الرئيس السوري بشار الأسد
لندن ـ سليم كرم
أكد المحللون السياسيون أن موافقة على إرسال وزير الخارجية لإجراء محادثات مع زعيم الائتلاف الوطني "المعارض"، أعطت الأمل بأن يتم التوصل إلى حل للصراع القائم في سورية، وأن ما زاد العنف منذ البداية هي السياسات الداخلية القمعية والمنافسات الجيوسياسية الإقليمية، فعلى المستوى
المحلي اشتعلت الثورة السورية في زخم الربيع العربي، وطالب الثوار بالإصلاح السياسي والكرامة والسيطرة على حياتهم، ولكن كان الرد عنيفًا من حكومة دمشق التي زرعت بذور الحرب الأهلية، وأن الصراع جاء نتيجة لديناميكية القوى الرئيسة في المنطقة، حيث سيحدد التنافس بين إيران و السعودية شكل مستقبل المنطقة، وأن هناك قوى أخرى تستغل الوضع أيضًا مثل روسيا والولايات المتحدة، ولكن سماسرة السلطة في المستقبل سيضطرون إلى معالجة الطفرات الإقليمية الجارية".
وقال المحللون إن "سورية اليوم تم تدميرها من قبل القوى الاستعمارية، وتعتبر ثمرة اتفاق (سايكس بيكو) الذي انعقد في العام 1916، والحرب العالمية الأولى، وجزءًا من التحول في الدينامية الإقليمية هو تعزيز النفوذ الإيراني في العراق نتيجة لإزالة التدخل الأجنبي والحكومة العلمانية في العراق في العام 2003، وهناك الآن روابط أوثق بين البلدين، والتي فتحت الباب أمام عودة النفوذ الشيعي في العراق، وهذا التغيير غير مقبول بالنسبة للسعوديين، ولكن الحرب ليست الحل الوحيد، وإن المرونة الإيرانية في سورية، والمرونة السعودية في العراق يمكن أن توفر وسيلة لنشر نفوذهم من دون المزيد من الصراع، إدراكًا للعبة القوى الإقليمية بين السعودية وإيران، ومن المرجح أن يتم وضع حدًا للحرب الأهلية في سورية من دون أي خيار عسكري، ولكن إذا تم تحقيق ذلك بطريقة سلمية، ستكون هناك حاجة لوساطة من قبل الجهات الفاعلة ذات المصداقية من وراء الكواليس لإشراك كل من إيران والسعودية، ويجب أن تكون أحد الأهداف الرئيسة تجنب مواجهة كبرى بين الرياض وطهران، والتي من شأنها أن تؤدي إلى صدام بين السنة والشيعة على طول نهري دجلة والفرات، كما يجب إجراء عملية تفاوضية منفصلة، بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، ويمكن أن يساعد الدعم الدولي في إعداد الهيكل الجديد، وهو الأمر الذي سيحتاج إليه اللاعبين الإقليميين في نهاية المطاف، كما سنحتاج إلى مستوى ثاني من المفاوضات غير الرسمية بين إيران و السعودية والدول الضامنة الإقليمية".
وتوقع المحللون، أنه "بمجرد إحراز تقدم على هذين الصعيدين، فإن المستوى الثالث من المفاوضات بين السوريين ستكون لديها فرصة أفضل للنجاح، لأنه سيتم إعادة النظر في ضخ الأموال والأسلحة إلى كل من الحكومة والمعارضة، وإذا تم التفاوض على أرضية سورية بحته، سيكون هناك المزيد من فرص النجاح، كما أن عدم وجود دول غير سورية على طاولة المفاوضات سيساعد على تجنب انتشار الصراع خارج الحدود السورية، وهو الأمر الذي يشكل خطرًا حقيقيًا و فوريًا، وأنه كجزء من أي اتفاق في المستقبل، يجب أن تنطوي المصالحة على إعادة توزيع السلطة، بحيث لا تنفرد الأقليات باحتكار حياة الغالبية، فقد كانت واحدة من سمات الاستعمار وإعادة رسم خريطة المنطقة في العام 1916 هو دعم القوة الاستعمارية لقيادة الأقليات المنطقة، ولكن هذا لم يعد مقبولاً ويجب إعادة التوازن الآن عن طريق إعادة رسم الهيكل السياسي لبلاد الشام من قبل سكان المنطقة، وتلك المشاركة في الوساطة بحاجة إلى تشجيع نوعًا مختلفًا من الثقافة، وهي التخلي عن سيطرتها في سورية، في مقابل هيمنتها على العراق كما يجب خلق مفهوم جديد للهوية".