المرزوقي في ذكرى رحيل الرئيس بورقيبة
تونس - أزهار الجربوعي
وصف رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي "لائحة سحب الثقة"، التي وقعها أكثر من 70 نائبًا في المجلس الوطني التأسيسي بـ"التهريج"، فيما تحيي تونس، السبت، ذكرى رحيل الرئيس بورقيبة، الذي كشفت وثائق أنه حاول الانتحار في فترة الإقامة الجبرية، التي خضع لها. واعتبر المرزوقي أن الهدف من
"لائحة سحب الثقة" منه هو التشويش على مناقشة قانون العزل السياسي، مؤكدًا أن رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر نفى وصول أي لائحة سحب ثقة إلى رئاسة المجلس الوطني التأسيسي، ومعلنًا رفضه لقانون العزل السياسي، المعروف في تونس بقانون التحصين السياسي للثورة، وأوضح أن تبني مثل هذا القرار في هذه الفترة بالذات من شأنه أن يقع تأويله كرغبة في إقصاء خصوم سياسيين، وقد أثار هذا الموقف استغراب العديد من المراقبين، سيما وأن حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" من أشد المدافعين عن قانون العزل السياسي والمطالبين بتنفيذه.
من جانبه، أكد النائب في التأسيسي التونسي عن حزب "العريضة الشعبية" اسكندر بوعلاق، في تصريح خاص لـ "العرب اليوم" أن "نواب العريضة قرروا التراجع والانسحاب من عريضة سحب الثقة من رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، ردًا على إقدام نواب المعارضة، لاسيما نواب الكتلة الديمقراطية، على رفض قانون منع التنقل بين الأحزاب والكتل البرلمانية، الذي يقضي بعزل النواب الذين غيروا أحزابهم وكتلهم النيابية بعد الانتخابات التشريعية، وفق نص قانوني دستوري"، موضحًا أن "لجنة السلطة التنفيذية والتشريعية والعلاقة بينهما في المجلس التأسيسي قد أقرت قانونًا يجرم تغيير النواب لأحزابهم، ويفقدهم بصفة آلية مقاعدهم في البرلمان"، مشيرًا إلى أنهم "تفاجؤا بتصويت نواب الكتلة الديمقراطية ضد القانون، وإقرارهم بحرية النائب في الانتقال بين الأحزاب، وهو ما رأينا فيه ، هدرًا لمئات الآف من أصوات الناخبين، واستباحة لإرادة الشعب التونسي ومتاجرة بها، وأن الكتلة الديمقراطية رفضت مشروع القانون، لأنها أكثر المستفيدين من ظاهرة الاستقالات الحزبية، والانشقاقات النيابية، التي ساهمت في ارتفاع عدد أعضائها إلى 36، على حساب الأحزاب الأخرى".
وأضاف النائب التونسي عن حزب "العريضة الشعبية"، الذي يتزعمه المعارض الهاشمي الحامدي، أن "الرئيس منصف المرزوقي ارتكب أخطاءًا كبيرة في حق التونسيين، إلا أنه رغم مساوئه فهو أقل سوءًا من المعارضة، لذلك قررنا الانسحاب من العريضة الموقعة ضد المرزوقي، واخترنا أقل الخطرين وأهون الشرين، والمرزوقي ليس في حاجة إلى عريضة لسحب الثقة منه، لأنه راحل بعد انقضاء مدته المتبقية في الرئاسة، والتي لن تتجاوز السبعة أشهر"، معتبرًا أن حظوظ الرئيس المرزوقي وحزبه "المؤتمر من أجل الجمهورية" انتهت، لأن الشعب سحب منهم الثقة منذ مدة طويلة.
في سياق منفصل، تحيي تونس، السبت، الذكرى الثالثة عشرة لرحيل الرئيس الحبيب بورقيبة، وقد زار رئيس الجمهورية مرقد الزعيم الحبيب بورقيبة في محافظة المنستير وسط البلاد، رفقة وزير الدفاع رشيد الصباغ، ورئيس الأركان الفريق أول رشيد عمار، ووضع إكليلاً من الزهور على ضريح الزعيم، وتلا فاتحة الكتاب ترحمًا على روحه.
وقال المرزوقي "لولا بورقيبة لما درست، ولما صرت طبيبًا، ثم رئيسا لتونس"، مشيدًا بدور بورقيبة في تحقيق الاستقلال التونسي عن المستعمر الفرنسي سنة 1956، ومتهمًا البعض من أحزاب المعارضة التونسية، الذين يعلنون تبنيهم للخط السياسي البورقيبي/ باستغلال اسم وانجازات الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، مشددًا على أنهم "تنكروا له حين كان يعيش أوضاعًا صعبة، قيد الإقامة الجبرية، زمن حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي انقلب على الحكم سنة 1987"، معتبرًا أن "بن علي هو أكبر الخطايا والمصائب التي جلبها بورقيبة لتونس".
وفي سياق متصل، انتقل رئيس الجمهورية التونسية المنصف المرزوقي إلى قصر "صقانص" في مدينة المنستير، حيث دشن متحف "بيت بورقيبة"، في حضور كل من مهدي مبروك وزير الثقافة، وجمال قمرة وزير السياحة، واطلع على مكونات هذا المتحف، الذي تم انجازه بشراكة بين رئاسة الجمهورية ووزارة الثقافة، وتم تأثيثه بهدايا ومقتنيات ومتعلقات شخصية للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، مشددًا على أهمية تحويل قصر "صقانص" إلى متحف، ومركز توثيق وأبحاث ومحاضرات، تؤرخ للفترة البورقيبية، ولجزء من تاريخ وذاكرة الحركة الوطنية، مؤكدًا أن "تدشين متحف بورقيبة يكتسي رمزية، تعيد الاعتبار لزعيم ساهم في تحقيق الاستقلال وبناء الدولة الحديثة، وترفع عنه الحيف والظلم، الذي سُلط عليه خلال فترة حكم المخلوع، الذي حاول طمس إسهاماته، وتغيّيب دوره في تاريخ تونس المعاصر".
وكشفت وثائق سرية عن أن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة كان قد حاول الانتحار في مناسبات عدة، وذلك خلال الفترة التي قضاها في الإقامة الجبرية، بعد أن تم إبعاده عن الحكم، عقب الانقلاب الأبيض، الذي نفذه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي سنة 1987، حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عدنان منصر أنه سيضع هذه الوثائق في قصر "صقانص"، مشيرًا إلى أن "تلك الوثائق بالإضافة إلى رسائل عدة، كتبها بورقيبة بخط يده، قد تم الشروع في طباعتها ضمن كتاب سيحمل اسم (الكتاب الأبيض)،
من جهته، صرح رئيس حزب "حركة النهضة الإسلامية" الحاكم راشد الغنوشي بأن "الإسلاميين لن يكرروا أخطاء البورقبيين في الحكم"، مشيرا إلى أن "خلافه مع الحبيب بورقيبة ليس خلافًا شخصيًا"، مُبينًا أن "الإسلاميين لا ينكرون دولة الاستقلال، وإنما يقيمونها من منظور نقدي، لا يفصل بين المحاسبة والمصالحة