طهران ـ مهدي موسوي مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة في إيران المقرر لها حزيران / يونيو المقبل، قامت السلطات الإيرانية بزيادة أنشطة الرقابة السياسية حيث ألزمت أصحاب المقاهي بتركيب كاميرات داخل كل مقهى لرصد حركة ونشاط رواد المقهى وتسليم تسجيلات ذلك عند الطلب.وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية أن مثل هذه الكاميرات قد تزايدت في مقاهي العاصمة طهران منذ الصيف الماضي. ويقول أحد سكان العاصمة "أغلب الناس كانوا يعتقدون بأن هذه الكاميرات قام أصحاب المقاهي بتركيبها كنظام أمني لحمايتهم من السرقة".
وتنسب الصحيفة إلى عدد من اصحاب المقاهي قولهم أن السلطات تطلب تشغيل هذه الكاميرات خلال ساعات العمل والسماح لأجهزة الشرطة بالإطلاع على تسجيلاتها.  
وقد بدأ العمل بهذا النظام عندما اضطر أصحاب مقهى باراغو الشهير في طهران إلى إغلاق المقهى خلال الأسبوع الماضي بعد أن رفضوا الانصياع إلى أوامر السلطات بتركيب كاميرات فيديو. يذكر أن أكثر رواد كافيه باراغو منذ افتتاحه عام 2009، والذي يقع على مرمى حجر من جامعة طهران بقلب العاصمة، هم من الطلبة والنشطاء وشباب المفكرين.
وقبل أسابيع قليلة طلبت الشرطة الدينية والسلطات الأمنية في طهران من أصحاب المقهى تركيب ما لا يقل عن أربعة كاميرات مراقبة لرصد كافة أرجاء المكان في إطار جهود الدولة لتشديد الرقابة والأمنية. إلا أن أصحاب المقهى رفضوا القيام بذلك، كما قاموا كذلك بإغلاق المقهى من تلقاء أنفسهم احتجاجًا على الإجراءات الرقابية الجديدة، وإدراكًا منهم بأن عدم تنفيذ الأوامر سوف يعرضهم لمزيد من التحرشات الأمنية والإغلاق في نهاية المطاف.
وقال أصحاب المقهي في بيان نشر على صفحته على الفيس بوك "كنا نعرف دائمًا بأن هذا اليوم سوف يأتي، وأن نهايتنا في عز شتاء طهران قد حانت على الرغم من محاولاتنا في البقاء. وعلى الرغم من شعورنا بالألم وافتقادنا لأصدقائنا وكل من وقفوا بجانبنا على مدى السنوات الأربع الماضية ، فإننا نشعر بالارتياح لأننا لم نسمح لعيون الديكتاتور بمراقبة وتسجيل كل خطواتنا ولحظاتنا وذكرياتنا من الفجر وحتى المساء".
وتقول الصحيفة أن إغلاق المقهى يعد بمثابة خسارة فادحة للحياة الأكاديمية والثقافية في طهران، وخلال الفترة القصيرة من عمره استطاع المقهى أن يكون أكثر من مجرد مقهى حيث كان يستضيف عدد من الندوات السياسية والاجتماعية وتوفير خدمات التواصل مع شبكة الإنترنت مجانًا ودعم الفنانين المحليين واستضافة معارض الصور والحفلات الموسيقية والمناقشات اليسارية عن حقوق العمال.
ويقول أمير حسين ويعمل مصور فوتوغرافي أنه عاش أربع سنوات حافلة بالذكريات في المقهى الذي لم يكن مجرد مقهى وإنَّما كان أشبه بمسكنه الذي يعيش فيه وكان بمثابة الملاذ الآمن الذي ينسى المرء فيه متابعه وأعبائه اليومية".
وتشير الصحيفة إلى أنه ومنذ القرن التاسع الميلادي كانت المقاهي بمثابة الأماكن التي تستضيف الشعراء والفنانين والدراويش دون خوف من تحرش السلطات بهم. وفي العصر الحديث وقبل ما يقرب من 85 عاما كان مقهى ناديري اشبه بكافية دي فلور وكافية ليدو ماغوت في باريس حيث كان بمثابة منطقة الجذب للنخبة المفكرة في إيران وعلى مدى عشرات السنوات ظل يرتاد هذا المقهى أبرز الشخصيات الأدبية أمثال صادق هدايات وجلال الأحمد وسيمين دانيشفار ونيما يوشيج.
وفي أعقاب ثورة 1979 قامت الحكومة الإيرانية بإغلاق العديد من المقاهي واصفة إياها بأنها من أنقاض الثقافية الغربية، وفي السنوات الأخيرة قام عدد من المحافظين من رجال الدين والسياسة بتبني موقفا أكثر تشددا من الثقافة الغربية ومحاولة إضفاء الطابع الإسلامي على مناهج الفنون الليبرالية بالجامعات وإغلاق المرافق التي تسهل من عملية التواصل الاجتماعي. وخلال شهر يوليو تموز الماضي قامت السلطات بالإغارة على ما يزيد عن 87 مقهى ومطعم في أحد أحياء العاصمة بحجة أنها تمثل تحديا للقيم الإسلامية. يذكر أن معظم من يرتاد تلك المقاهي هم من صغار الشباب والعشاق في مطلع حياتهم كما يقيم فيها طلاب الجامعات حفلات عيد الميلاد.
ويقول أحد المراقبين إن قرار السلطات الإيرانية الأخير بتركيب كاميرات في المقاهي  يأتي في الوقت الذي يتزايد فيه عدد رواد المقاهي الذين يرغبون في مناقشة الأوضاع السياسية وهي ظاهرة لا تحبذها الحكومة الإيرانية.