المطبخ الشرقي غني بمرجعياته وهويته التاريخية
الدار البيضاء ـ سعيد بونوار
يُعتبر المطبخ الشرقي من المطابخ الغنية لغنى مرجعياته التاريخية، فالمنطقة ظلت لقرون محطة عبور وغزوات وحروب وثقافات وميلاد أمم وموت أخرى، وحضارات متعاقبة، كلها وضعت بصماتها على تفكير وعادات شعوب المنطقة وتقاليدها، وأفكار أبنائها وهوياتهم ومعتقداتهم، فعندما نتحدث عن العثمانيين
والأتراك وتأثيرهم على مطابخ المنطقة، نستحضر أسماء أطباق معروفة في الشام وهي نفسها بالاسم والمكونات لدى الأتراك، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر أطباقا كـ"الطراطور" و "كباب" و"البورما"، ومعلوم أن المطبخ التركي يعتمد بشكل كبير على الخضروات والطحينة، و الشواء وهو ما نجده في أشهر أطباق الشرق أيضا.
هذا و يعبر المطبخ الشامي عن شخصية الإنسان الشرقي، المحافظ على هويته وتقاليده، والكريم بطبعه، ولعل أصدق تعبير على هذا الكرم هو طبق "المازة" الشهير، وهو مجموعة من المقبلات التي لا غنى عنها، وتتكون من "المتبل" و"الفتوش" و"الكبة" و"المخلل" والحمص بالطحينة و"البابا غنوج" والفتة بالطحينة أو اللبن والحمص المسبح وغيرها، وهي توضع على المائدة قبل الطبق الرئيسي، حيث تعد تعبيرًا صادقًا عن الترحيب بالضيف، كما تعبر عن إبراز غنى المنطقة وتعلق ساكنتها بـ"الكرم" للضيف وللذات.
والأطباق الرئيسة في المطبخ الشرقي كثيرة جدا، وغنية وبعضها "ماركة مسجلة" لهذا المطبخ الذي أخذ من كل حضارة طرفًا وترفا، من أكثر الأكلات الشرقية شهرة، طبق "المقلوبة"، والرز المفلفل وشوربة العدس بالسلق وأنواع "الكبة"، و"المصقعة" والمنزلة.
والمطبخ الشرقي غني أيضا بـ"حلوياته" التي بلغت شهرتها الآفاق، فـ"البقلاوة" بكل أنواعها و"الكنافة" لم تعدا شأنا شرقيا أو سورية على وجه التحديد بل تعداه ليقدم لنا صورة حديثة قديمة عن روعة وجمال حلويات الشرق التي يتوزع تحضيرها بين الحليب وبدونه، وتبقى لمسات كل قرية أو مدينة الفيصل في رونق المطبخ الشرقي في تحديده الجغرافي المتعلق بـ"الشام".