رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان
بيروت ـ جورج شاهين
أكد خلال لقائه وفد السفراء العرب المعتمدين في السنغال في أول نشاط دبلوماسي وسياسي له فور وصوله إلى مقر إقامته في "داكار" أن"هذا اللقاء الجامع مناسبة للبقاء على الموقف التضامني في دول الانتشار والاغتراب ولاسيما في أفريقيا حيث محاولات الغزو الصهيوني
التي ترتدي ستار خدمات إنسانية واجتماعية ومحاربة التطرف والإرهاب، وتقديم خبرات، ولكنها في الواقع، محاولة للغزو وأخذ الدور الذي يحتله لبنانيون والعرب في هذه المنطقة."
ودعا سليمان إلى "إنشاء آلية دائمة ومتواصلة لحوار الأديان والثقافات والحضارات في الشرق الأوسط، وتمنى للدول التي تشهد اضطرابات "اعتماد الحوار"، مشددًا على "عدم تأييد العنف لتحقيق المطالب، آملًا في هذا المجال في أن "تهدأ الأمور في سورية البلد الشقيق ويجلس الجميع إلى طاولة الحوار للاتفاق على النظام السياسي الذي ينشدون"، داعيًا الدول العربية إلى "مساعدة السوريين ورعاية أي اتفاق بينهم."
وقال الرئيس سليمان إن "الدول العربية تمرّ بظروف دقيقة"، متمنيًا أن "تسود الديمقراطية فيها وأول بلد يريد هذه الديمقراطية هو لبنان".
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن "إسرائيل وممارساتها غير الديمقراطية تجاه الفلسطينيين من زاوية عدم إعطائهم حقوقهم، ومن جهة تشتيت العائلات وتهويد القدس وإقامة مشاريع سياحية في أماكن مقدسة وتاريخية، يجعل هذه الديمقراطية بعيدة المنال."
وأشار الرئيس سليمان إلى أنه "لا يجوز النظر بمنظارين إلى الديمقراطية في المنطقة، عبر غض النظر عما تقوم به إسرائيل من جهة، ومطالبة العرب باعتماد الديمقراطية من جهة أخرى"، داعيًا المجتمع الدولي بـ "الضغط على إسرائيل لقبول المبادرة العربية للسلام التي أقرت في بيروت، وهي الفرصة الأخيرة"، مؤكدًا أن "الديمقراطية الحقيقية كي تتحقق، تستوجب منح الفلسطينيين حقوقهم، لأنه إذا كان هناك ظلم، لن يكون هناك اعتدال، والاعتدال يترافق مع الديمقراطية، ولكي تعمّ الديمقراطية، يجب إشراك مكونات المجتمعات العربية كلها، بغض النظر عن العدد، في إدارة الشأن السياسي، لأن هذه المكونات تحمل حضارة وتاريخًا وأسهمت في بناء هذه الدول، ومن هنا أهمية النموذج اللبناني، إذ تبدو مشاركة المكونات حاجة للعالم في ظل تطور تقنيات الاتصال والمعلومات والعولمة."
وأضاف رئيس الجمهورية أن "الديمقراطية تستوجب أيضًا إشراك الشباب، وكذلك النساء في القرار السياسي"، مبديًا "سروره للقرار بإشراك 30% من النساء في برلمان الجزائر و20% من النساء في السعودية في هيئة الشورى."
وقال الرئيس سليمان إن "اعتماد الحوار يطبع الشرق الأوسط والدول العربية"، داعيًا إلى إنشاء آلية دائمة ومتواصلة لحوار الأديان والثقافات والحضارات في منطقة، هي مهد الأديان السماوية"، لافتًا إلى إنه "بمثل هذا التوجه، نستطيع الوصول إلى شاطئ الأمان".
وجدد الرئيس سليمان تأكيده وحكومته "سياسة الحياد التي يتبعها لبنان حيال الأوضاع في الدول الأخرى، باستثناء القضية الفلسطينية، وما يجمع عليه العرب والقضايا الإنسانية"، لافتًا إلى أن "لبنان يعاني من ارتدادات الأزمة السورية، إذ يستقبل آلاف النازحين يوميًا، وهو أمر بات يفوق قدرته المادية والبشرية والجغرافية على تقديم المساعدة اللائقة لهم، إذ بات العدد يناهز المليون أي ربع سكان لبنان وتاليًا لا قدرة له على الاستيعاب"، داعيًا إلى "مساعدة الوطن الصغير والمحافظة عليه"، متمنيًا للسفراء العرب "البقاء على هذه الصورة التضامنية وحمّلهم تحياته إلى مسؤولي البلاد التي يمثلونها في السنغال".
وشدد وحكومته على "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصًا على مصلحة لبنان العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي على ما جاء حرفيًا، في البند "12" من إعلان بعبدا".
ومن منطلق حرصه على تحييد لبنان، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي" في هجوم غير مسبوق على مواقف وزير خارجيته عدنان منصور أن ما يحدق بنا، وما يدور حولنا من أحداث محفوفة بالمخاطر، لا تسمح لأي منا أن يبدي رأياً شخصياً، أو يعبر عن موقف نابع من قناعاته أو وجهة نظره السياسية، من شأنه، على الأقل، أن يشكل ثغرة ملتبسة، تسمح للبعض أن يدخل منها للتساؤل والتشكيك، في مصداقية الحكومة ومدى التزامها فعلاً وممارسة تحييد نفسها، وبالتالي لبنان، عن سياسة المحاور التي تعصف في المنطقة والدول العربية". وشدد"على أن أي رأي شخصي يبديه صاحبه لا يلزم الحكومة التي لا تلتزم سوى بسياستها المعلنة والمقررة على هذا الصعيد".
وكان عميد السلك الدبلوماسي في السنغال، سفير قطر قد ألقى في بداية اللقاء كلمة ترحيبية بالرئيس سليمان، مشيدًا بدوره ومتمنيًا له زيارة ناجحة للسنغال.
وكان الرئيس سليمان قد أكد من الجزائر المحطة السريعة التقنية التي كانت له في منتصف الطريق بين بيروت وداكار بهدف الاستراحة أن "الزيارة السريعة التي قام بها الثلاثاء للجزائر، ولقائه مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة والوزراء نظراء أعضاء الوفد اللبناني، هي بنتائجها أكبر بكثير من نتائج زيارات الدول التقليدية"، مؤكدًا أنها "ستكون فاتحة لعلاقة تبادلية بين الجزائر ولبنان" ويأمل في أن "يتمكن لبنان من خلال تطوير هذه العلاقة، أن يستفيد من خبرات الجزائر في استغلالها لثرواتها النفطية وتخطيها مشكلة الدين العام."
وجاء حديث رئيس الجمهورية خلال لقائه رئيس جمهورية الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة الذي استقبله في صالون الشرف في مطار الجزائر، إذ توقفت الطائرة الرئاسية لاستراحة تقنية قصيرة في أثناء رحلتها إلى السنغال".
وكان رئيس الجمهورية وصل والسيدة الأولى والوفد الرسمي المرافق الواحدة بعد ظهر الثلاثاء إلى مطار الجزائر، إذ كان في استقباله الرئيس بوتفليقة، ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة، والوزير الأول عبد المالك سلال، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، والوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، عبد المالك قنايزية ، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح، وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي، ووزراء المالية، والفلاحة والتنمية الريفية، والسياحة والصناعة ،الشباب والرياضة ووزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة.
وبعد وصوله إلى أرض المطار دخل الرئيس سليمان وعقيلته السيدة وفاء برفقة الرئيس بوتفليقة إلى صالون الشرف وسط ثلة من رماحة الحرس الجمهوري، إذ تم استعراض حرس الشرف وعزف النشيدين الوطنيين.
ثم عقد لقاء موسع ضم إلى الرئيسين سليمان وبوتفليقة أعضاء الوفدين الرسميين اللبناني والجزائري، تم في خلاله التطرق إلى العلاقة الثنائية بين لبنان والجزائر وسبل تطويرها وتوسيع آفاق التعاون بين الجانبين، وتبادل الخبرات لاسيما في ما يتعلق بالقطاع النفطي.
ثم تحول اللقاء الموسع إلى لقاء ثنائي بين الرئيسين سليمان وبوتفليقة تم في خلاله التداول بآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والأفريقية، وتأكيد ضرورة تقوية أواصر التعاون في المجالات كافة وتكثيف اللقاءات بين المسؤولين اللبنانيين والجزائريين.
ولبى الرئيس سليمان وعقيلته والوفد المرافق دعوة الرئيس بوتفليقة إلى مأدبة غداء أقامها على شرفه في الجناح الرئاسي في المطار.
وتحدث الرئيس سليمان بعد اللقاء فقال "نتوجه بالشكر الجزيل إلى فخامة الرئيس بوتفليقة على هذا الاستقبال الحار في حضور أركان الدولة الجزائرية، ونحن نعتبر أن هذه الزيارة السريعة هي في نتائجها، أكبر بكثير من الزيارات التقليدية للدول، ومن المؤكد أنها ستكون فاتحة لعلاقة تبادلية بين لبنان والجزائر، واتفقنا في خلال اللقاء على تنظيم جدول للعلاقات بين الوزراء المختصين وهيئات القطاع الخاص في لبنان وفي الجزائر،
ونحن نعبر عن اعتزازنا بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نظرًا لدوره التاريخي في الجامعة العربية وفي الجزائر تحديدًا، وهو الذي قام بإصلاحات دستورية في بلاده تتعلق بقانوني الانتخاب والأحزاب، وأيضًا استطاع أن يؤمن المشاركة للطبقات الاجتماعية كافة".
وأضاف أن "الثلاثاء غداة يوم المرأة العالمي، وعلمنا أن هناك ٣٠٪ من المقاعد في المجلس النيابي للمرأة الجزائرية، وهذا دليل على التقدم".
وقال "استطاع الرئيس الجزائري عن طريق حسن إدارته أن يجعل الجزائر تتخطى مسألة الدين العام، وذلك عبر الإدارة الجيدة لموارد النفط والغاز، ما يعتبر نموذجًا كي يستفيد لبنان منه، ليستغل موارده المتوقعة من النفط والغاز ويديرها بشكل جيد لإيفاء دينه وتأمين مستقبل جيد لأولاده، لكي لا يضطروا إلى مغادرة الوطن والعمل في الخارج، بل يبقوا في وطنهم ويعملوا من أجله،
وأجدد شكري لفخامة الرئيس على هذا الاستقبال الحار".
وكان رئيس الجمهورية وعقيلته السيدة وفاء والوفد المرافق الساعة قد وصلوا السابعة مساء بالتوقيت المحلي إلى العاصمة السنغالية داكار، في زيارة رسمية تستمر يومين.وكان في استقبال الرئيس سليمان وعقيلته على أرض مطار ليوبولد سيدار سينغور، رئيس جمهورية السنغال ماكي سال Macky Sall وعقيلته السيدة مارييم فاي Marieme Faye، ورئيس مجلس النواب، مصطفى نياس، ورئيس مجلس الوزراء عبدول مباي، ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي السيدة أمانيتا تال، ووزير الخارجية مونكور ندياي، ووزير الداخلية، الجنرال باتي سيك، ورئيس المراسم في القصر الجمهوري الوزير برونو دياتا، إضافة إلى سفير لبنان لدى السنغال خليل الهبر وعقيلته، وعدد من السفراء العرب المعتمدين في السنغال، وأعضاء من الجالية اللبنانية وموظفي السفارة.