بغداد – نجلاء الطائي
بالتزامن مع التقدم الكبير للقوات العراقية على جبهات القتال في محافظة الأنبار، والإعلان عن إحباط العديد من الهجمات بالسيارات المفخخة في بغداد وديالى، أعلنت الحكومة العراقية أن بلادها أنشأت مركزًا لجمع المعلومات الاستخباراتية مع إطراف دولية فاعلة للتصدي لتنظيمات المتطرفة.
ويتكون هذا التحالف الرباعي كل من العراق وإيران وسورية وروسيا التي لم تكتف في التدخل العسكري المباشر في سورية فقط ، وإنما امتد ليشمل العراق.
حيث أكدت بغداد رسميًا وعلى لسان رئيس وزرائها حيدر العبادي وجود تنسيق عسكري روسي عراقي إيراني سوري، للقضاء على تنظيم "داعش"، ليكتمل بذلك تنسيق الحلف الروسي الإيراني السوري العراقي على شتى المستويات السياسية والعسكرية.
وأشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في حديث صحفي سابقًا عن سعيه إلى وضع ما وصفه بـ "إطار منسق مع الشركاء لمحاربة تنظيم "داعش" في العراق وسورية"، مضيفًا: "اقترحنا التعاون مع دول المنطقة، والآن نحاول وضع نوع من الإطار المنسق".
وفي ظل تفاوت التأويلات حول التمدّد الروسي نحو العراق والغطاء الأميركي له، بعد التدخل المباشر في سورية، يرى مراقبون أنه يأتي كنوع من المساومة مع الأميركيين على الملف السوري، وبهدف إنقاذ رئيس النظام السوري بشار الأسد.
من جهته، كشف مصدر عسكري رفيع ، فضل عدم نشر اسمه، لـ "العرب اليوم " تفاصيل التنسيق الروسي العراقي الإيراني السوري لقتال "المتطرفين "، مؤكّدًا في الوقت نفسه أنّه تنسيق استخباري فقط، ولا يزال في مراحله الأولى.
ويوضح المصدر العسكري ، أنّ عددًا من القياديين العسكريين الروس وصل بغداد وعقدوا اجتماعات مكثفة منتصف الشهر الحالي مع عدد من الضباط والمسؤولين في الحكومة العراقية ،إضافة إلى قوات الباسيج الإيرانية وعناصر استخبارات سورية ، معلنين تأسيس غرفة معلومات مشتركة، تقع داخل مقرّ استخبارات وزارة الدفاع العراقية.
ووفقًا للمصدر نفسه، أن الاجتماع نتج عنه توصيات "ايجابية" ،مما توجب استدعاء ضباط روس آخرين وعقدوا لقاءات واجتماعات مختلفة مع قيادات عراقية، ليس من بينها رئيس الوزراء وغادروا بعد يومين.
وأكد المصدر أنّ الروس التقوا بعدد من القيادات والأحزاب المتمكنة في السلطة الحاكمة ،لافتًا إلى تواجدهم في المنطقة الخضراء.
ويرى المصدر العسكري أن الإعلان عن هذا الحلف أو التنسيق جاء مبالغًا به بشكل متعمد من قبل روسيا وإيران، وأن رئيس الوزراء العبادي لم يكن على علم بالإعلان المفاجئ لقيادة العمليات المشتركة العراقية، كما لم تتم استشارته بشأن البيان الصادر بهذا الخصوص على الإطلاق، لكنه قد يعلق عليه كي لا يقال إنه فاقد السيطرة.
وأشار المصدر نفسه إلى أن التنسيق الاستخباري والدعم الروسي العسكري للعراق بدأ بالفعل وهناك تنسيق معلوماتي استخباري جديد، بالتزامن مع الجسر الجوي الروسي فوق العراق المتجه لدمشق.
وأوضح المصدر ذاته وجود خلاف حاد داخل دوائر صنع القرار العراقية بسبب هذا التحالف، مشيرًا إلى أن العبادي كان أقل من أن يرفضه.
وكانت قيادة العمليات المشتركة في العراق، والتي تضم الجيش العراقي والشرطة، فضلاً عما يعرف بمليشيات "الحشد الشعبي"، قد أعلنت في بيان رسمي عن وجود تعاون أمني واستخباري مع روسيا وإيران وسورية في العاصمة بغداد للقضاء على المتطرفين.
وقال البيان إنّ "العراق شكل خلال الأشهر الماضية لجانًا عدة، للتعاون في المجالين الأمني ولاستخباراتي مع دول أعربت عن استعدادها للتعاون مع العراق في محاربة التطرف، وتخشى من تمدّد المتطرفين بشكل أكبر في العراق.
وأضافت قيادة العمليات، أن "هذا التعاون يكون أحيانًا مع دول منفردة، ومع دول مجتمعة وأحيانًا أخرى، فهناك تعاون أمني استخباري عسكري مع التحالف الدولي، والذي يضم 60 دولة تقف مع العراق في محاربة المتطرفين ،مبينةً أن "هناك تعاونًا أمنيًا واستخباريًا مع دول منفردة، منها الأردن وتركيا ومصر وألمانيا وفرنسا، وهي مهتمة بالتعاون مع العراق استخباريًا وأمنيًا في مواجهة المتطرفين وتهديده لهذه الدول ولكل المنطقة".
وتابعت قيادة العمليات أنه تم الاتفاق على تعاون استخباري وأمني في بغداد مع كل من روسيا وإيران وسورية، للمساعدة والمشاركة في جمع المعلومات عن تنظيم المتطرف .
وأثار هذا الإعلان حفيظة قوى سنية وكردية عراقية، فضلاً عن قوى مدنية مستقلة كالحزب الشيوعي والتيار المدني والكتلة المسيحية في البرلمان، معتبرين أنه تحالف طائفي واضح يؤجج للمزيد من العنف في البلاد والمنطقة.
ووفقًا للقيادي في اتحاد القوى العراقية، علي المتوتي ، فإن التحالف غير مهم ولا يشكل خطورة كبيرة .
وقال المتوتي، في تصريح لـ" العرب اليوم " إننا مع جميع الجهود التي تبذل في محاربة المتطرفين، بشرط أن تكون هذه الجهود حقيقية"، مضيفًا: "لا أظن أن هذا التحالف الجديد سيكون أكثر تأثيرًا من التحالف الدولي".
ويرى عضو اللجنة الأمنية النيابية أن الاتفاق الرباعي يصب لمصلحة بعض الجهات السياسية المعروفة في البلاد.
وأضاف أن "الاتفاق الرباعي العراقي السوري الإيراني الروسي يصب لمصلحة المكون الشيعي في العراق".
واسترسل القيادي في اتحاد القوى الوطنية للمكون السّني أن إعلان هذا التحالف في هذا الوقت بالذات هو مجرد للضغط على واشنطن من أجل الملف السوري، مبينًا أن روسيا تعلم أن واشنطن لن تترك العراق لأي سبب كان .
بدوره يرجح الخبير القانون طارق حرب ، الاثنين ، دخول الحلف الأطلسي (الناتو) إلى المركز ألمعلوماتي للدول في العاصمة بغداد.
وأفاد حرب في بيان تلقت " العرب اليوم "نسخة منه بأن ما حصل خلال الأسبوع الأخير من شهر أيلول 2015 من إنشاء هيئة تنسيقي أو لجنة تتولى تنسيق الشؤون الأمنية والعسكرية والتعاون ما بين العراق وروسيا وإيران وسورية، لغرض دعم الحرب ضد التنظيمات المتطرفة، واتخاذ العراق مقرًا لهذه الهيئة لا يحتاج إلى موافقة البرلمان أو حتى العرض على البرلمان.
وأضاف أن هذه الأمور من القضايا التي تدخل في اختصاص القائد العام للقوات المسلحة الواردة في المادة 78 من الدستور طالما أنها مسائل تتعلق بالقوات المسلحة أولًا، وأن البروتوكول أو مذكرة التفاهم التي نظمت هذه الأمور بين هذه الدول لا تعتبر معاهدة أو اتفاقية بالشكل الذي حدده قانون المعاهدات رقم 111 لعام 1979 وبالشكل المحدد أيضًا في المادة 61 / رابعًا من الدستور الذي منح مجلس النواب صلاحية خاصة بالنسبة للاتفاقيات والمعاهدات وليس مذكرات التفاهم أو البروتوكولات التي تعقد بين وزارات من دولة ووزارات من دولة أخرى.
وفي الشأن ذاته أكد ألعبادي في كلمة مسجلة قبيل توجهه إلى مدينة نيويورك، الاثنين، إنشاء لجان استخبارية عدة مع دول إقليمية وأوربية تضم روسيا وسورية وإيران والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لجمع المعلومات الاستخباراتية عن التنظيم المتطرف والتخلص من خطره على بلادنا وبلدان العالم اجمع.
وقال إن "هناك اهتمامًا من روسيا الاتحادية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بما يخص التصدي لـ"لمتطرفين" وقد رحبنا بهذا الاهتمام من خلال الخلية الاستخباراتية التي تشترك بها مع باقي الإطراف الدولية الأخرى".