الرباط – رضوان مبشور مثل الأربعاء أمام أنظار البرلمان المغربي من أجل مساءلته بشأن السياسة العامة لحكومته، وخصصت الجلسة للتطرق لموضوع "الإدارة المغربية والتحديات في خدمة المواطن والمقاولة"، وهي الجلسة التي غابت عنها أحزاب المعارضة، لسبب مشكل اقتسام التوقيت، وحضرت فقط الأحزاب الأربعة المشكلة للأغلبية الحاكمة.
  وأكد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في معرض كلمته، أن أداء الإدارة المغربية غير مرضٍ لحدود الساعة، حيث فرض على الحكومة منذ تنصيبها أن تعمل على "إعادة الثقة" بين المواطن والإدارة، وبين المواطن والمستثمر، مؤكدا أن وزارة الوظيفة العمومية شرعت في برامج عدة لتحسين عمل الإدارة وعلى رأسها "الإدارة الإلكترونية"، حيث سيتم بموجبها تسهيل التواصل والتعامل ومحاربة الرشوة، ويتسنى للمواطن طلب وثائق بطريقة إلكترونية، وتسلمها بطريقة إلكترونية أيضا، والشيء نفسه بالنسبة للمستثمرين.
   وأشار رئيس فريق "الاستقلال" عبد الواحد الأنصاري إلى أن أجور الموظفين داخل الإدارة المغربية تستنزف أكثر من 13 في المائة من ميزانية الدولة، و"هذا رقم كبير جداً إذا ما قارناه ببعض الدول المجاورة، بحيث أن تونس تخصص لموظفيها 7 في المائة من ميزانيتها العامة، بينما في مصر تشكل هذه النسبة 8 في المائة فقط"، منبها أيضاً إلى أن "الإدارة المغربية تعرف خللاً في توزيع الموارد البشرية، بحيث أن 37 في المائة من موظفي الدولة يتمركزون في محور الدار البيضاء والرباط والقنيطرة".
   وأشاد رئيس الفريق الحركي في مجلس النواب محمد مبيدع بالقرار الذي اتخذته الحكومة والقاضي بخصم مبالغ مالية للمضربين عن العمل، مؤكدا أن هذا القرار ساهم في تقليص عدد أيام الإضراب وحسن صورة الإدارة لدى المواطن، مشيدا في الوقت نفسه بقرار الحكومة القاضي ب "التوظيف عن طريق المباريات فقط وإلغاء التوظيف المباشر"، لضمان نوع من المساواة بين خريجي المعاهد والجامعات.
  وأرجعت أحزاب المعارضة، والمشكّلة أساساً من أحزاب "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة" و"الاتحاد الاشتراكي" و"الاتحاد الدستوري" بالإضافة إلى المجموعة النيابية للفريق "العمالي"، إلى غياب أي جديد في موقف الحكومة إزاء مطالب فرق المعارضة.
  ولم تستطع فرق الأغلبية البرلمانية المشكلة من "العدالة والتنمية" و"الاستقلال" و"الحركة الشعبية" و"التقدم والاشتراكية" من إقناع فرق المعارضة للمشاركة في هذه الجلسة، كما احتج رؤساء فريق المعارضة على عدم انعقاد ندوة رؤساء الفرق التي كانت مقررة الاثنين الماضي، للحسم في القانون الداخلي للمجلس، لسبب غياب رئيس البرلمان كريم غلاب الذي كان يتواجد في مهمة خارجية في أوروبا.
 وأكد رئيس فريق "التجمع الوطني للأحرار" رشيد الطالبي العلمي، أن الحكومة لا زالت تتعامل بمنطق تجاهل مطالب المعارضة، واتهم الحكومة بممارسة رقابية عكسية على العمل البرلماني، مؤكدا أن "المعارضة ستبقى متشبثة بقرار مقاطعة الجلسات التي يحضرها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، إلى حين الحسم في مسطرة تدبير الجلسات الشهرية لرئيس الحكومة، والتنصيص على ذلك في القانون الأساسي للمجلس.
   وأشار فريق "الاتحاد الاشتراكي" المعارض في بيان توضيحي له في أسباب المقاطعة إلى أنه "اضطر إلى اتخاذ هذا القرار بعد أن اصطدمت مساعيه بتجاهل الحكومة وهي مساعٍ امتدت لفترة تزيد على العام واستهدفت إعطاء هذه الجلسة مضمونا سياسيا تحترم فيها السلطات بعضها البعض وتنتج تقييما حقيقيا للسياسات العمومية ومن ضمنها في وضعنا الحالي الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد والأداء الحكومي ورؤية الحكومة للخروج من الأزمات والعلاقات بين الحكومة وأطراف الإنتاج".
  وأضاف بيان "الاتحاد الاشتراكي" أن "الجلسات كانت مناسبة لتكريس التحكم الحكومي في المؤسسات من خلال تسخير الأغلبية البرلمانية لذلك وتسخير وسائل الإعلام العمومية وتحويل الجلسة إلى منبر للدعاية والحماس الزائد وتوزيع مجحف لزمن الجلسة على نحو يعطي الانطباع بأن ليس للمعارضة ما تقوله"، مضيفا أن رئيس الحكومة "جعل اجترار الخطاب والمصطلحات نفسها وجعلها لباساً وأداة توصيف للمواضيع على اختلافها هذه الجلسات رتيبة وعقيمة وغير ذات جدوى ما يعني إفراغ مقتضيات أساسية في الدستور من مضامينها وأهدافها".
  وفي مقابل ذلك قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة طنجة، وعضو الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" عبد العالي حامي الدين أن حزبه "لا يفهم الطريقة التي سلكتها المعارضة، لأنها تعطيل لمادة أساسية في الدستور"، مؤكدا أن "الجلسات الشهرية التي يحضرها رئيس الحكومة من أجل مساءلته مكسب ديمقراطي لطالما ناضلت من أجله القوى الديمقراطية والسياسية في المغرب"، مضيفا "لا يمكن أن نعطل مبدأ دستورياً مهماً فقط لأن هناك اختلاف في التوقيت الزمني الذي سيأخذه كل طرف".واستغرب المتحدث ذاته من "موقف المعارضة من مقاطعة جلسة دستورية وديمقراطية تضمن لها حقها في مساءلة رئيس الحكومة.
  وأضاف حامي الدين أن "الدستور واضح، ويفرض على رئيس الحكومة أن يمثل مرة كل شهر أمام أعضاء مجلس النواب والمستشارين بمقتضى المادة 100 من الدستور، رغم وجود غموض في مسألة التوقيت على مستوى القانون الداخلي للمجلس"، وأردف أن "هناك أعرافاً دستورية في هذا الباب"، مؤكدا أن "بنكيران قدم تنازلات وقال إن الحكومة يمكنها أن تتنازل عن بعض الوقت، وقبل أن يتحدث ثلث الزمن المخصص على أن تتحدث الأغلبية الحكومة الثلث، ويخصص الثلث الآخر لأحزاب المعارضة"، مشيرا إلى أن "أحزاب المعارضة متشبثة بفهم غير دستوري وغير عقلاني وغير ديمقراطي، وتريد أن تحتكر نصف الزمن في الوقت الذي يخصص فيه النصف الآخر لأحزاب الأغلبية والحكومة، وهذا موقف غير ديمقراطي ولا يستقيم وروح الدستور" على حد قوله.