الضباب الدخاني

لا يزال تلوث الهواء أو ما يسمى بـ"الضباب الدخاني" في عصرنا الحالي، منتشراً بقوة لدى عمالقة دول التصنيع مثل الهند والصين. إلا ان هذه المسألة بالنسبة الى معظمنا، بعيدة تماماً عن التخلص منها وسط زحمة المرور المتصاعدة، حيث أنه لا يزال العامل القاتل الذي يوحد الكثير من تحدياتنا الكبيرة اليوم.

وفي الأسبوع الماضي حذرت منظمة الصحة العالمية من أن "الرضا عن الوضع الحالي يتسبب في قتل الملايين من الأرواح"، مشيرة إلى أن أزمة تلوث الهواء تشبه "مكافحة التدخين".

وقال تقرير أصدرته المنظمة ،الإثنين، إن "تلوث الهواء يضرّ الأطفال بشكل خاص". وحذر من أن حوالي 1.8 مليار طفل "93 %" من الأطفال حول العالم دون سن 15 سنة، يتنفسون هواء ملوثًا بشدة لدرجة تعرض صحتهم ونموهم لخطر شديد.

هذا التأثير يوجد بشكل كبير في الدول النامية كما أن أكثر من 40 في المائة من العالم - أي مليار دون سن الخامسة - معرضون لأبخرة سامة في المنزل من حرائق الخشب والفحم وهي أساس الطهي والتدفئة.

وتزيد مساحات الطهي السيئة التهوئة من خطر التسمم بغاز أول أكسيد الكربون ، ولا سيما في المستويات الدنيا التي يلعب فيها الأطفال ، فضلاً عن التأثيرات المركزة للتعرض الطويل الأجل للملوثات التي يمكن أن تضر بنمو الرئة وصحة القلب والأوعية الدموية. وفي الوقت نفسه ، أدى الازدهار السكاني والتصنيع إلى ازدياد المدن الكبيرة الخانقة، مثل (دلهي وبكين و لندن).

وفي الدول الأكثر ثراءً ، تعد السيارات العاملة على المازوت "الديزل"، عدواً كبيرا لصحة الأطفال، حيث تقف خارج المدارس وفي الشوارع. وهذه السيارات تنتج مستويات عالية من "ثاني أكسيد النيتروجين" والمواد الجسيمية الميكروسكوبية من السخام والأمونيا والملوثات الأخرى التي تغلف الرئتين، ويمكن أن تدخل مجرى الدم، خمس مرات أكبر من محركات البنزين. وهناك أدلة وفيرة على أن هذه الملوثات يمكن أن تعرقل نمو الرئة وتسهم في الاصابة بالأمراض التنفسية مثل التهاب القصبات والربو والالتهاب الرئوي.

ويحذر تقرير منظمة الصحة العالمية من وجود أدلة علمية متزايدة على وجود صلة بين التلوث والولادة المبكرة، وزيادة معدل وفيات الرضع ، واضطرابات النمو الإدراكي ، بل وحتى الاصابة بالـ"لوكيميا". وربط الأكاديميون في جامعة أكسفورد تلوث الهواء في المملكة المتحدة بحوالي 40000 حالة وفاة مبكرة سنوياً ، مقارنةً بـ 98،000 حالة وفاة سنويًا بسبب التدخين.

ولكن على عكس التدخين ، فإن هذه الملوثات لديها القدرة على التأثير على السكان في كل الأماكن وعبر الحدود الدولية.

وذكر خبراء في المنظمة، أنه "لا بد للآباء أن يحاولوا تجنب تلوث الهواء فى المنازل باستخدام أنواع وقود أقل تلويثا في الطهى والتدفئة وعدم التدخين". ولكن من أجل الحد من تعرض الأطفال للتلوث المحيط ينبغى لهم الضغط على المسؤولين والسياسيين للاهتمام بالبيئة النظيفة.

وقد تم نقل الحكومات البريطانية والألمانية والفرنسية إلى أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي بسبب فشلها في العمل على الحد من مستويات التلوث العالية  في وقت سابق من هذا العام.