، كردونًا مربعًا بالقماش، كتبوا على مدخله "متحف الثورة"، يوجد بداخله لوحات ورقية تشير إلى أحداث محمد محمود والعباسية وموقعة الجمل والسفارة الإسرائيلية وأحداث مجلس الوزراء وغيرها من الأحداث التي شهدت اشتباكات تتعلق بـ"ثورة يناير" وما أعقبها، بينما عادت مظاهر الحياة في منطقة روكسي التجارية المحيطة بقصر الاتحادية، إلى طبيعتها، حيث فتحت معظم المحال التجارية أبوابها، بما فيها محلات الملابس والمطاعم بل ومحلات الذهب أبوابها، كما أن المقاهي المتواجدة في منطقة الكوربة جميعها مفتوحة لروادها.
في السياق ذاته، استمر الاعتصام في ميدان التحرير في وسط القاهرة، من دون تغيير، اعتراضًا على الإعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور المقرر له منتصف الشهر الجاري، حيث شهد الميدان مساء الأحد العديد من الحلقات النقاشية التي تركزت على كيفية التصعيد في سبيل عدم إجراء الاستفتاء على الدستور، إلا بعد تعديل نقاط الاعتراض في بعض مواده من أجل بناء دولة مدنية في مصر.
وشهد الاعتصام حلقات نقاشية أخرى، لبحث سبل التعامل مع الاستفتاء على الدستور الجديد، وهل يكون هذا بالمقاطعة أم بالتصويت بـ"لا"، ودعوة الشعب إلى ذلك، في ما رأى معتصمون من وجهة نظرهم - عدم جدوى التعديل الذي جرى في الإعلان الدستوري الجديد الصادر السبت، مؤكدين استمرارهم في الاعتصام حتى تلبية مطالب الشعب، فيما شهد الميدان إذاعة الأغاني الوطنية في المنصة الرئيسة.
من جانبها، قررت جبهة "الإنقاذ الوطني" المصرية في اجتماعها المغلق، الأحد، حشد بكل قوة، للتصويت بـ "لا" في الاستفتاء على الدستور الجديد، والذي سيجرى منتصف الشهر الجاري، وأعلنت خلال المؤتمر الذي تم انعقاده التظاهر في الميادين الثلاثاء المقبل ضد الرئيس والدستور، كما انتقدت بشدة الغلاء ورفع الأسعار التي تشهدها البلاد، فيما أعلن ائتلاف القوى الإسلامية، الذي يضم جماعة "الإخوان المسلمون" و"الدعوة السلفية" والجماعة الإسلامية، وأحزاب "الحرية والعدالة" و"النور" و"البناء والتنمية" و"الأصالة"، تنظيمه مليونيتين الثلاثاء المقبل، أمام مسجدي رابعة العدوية وآل رشدان بمدينة نصر تحت شعار "نعم للشرعية"، على أن تلتقى المليونيتان في موقع واحد يجري تحديده وفقا لمقتضيات الحال، مع استمرار كل الفعاليات الأخرى في جميع المواقع، فيما بدا تحفظ نادي القضاة على أن يتم الحسم بشكل جذري في اجتماع الثلاثاء على الرغم من رفضه مسبقًا للإعلان والدستور
من جهته، عقد رئيس الوزارء المصري هشام قنديل، صباح الإثنين، اجتماعًا ضم ممثلي الوزارات والجهات المعنية بتنظيم الاستفتاء، للوقوف على آخر الاستعدادات والترتيبات، من أجل ضمان نزاهة وشفافية الاستفتاء، وتأمين المقار الانتخابية كافة، فيما قال المتحدث باسم مجلس الوزراء علاء الحديدي، في بيان صحافي، إن "هذا الاجتماع يأتي في إطار الجهود الجارية لتنظيم الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، والمقرر إجراؤه السبت 15 كانون الأول/ديسمبر الجاري" فيما قرر الرئيس محمد مرسي، في الإعلان الدستوري الجديد، أن ميعاد الاستفتاء على الدستور في موعده، حيث يبدأ الأربعاء في الخارج، وفي مصر يتم منتصف الشهر الجاري الموافق السبت المقبل.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية المصرية على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، الإثنين، عن إجراءات التصويت في الاستفتاء على مشروع الدستور بالنسبة للمصريين في الخارج، والذي يبدأ اعتبارًا من الأربعاء وحتى السبت المقبل، حيث شرحت الوزارة خطوات التصويت، والتي سيكون أولها طبع بطاقة الاقتراع من موقع لجنة الانتخابات، وستكون البطاقات متاحة على الموقع قبل بدء الاستفتاء، وثانيًا اختيار بديل واحد إما نعم أو لا مع مراعاة عدم وضع أي علامات أخرى على بطاقة الاقتراع وإلا اعتبر الصوت باطلاً، ثم الخطوة التالية وهي وضع بطاقة الاقتراع في مظروف لا يحتوي على علامات مميزة وإغلاقه بإحكام، مع مراعاة عدم وضع أي علامات على هذا المظروف، ثم طبع إقرار التصويت من موقع اللجنة، وكتابة كود التسجيل الذي حصل عليه المواطن المغترب في الخانة المخصصة، ثم التوقيع على الإقرار.
وأوضحت وزارة الخارجية، أنه "على المواطن وضع مظروف بطاقة الاقتراع المغلق وإقرار التصويت وصورة إثبات الإقامة وصورة بطاقة الرقم القومي أو صورة جواز السفر المميكن في مظروف أكبر، مع كتابة عنوان سفارة أو قنصلية مصر التي سجلت للتصويت من خلالها على المظروف، ثم إرسال المظروف عن طريق البريد المسجل (ويفضل استخدام البريد العاجل) أو التسليم باليد في مقر السفارة"، مشيرة إلى أنه "لن يسمح بتسليم أكثر من مظروف لكل مواطن، ولن تقبل المظاريف التي تضم أكثر من صوت، كما لن تقبل الطرود التي تضم أكثر من مظروف، لأن التصويت الجماعي ممنوع".
ومن المقرر أن يجرى التصويت في 150 بعثة دبلوماسية، تُشكل السفارات المصرية بالخارج، إضافة إلى 11 قنصلية، حيث سيصوت 586 ألف ناخب في الاستفتاء على الدستور الجديد، وهو عدد الناخبين نفسه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخير، حيث يمنع القانون إعادة فتح باب التسجيل بعد إعلان موعد الانتخاب أو الاستفتاء.