مجلس الحكماء التونسي
تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلن رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، مساء الأربعاء، تكوين "مجلس حكماء" استشاري محايد للاستعانة به في تشكيل حكومته الجديدة التي تعتمد على "تكنوقراط" مستقلين عن أي فصيل حزبي وملزمين بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، وقد اعتبر حزب العريضة الشعبية المعارضة حضور قائد
الجيوش التونسية الفريق الأول، رشيد عمار في مداولات "مجلس حكماء تونس"، يمكن أن يكون مبادرة انقلاب"، يأتي ذلك فيما أعلنت أغلب قوى المعارضة في تونس "دعم حكومة الجبالي الجديدة"، لكن زعيم حركة النهضة صاحبة الغالبية الحاكمة، رفضها، ملوحًا بالانسحاب نهائيًا من الحكم .
وأعلن رئيس الحكومة التونسية تشكيل "مجلس حكماء تونس" الذي يضم عددًا من الشخصيات الوطنية المتخصصة والمشهود بكفاءاتها في مجالات متعددة، وسيعمل "مجلس حكماء تونس" على تقديم الاستشارة لرئيس الحكومة حمادي الجبالي في ما يتعلق بتشكيل حكومته الجديدة التي تعتمد أساسًا على "تكنوقراط" محايدين لتسيير ماتبقى من المرحلة الإنتقالية الحالية والإعداد للانتخابات المقبلة.
وتضم قائمة "حكماء تونس"حسب بيان رئاسة الحكومة التونسية، الذي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، مصطفى الفيلالى، عبد الجليل التميمى، عياض بن عاشور، فتحي التوزري، حميدة النيفر، صلاح الدين الجورشي، قيس سعيد، حمودة بن سلامة، بن عيسى الدمني، منصور معلي،عبد الفتاح مورو(نائب رئيس حركة النهضة) هشام جعيط وأبو يعرب المرزوقي.
وردًا على انتقادات بعض أطراف المعارضة التي اعتبرت مجلس الحكماء انقلابًا على الدولة وعلى المجلس التأسيسي(البرلمان) لاسيما وأن قائد اركان الجيوش الثلاثة الفريق أول، رشيد عمار كان حاضرًا في اجتماعاته، شددت رئاسة الحكومة التونسية على أن "مجلس الحكماء ذو طبيعة استشارية، ويهدف إلى تقدير المواقف المناسبة وتقديم المشورة والنصح لرئيس الحكومة في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد، من دون أن يكون هذا المجلس بديلا لأي هيئة أو مؤسسة وطنية أو موازيًا لأعمالها".
من جانبه، أكد وزير الثقافة التونسي، مهدي مبروك الذي شارك في اجتماعات مجلس الحكماء بإشراف رئيس الحكومة حمادي الجبالي، أن "حكماء تونس" ارتأوا أن لا تكون مبادرة الجبالي بتشكيل حكومة "تكنوقراط"معزولة، واقترحوا ضرورة أن تكون مرفوقة بعدد من الإجراءات أهمها، "التشاور وتحصينها بالقبول والشرعية من خلال الإسناد السياسي من طرف النخب السياسية والثقافية والاجتماعية والحزبية، بما فيها أحزاب الترويكا" (النهضة، التكتل،المؤتمر).
وأكد مهدي مبروك أن "الشخصيات الحاضرة كلها في مجلس الحكماء أجمعوا على "ضرورة تحديد رزنامة سياسية واضحة ونهائية لضبط تاريخ الانتخابات المقبلة وتحديد تاريخ لإنهاء صياغة الدستور".
وقد استنكر حزب العريضة الشعبية الذي يتزعمه المعارض التونسي الهاشمي الحامدي،الأربعاء، "حضور قائد أركان الجيوش الثلاثة التونسية، الفريق أول رشيد عمار بالزي الرسمي في مجلس الحكماء"، معتبرًا أن ذلك "يمكن أن يكون بادرة لعملية انقلاب"، حسب ما أكده رئيس كتلة العريضة في المجلس الوطني التأسيسي ،محمد الحامدي".
ونقل أعضاء حزب العريضة "استنكارهم لرئاسة الجمهورية التونسية خلال اللقاء الذي جمعهم، مساء الأربعاء، بالرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي".
وأكد محمد الحامدي "رفض العريضة الشعبية لبقاء حمادي الجبالي على رأس الحكومة المزمع تكوينها، باعتباره فشل مع فريقه الوزاري في توفير الأمن وإدارة المرحلة الانتقالية، على حد قوله".
على صعيد أخر، أعلنت غالبية قوى المعارضة التونسية "دعمها لمبادرة رئيس الحكومة التونسية بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط محايدة عن الأحزاب السياسية"، إذ أكد القيادي في الحزب الجمهوري، عصام الشابي ،الأربعاء، "تأييد الجمهوري وبصفة رسمية لمبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي بتكوين حكومة كفاءات وطنية "تكنوقراط"، خلال ندوة صحافية عقدها الحزب".
ودعا الشابي الأحزاب كلها لمساندة قرار رئيس الحكومة"، كما دعا إلى "حوار توافقي حول مهام الحكومة الجديدة".وقال الشابي إن" الوضع الراهن للبلاد يتطلب حكومة كفاءات غير متحزبة وغير معنية بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة تتولى قيادة البلاد وفق رؤية وتصور يتم التوافق الوطني حوله".
من جانبه، أعلن المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل(كبرى المنظمات النقابية) سامي الطاهري عن "دعم الاتحاد وموافقته على مبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي بشرط حل لجان حماية الثورة".
وخلافًا لحزب الرئيس المنصف المرزوقي، المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي رفض حكومة التكنوقراط ، قرر الشريك الثاني لحركة النهضة في ائتلاف الترويكا الحاكم، حزب التكتل "مساندة مقترح رئيس الحكومة حمادي الجبالي بتكوين حكومة كفاءات وطنية".
وأوضح زعيم التكتل ورئيس المجلس التأسيسي التونسي، مصطفى بن جعفر أن "مساندة حزبه للمقترح الذي تقدم به رئيس الحكومة من أجل تعاقد سياسي جديد، ومن أجل تعديل وزاري على قاعدة التكنوقراط، يمثل امتدادًا لطرح التكتل في النأي بوزارات السيادة بعيدًا عن التجاذبات الحزبية".
كما دعا رئيس المجلس الوطني التأسيسي والأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر، "حركة النهضة والأطراف السياسية كلها إلى مساندة مبادرة حمادي الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية". وقال بن جعفر " متأكد من أن المصلحة الوطنية هي التي ستعلو لدى قيادات النهضة ".
من جهته، أعلن حزب المجد رسميًا "مساندته لقرار رئيس الحكومة حمادي الجبالي بتكوين حكومة كفاءات وطنية، إذ وصف رئيسه عبد الوهاب الهاني، مبادرة الجبالي بـ"الرصينة"، داعيًا الأحزاب والمنظمات الوطنية كلها إلى "مساندة مبادرة رئيس الحكومة".
وفي سياق متصل، أعرب القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الذي تعرض أمينه العام شكري بلعيد إلى الاغتيال الأربعاء الماضي)،زياد لخضر عن "استعداد الحزب للتعاطي مع مبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي بتكوين حكومة كفاءات وطنية لكن بشروط". وأوضح زياد لخضر أن "هذه الشروط اقتصادية واجتماعية وسياسية، ستعمل على تهدئة الوضع، على حد تعبيره". مشددًا في الآن نفسه على أن "من أبرز الشروط ستكون ضرورة الكشف عن حقيقة اغتيال "شكري بلعيد".
وعلى الرغم من الدعم الكبير الذي حظي به قرار رئيس الحكومة التونسية من قبل المعارضة، لكن حزبه(النهضة) مازال يرفض حكومة التكنوقراط، إذ أكد القيادي في حركة النهضة وزير الصحة، عبد اللطيف مكي ،الأربعاء، "إصرار الحركة على تكوين حكومة مختلطة تجمع بين تكنوقراط وسياسيين"،لافتا إلى "فشل حكومة الباجي قايد السبسي السابقة، كتجربة لحكومة تكنوقراط"، مبينًا أن "النقاش السائد حاليًا يتم حول مقترح الجبالي مع مراعاة "منطق المصلحة الوطنية والإستراتيجية والثورية"، على حد تعبيره".
من جهته توقع زعيم حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، أن "يُشكل رئيس الحكومـة حمادي الجبالي حكومة ائتلافية في تونس هذا الاسبوع، تضم سياسيين إلى جانب كفاءات"، مشددا على "رفض حزبه لمبادرة أمينه العام ورئيس الحكومة، حمادي الجبالي القاضية بتشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة".
ولم يستبعد الغنوشي "فرضية خروج النهضة من الحكم نهائيًا، إذا أصر الجبالي على حكومة تكنوقراط غير سياسية".إلا أن أقوى خصوم النهضة السياسيين ورئيس الحكومة الأسبق، الباجي القائد السبسي رأى أن "النهضــة غير مستعدة للخروج من الحكــــم"، مشددًا على أن "الحركـــة ستصل الى توافق مع أمينها العام ورئيس الحكومة حمادي الجبالي".
من جانبه، أكـــدَ القيادي في حركــة وفاء، سليم بوخذير أن "الحل يكمن فى تشكيل حكومــة سياسية تتقيد بتحقيق أهداف الثورة".
واعتبر سليم بوخذير "مبادرة حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط "بعيدة كل البعد عن استحقاق المرحلــة الانتقالية"، وأضاف "تونس الآن تواجه أزمـــة سياسية، لن يستطيع حلها إلا السياسيون أنفسهم ".
ويرى مراقبون أن "رئيس الحكومة التونسية والأمين العام لحزب النهضة الإسلامي، حمادي الجبالي "استطاع قلب الموازين بعد أن نالت مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط، دعم غالبية قوى المعارضة التي أشادت بموقفه واعتبرته "رجل الدولة الأول بامتياز"، الذي نجح في التخلص من جلباب حزبه وتغيب مصلحة البلاد على جميع الاعتبارات السياسية والانتخابية، مقابل رفض حزبه (النهضة) لهذا المقترح وهو ما بشر ببوادر انشقاق وتصدع داخل الحزب الحاكم في تونس، إلا أن مصادر مطلعة كشفت لـ"العرب اليوم" أن "النهضة لن تتخلى عن أمينها العام حمادي الجبالي، ولن تترك الباب مفتوحًا أمام خصومها السياسيين للتمتع بنبأ انفراط عقدها".