الجري وراء جذب اهتمام الآخرين

يقال إن جذب اهتمام الآخرين "عملة" ذات قيمة خاصة، ومن الطبيعي أن تتغير مع مرور الزمن، أي طرق يُلجأ إليها اليوم لجذب اهتمام الآخرين في عصر وسائل التواصل الاجتماعي وما تأثيرها الحقيقي على الصحة.

وأصبح الاستماع لمقاطع موسيقية طويلة المدة، أمرًا نادرًا، فبين عامي 2013 و2018 تقلص متوسط مدة الاستماع إلى الأغاني على قوائم "بيلبورد هوت 100" بـ 20 ثانية، حسب ما ذكرته مؤخرًا البوابة الإكترونية "qz.com"، ليس الموسيقى وحدها فقط تعاني من هذا التراجع في الاهتمام، بل على ما يبدو أن متوسط الاهتمام بما حولنا تراجع عمومًا.

ووصف الطبيب النفسي، مارك فيتمان، هذه الظاهرة المألوفة لدى الكثيرين في مجلة "تسايت كامبوس": "إذا وقفنا في طابور بالمقهى لمدة خمس دقائق فقط نخرج هاتفنا الخلوي، لأن هذه الدقائق الخمس تصبح وكأنها زمن طويل جدًا".

اقرأ ايضا : 

الدكتور محمد فكري يكشف مخاطر تهدد صحة الأطفال في الشتاء

ويوفر الهاتف الخلوي، وسيلة لتجاوز هذا الوقت، ووفقًا لفيتمان فإن المعلومات التي يحصل عليها المتطلعون على الهاتف الخلوي تسجل في ذاكرتهم بشكل سطحي، وغالبًا ما يشعرون بالتوتر والإجهاد، بسبب التسارع في الضغط على الهاتف أثناء مواكبتهم لهذا الكم الكبير من المعلومات.

وتوصلت إلى هذه الملاحظة، أيضًا عالمة التواصل، بيانكا كيلنر- تسوتس: "نغفل عن الأساسيات، نتنقل بسرعة كبيرة من موضوع لآخر، وننساق وراء أشياء تبهرنا باستمرار"، هذا الانسياق لا يكون عن طريق وسائل إعلام كلاسيكية ولكن عن طريق وسائل إعلام جديدة تقوم بتوجيه الاهتمام وتسييره حسب متطلبات المجتمع، كما تقول عالمة التواصل كيلنر- تسوتس، في الوقت نفسه، من أراد أن يصبح شخصية معروفة يجب عليه جذب اهتمام الآخرين، وتقول عالمة التواصل في هذا الصدد: "الشخص العادي يريد أن يراه الآخرون إنسانًا نشطًا وعصريًا، ويرونه إنسانًا خارقًا للعادة، الميول لهذه الصفة ليس شيئًا غريبًا، ولكن مع الثورة الإعلامية التي نعيشها حاليا اكتسب هذا النمط من الحياة شكلًا جديدًا.

ويربط عدد كبير من الناس نجاحهم على المدى البعيد على جذب اهتمام الآخرين ويستخدمون طرقًا عديدة من وسائل التواصل الاجتماعي لكسب انتباههم، لكن التضحية بوقت كبير من أجل ذلك يؤثر على الحياة الشخصية، فمثلًا التسارع للضغط على زر الإعجاب على منشور أو إرسال صورة لمحادثة جماعية، قد لا يبدو الأمر في ظاهره معضلة، ولكن الأطفال الصغار أو رفيقة أو رفيق الحياة ينتابهم إحساس بالتذمر في حال النظر كثيرًا في الهواتف الذكية في حضور الآخر.   

للخروج من دوامة الجري، وراء جذب اهتمام الآخرين ينصح الطبيب النفسي، مارك فيتمان، بأخذ قرار عن وعي ووضع الأجهزة الذكية بعيدًا في بعض الأحيان: "أعتقد بأن احتمال اطلاعك على الهاتف بين الحين والآخر يكون واردا إذا كان الهاتف دائمًا بحوزتك"، أما عالمة التواصل بيانكا كيلنر-تسوتس فتنصح العائلات بقضاء بعض الوقت معًا دون التخطيط لأي شيء، والبقاء فقط في المنزل والتحدث مع بعض دون أي التزامات تذكر.

قد يهمك ايضا : 

دراسة تؤكّد أنّ العربات المتحرّكة تعتبر أقل ضررًا بصحة الأطفال من حقائب الظهر

دراسة جديدة تؤكد أن رذاذ الشعر يؤثر على صحة الأطفال حديثي الولادة