الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية عبد العزيز بلخادم
الجزائر ـ حسين بوصالح
أطاحت حركة "تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني"، بأمينها العام عبد العزيز بلخادم، في اقتراع سريّ، حيث كانت 4 أصوات حاسمة لإسقاط الرجل القويّ وتنحيته بعدما تشبث بالكرسي طويلا رافضا كلّ الضغوط التي مورست عليه سواء من طرف خصومه التقويميين، أو منافسيه من وزراء الجبهة، الذين انقلبوا عليه أخيرًا وطالبوه بالتنحي
، قبل حدوث أي انفجار داخل الحزب العتيد، فيما تمّ التوافق على تأجيل انتخاب الأمين العام الجديد، وإبقاء دورة اللجنة المركزية مفتوحة.
وصوّت 160 عضوا من اللجنة المركزية على سحب الثقة من بلخادم، مقابل 156 صوتوا لتعزيز ثقتهم فيه، مما يوحي أنّ الأمر لم يكن محسومًا مثلما حاول كلّ طرف إيهام الرأي العام أن الغالبية أعضاء اللجنة في صف أو ضد بلخادم، وهذا ما يؤجل اقتراب حلّ أزمة الحزب، فمسقطي بلخادم لا يمثلون الغالبية التي تتيح هامشًا كبيرًا لفرض كلمتها خلال الأيام المقبلة.
وغلبت أجواء التقارب على أعمال الدورة، التي انعقدت، الخميس، في فندق الرياض، في الوقت الذي كان صندوق الاقتراع محط أنظار الجميع باعتباره المارد الذي سيفصح عن نهاية الصراع الطويل بين بلخادم وخصومه، وقد أشرف على الصندوق 4 مسؤولين قضائيين، إضافة إلى لجنة متكونة من ممثلي الجناحين المتصارعين، وشهد مكان إجراء أعمال الدورة حصارًا أمنيًا حقيقيًا على منطقة سيدي فرج غرب الجزائر العاصمة، من طرف قوات الدرك الوطني، وتمّ وضع حاجز أمام تقدّم أنصار بلخادم، الذين جاءوا من بعض الولايات حاملين لافتات المساندة، بينما دخل هو مبتسمًا وسط حراسة مشدّدة، أما حركة "تقويم وتأصيل الجبهة" فقد التقوا في مجموعات صغيرة في أجنحة فندق الرياض،فى الجزائر لإعداد خطّة الإطاحة بخصمهم عبدالعزيز بلخادم، في حين تأخر انطلاق أعمال الدورة إلى حدود منتصف النهار، بسبب تصلب موقف بلخادم ورفضه قبول طلب الخصوم بإشراكهم في عملية التنظيم، قبل أن يتراجع ويوافق على حلّ وسط وهو تشكيل لجنة تصويت تتكون من 4 أعضاء مناصفة بين جناحي الصراع، خنوفة أحمد، طاهر خاوة، شاطر أحمد ومصطفى بوعلاق، الذين جلسوا بالقرب من مكتب القضائيين..
وافتتح الأمين العام عبد العزيز بلخادم الجلسة مبتسمًا محاولاً إظهار هدوئه المعتاد، وسط زغاريد وتصفيقات مؤيديه، الذين اختاروا الجلوس في مقدمة القاعة، بينما فضلّ معارضوه بمن فيهم وزراء الحزب في المؤخرة، وسط أجواء خيّمت عليها التوتر النفسي.
غير أن مصادر مطلعة أكدت أن أوامر فوقية أكدت على ضرورة السير الحسن للجلسة واحترام ديمقراطية الاقتراع والصندوق، باعتبار أن "الجبهة رقم مهم في معادلة التوازنات السياسية، وبالنظر إلى المرحلة الحساسة المقبلة التي تشهد تعديل الدستور وانتخابات الرئاسة عام 2014
وعاش جناحا الصراع داخل الحزب الحاكم لحظات عصيبة قبل انتهاء عملية الفرز وإعلان تفوق التقويمية على بلخادم بفارق 4 أصوات فقط، وتوجّه عدد كبير منهم لمعانقة المناضل عبد الرزاق بوحارة، ورفعوا يده وهتفوا له كأمين عام جديد للحزب، قبل أن يتدخّل محافظ العاصمة، أحمد بومهدي، ليعلن عن رفع الجلسة، والعودة في حدود الساعة السادسة مساء للتوافق على مكتب موقت يدير الحزب لفترة محددة، والإبقاء على الدورة مفتوحة حتى انعقاد اللجنة المركزية مجدّدًا لانتخاب الأمين العام الجديد.
من جهته، صرح بلخادم عقب الهزيمة التي لحقت به، قائلاً "أخرج مرفوع الرأس، لقد انتصرت لأن حزبي انتصر في الانتخابات التشريعية والمحلية، ولأنني ساهمت في تكريس التداول عن طريق الصندوق"، مشيرًا إلى أن تنحيته من على رأس الحزب هي جزء من "سنة الحياة"، داعيًا إلى أن "يكون التداول الطريقة المكرّسة لتسيير الحزب، لأنها تجنّبه الانقلابات والتآمر".
ويبدو من خلال المشهد الذي أعقب نهاية الجلسة، أن القيادي عبد الرزاق بوحارة هو رجل التوافق الذي ستدفع به التقويمية للترشح كأمين عام جديد، فيما أكد بوحارة أنه لن يرفض المسؤولية إذا كانت تكليفًا من مناضلي الحزب وإطاراته، لكنه لن يطلبها لنفسه، مشيرًا إلى أن "هذا التصويت كان انتصارًا للديمقراطية، وانطلاقة جديدة للحزب تنهي مرحلة التعفن والسلوك التعسفي التي ميزت الجبهة خلال السنوات الأخيرة".