باريس - مارينا منصف
ربما لا تتوقع أن تأتي أسرع سيارة في العالم من مثل هذا المكان النائي، حيث مصنع "بوغاتي" في مولشتم، وهي بلدة صغيرة بالقرب من ستراسبورغ على الحافة الشرقية من فرنسا، من خلال بوابة حجرية تعود إلى العصور الوسطى تصل إلى قصر جميل وسط الحقول من جانب والإسطبلات من جانب آخر، توجد ورشة عمل صغيرة حديثة تجمع الشركة بها سيارة "بوغاتي تشيرون"، وهي السيارة الأسرع على الإطلاق والتي قد لا تلمحها أثناء مرورها أمام عينك.
وربما تعد هذه فرصة لتجربة السيارة تشيرون في مكان تصنيعها، وأيضا لرؤية الساعة الجديدة والتي تحمل ماركة السيارة نفسها وهي مستوحاة من بارميغاني، شركة الساعات السويسرية والتي في شراكة مع شركة السيارات منذ عام 2004، حيث يعتبر هذا المكان هو أول مصنع لشركة السيارات التي أسسها إيتوري بوغاتي في عام 1909، وتعد أحد ماركات السيارات ذات الرفاهية لمستخدميها، كما أن هذه السيارة فازت في سباقات لا تعد ولا تحصى في فترة العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي.
ويتفاخر إيتوري ببعيه لعملائه السيارة نفسها والتي كانت مدفوعة للفوز ي هذه السباقات كونها الجائزة الكبرى في وقت مبكر، حيث كان مهندسا عبقريا، دوما يحب التأكد من العمال في المصنع منضبطين، وهو أيضا رجل تسويق داهية، وساهم ببراعة في إحصاء عدد من السباقات؛ مما ساهم في هيمنة سيارته على السوق، حتى أصبحت لا تقبل المنافسة، كما كان يرض بيع سياراته للذين أعتبرهم لا يستحقون تمثيل العلامة التجارية، وكان نجله "جان" مصمما للسيارات، والذي حول سيارات بوغاي من آلات ممتازة وظيفيا إلى روائع بفن الآرت ديكو، ولا يزال طراز نماذج سيارات 57 هي الأجمل لدى الكثيرين عل مدار عقود، مما يجعله عبقرية فذة، حيث صممها منذ أكثر من 80 عاما حين كان في أوائل العشرينات من عمره.
وهو مثل والده، لا يتنازل أبدا، فعلى سبيل المثال، لم يكن من الممكن أن تتعدى الواقيات الزجاجية على ارتفاع معين إذا ما أضرت بحساسيته الجمالية، وفي عام 1939 كان جان يختبر قيادة سيارة تايب 57 بالقرب من المصنع في مولشيم عندما ظهرت دراجة نارية فجأة من حقل بجانبه حاول تجنبها، فاصطدم جان بوغاتي بشجرة ولقى حتفه، في عمره الثلاثين، وفي العام التالي أجبرت القوات الألمانية إيتوري بوغاتي على بيع المصنع وتحويله إلى مركز لإنتاج مركبات برمائية.
وبعد الحرب حاول إيتوري استعادة الشركة مرة أخرى، ولكن بفعل نقص الأموال فشل مرة أخر فضلا عن تدهور صحته، وتوفي في عام 1947 عن عمر يناهز الـ66 عاما، دون وريث يواصل صناعة السيارات، وبالتالي اندثرت الشركة مع مؤسسها، وعادت المحاولات لإعادة إحياء الشركة في أوائل التسعينات ومن ثم في عام 1998، حصلت شركة فولكس فاجن الألمانية على اسم الشركة، والتي اشترتها، وبنت منشأة حديثة جديدة بجانبها، بعد سنوات قليلة أعلن بوغاتي الحديث أنه سيبني سيارة منافسة لفيرون، بقوة 1000 حصان، وسرعة 250 م/س لتكون من أعظم سيارات الدفع الرباعي التي ستعيد كتابة تاريخ بوغاتي مرة أخرى.
والآن تعلن بوغاتي عن خليفة هذه السيارة وهي "تشيرون" والتي تعمل بقوة 1500 حصان، وسرعة 261م/س والتي تعد قادرة على الاقتراب لسرعة 290 م/س، وبكل هذه القوة ستكون السيارة وحش لا يمكن السيطرة عليه، كما سيكون هناك فقط 500 سيارة فقط من هذا الموديل 300 منها مخصصة للعملاء الحريصين على شراء السيارة، وستكون بمبلغ 2.5 مليون جنيه إسترليني، وكل سيارة مصنعة يدويا، مع أوامر احتياطية لصنع 70 سيارة فقط في السنة، وإن قررت شراء سيارة الآن، عليك الانتظار حتى عام 2020 لتتسلمها.
يأتي نصف عملاء بوغاتي إلى مولشيم، تماما كما فعل العديد منهم في يوم إيتوري، حيث عرض بناء سياراتهم، بجانب مجموعة لا نهاية لها من ألوان هياكل السيارات، وأنواع مختلفة من الجلد والألكانتارا الداخلية، وتصنع كل سيارة مفصلة في ورش عمل بوغاتي المحرزة منذ عام 1998، ولا يمكن للعميل تغيير أي شيء في السيارة يؤثر على السلامة الميكانيكية للسيارة، لأن الشركة حريصة على سمعتها.