حلب ـ هوازن عبد السلام
بيّن تقرير ملفت لأحد مواقع المعارضة السورية، تتطرق للأوضاع الصحية في مدينة الحسكة، انتشار مخيف لبعض الأمراض المعدية في الآونة الأخيرة في ريف المدينة، وحتى في بعض أحياء المحافظة المهملة، أو المناطق التي تشهد عدم استقرار نتيجة تجدد الاشتباكات فيها بين حين وآخر. ويشير التقرير إلى أنَّ أبرز هذه الأمراض، التي تزامن ظهورها مع حلول فصل الشتاء
، مرض الحصبة بأنواعها، واللاشمانيا، والكريب، ناهيك عن حالات الرشح، في ضوء قلة حبوب الالتهاب، التي كان الحصول عليها اسهل من شراء الخبز، كما سجلت حالات من شلل الأطفال في تل تمر، وريف رأس العين بعيدًا عن أعين المختصين. ومع تدهور الأوضاع بشكل عام، كان للصحة النصيب الأكبر من هذا التدهور، بسبب تعرض المشافي والمراكز الصحية لأضرار جسيمة، نتيجة المعارك من جهة، ومن جهة أخرى هروب الأطباء و الصيادلة من الريف، والمدن غير المستقرة إلى مدينتي القامشلي والحسكة، إضافة إلى هجرة الكثير من الأطباء إلى خارج البلاد، بسبب سوء الوضع الأمني، واستثمار الوضع للوصول إلى أوروبا، ودول الخليج.
ومن أهم النشاطات الصحية في هذه الأيام حملة التلقيح، التي بدأتها في الفترة الأخيرة مديرية صحة الحسكة في جميع المراكز الصحية، في مختلف مناطق المحافظة، عدا المراكز المهجورة، ويأمل الناس أنَّ تفي هذه الحملة بالغرض، وتوقف توسع انتشار الأمراض المعدية في صفوف الأطفال.
ويؤكد التقرير أنَّ وصول الفرق واللجان الطبية إلى القرى الصغيرة في الريف البعيد وفر على أهالي الأطفال الفقراء، في القرى التي زارتها اللجان، الكثير من الجهد المادي والمعنوي، لاسيما في هذه الظروف الصعبة للغاية، حيث يعجز الكثير منهم عن إطعام أطفالهم، فضلاً عن نقلهم إلى المراكز الصحية إلى المدن المستقرة.
وتشمل الحملة التلقيح الأطفال من عمر يوم حتى 5 أعوام بلقاح الشلل الفموي، بغض النظر عن الجرعات السابقة، عبر استهداف 250 ألف طفل. وظهرت إصابات عديدة بالحصبة، التي تعتبر من أخطر الأمراض المعدية التي تصيب الأطفال، وتزراد خطورتها عندما يجتمع الشخص المصاب مع الأشخاص غير المصابين في مكان مكتظ. ومن جهة أخرى، تنفذ حملة لقاح أخرى، بالتوازي مع حملة لقاح شلل الأطفال، وتشمل الأطفال من عمر عام إلى 10 أعوام بلقاح الحصبة، ممن لم يلقحوا سابقًا، وذلك في جميع المراكز الصحية.
كما تشمل الحملة تلاميذ الصف الأول بلقاح الثنائي الطفيلي، والسحايا، والشلل الفموي، وطلاب الصف السادس بلقاح الثنائي الكهلي، ويقدر عدد المستهدفين بـ 45 ألف تلميذ من الصف الأول و37 ألف تلميذ من الصف السادس.
يأتي هذا فضلاً عن تنفيذ حملة تلقيح "إم إم آر" الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف، لتلاميذ الحلقة الثانية من التعليم الأساسي، ويقدر عدد المستهدفين بـ 125 ألفًا. وكانت مديرية الصحة قد نظمت دورات تدريبية للعناصر والكوادر لديها، للبدء بالحملة في المدارس، والتدريب على كيفية إعطاء اللقاح وحفظه والحقن الآمن. ومع حلول الشتاء وعواصفة الثلجية أصبح من الضرورات توفر حبوب الالتهابات، والرشح، ولقاح الكريب، ومضادات هذا المرض، الذي يعتبر من أكثر الأمراض شيوعًا في بداية موسم البرد.
ومن جهتها، أفادت مصادر الصحة أنَّ 1500 أمبولة لقاح كريب تم توزيعها على الصيدليات المركزية في الحسكة والقامشلي، تلبية لحاجة الناس في المحافظة. وذكرت مصادر في مديرية الاقتصاد والتجارة الخارجية في الحسكة أنه تم توزيع كمية من أدوية العامل الوراثي "الناعور"، ولقاح الكبد "أ" و"ب"، وأدوية لمرضى السكري، ومرضى الكلية.
وتوقف عدد من المستشفيات والمراكز الصحية في مدن وقرى الحسكة عن العمل منذ أشهر طويلة، لاسيما في المناطق التي شهدت صدامات مسلحة، ويرجع البعض السبب إلى انقطاع الكادر الطبي في هذه المؤسسات الصحية عن الدوام فيها متذرعين بالخوف من الوضع الأمني، بينما يرجع البعض الآخر توقفها عن العمل بسبب أوامر مباشرة وصريحة من الحكومة إلى العاملين في هذه المراكز لوقف الدوام فيها، لاسيما في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلوا فصائل المعارضة المختلفة التي تقاتل ضد الحكومة.