صناع الفساتين الأفغان

 يسعى صناع الفساتين الأفغان الذين فروا من بلادهم هربًا من حركة "طالبان" إلى جذب الزبائن في العاصمة الباكستانية، من خلال ملابس السهرة وفساتين الأعراس من الطراز الغربي.

وتقع أكشاكهم بين جيف الحيوانات ومحلات تصليح السيارات في ضاحية بيشاور مور في إسلام أباد، التي تنتشر فيها النفايات والمعروف عنها أنها ملجأ للاجئين أكثر مما هي قطب للأزياء الرائجة، كما تعد الفساتين في باكستان حكرًا على نخبة متحررة، إذ أنَّ غالبية النساء يخرجن بملابس البلاد التقليدية.

وصرَّح أحد الفارين من أفغانستان، يُدعى رضا ساخي يبلغ من العمر 43عامًا، بأنَّ الأزياء الرائجة في باكستان بدأت تتغير شيئا فشيئا، مضيفًا "انتقلت إلى باكستان عام 1996، وأنا هنا منذ 19 عامًا أبيع فساتين أعراس وسهرة".

وأوضح "في السابق، كانت غالبية زبائننا من أفغانستان وإيران ومصر؛ لكن الباكستانيات بدأن يقبلن على فساتيننا، إذ أنَّ حوالي 30 % من زبائننا هن اليوم من باكستان ونحن جدًا فخورين بذلك".

وأضاف شير رحيم سليمي، أنَّ "الأزياء التي كانت رائجة في عهد الملك محمد ظاهر شاه في أفغانستان أصبحت نسيًا منسيًا"، موضحة "بدأت أخيط الملابس عندما تركت المدرسة؛ لأن هذه الحرفة لطالما أثارت اهتمامي".

وأشار سليمي إلى أنَّه يصنع قطعة على "الطراز الأفغاني" القديم الذي يمزج بين الأسلوبين التقليدي والغربي الذي درج في الستينات والسبعينات.

وقرَّر الأستاذ المحاضر في الأدب سابقا في أفغانستان، مريد خواس، خوض مجال صناعة الملابس في باكستان بعد تأديته أعمال عدة صغيرة.

وأبرز خواس أنَّ كثيرات من زبوناته هن باكستانيات مسيحيات، علمًا أنَّ المسيحيين هم أقلية في البلاد يشكلون 5 % تقريبًا من سكان إقليم بنجاب، موضحًا أنَّه يقدم تصاميمه أيضًا إلى الفنانين في مجال التلفزيون والمسرح.

وبيَّن أنَّ أسعار الفساتين تتراوح بين 50 وألف دولار، مبيّنًا أنَّ الأرخص سعرًا تكون دائمًا في متناول الطبقة المتوسطة في البلاد.

وقبل سيطرة حركة "طالبان" على البلاد، كانت أفغانستان مختلفة كثيرًا عن صورتها اليوم كبلد محافظ جدًا غارق في النزاعات، مع مشاهد القمصان الفاتحة الألوان والتنانير القصيرة جدًا التي كانت سائدة في العاصمة كابول التي كان سكانها يتتبعون آخر الصيحات.

وبدأت الاضطرابات في البلاد عام 1979 إثر غزو الاتحاد السوفيتي لها، وبعد انهزام السوفييت، غرقت البلاد في حرب أهلية ضروس تمكنت حركة "طالبان" إثرها من الاستيلاء على مقاليد الحكم عام 1996، فارضة نظرة متشددة للشريعة الإسلامية تجبر النساء على البقاء في البيوت ومنفذة أحكام إعدام في الساحات العامة.

ويُقدّر عدد اللاجئين الأفغان إلى باكستان بنحو ثلاثة ملايين وقد تركت غالبيتهم البلاد هربًا من النزاعات في الثمانينات وبداية التسعينات.

وهم لا يرغبون كثيرًا في العودة إلى بلادهم، التي لا تزال غير مستقرة سياسيًا، وترزح تحت وطأة مشاكل جمة، من بينها تمرد حركة "طالبان" والفساد المستشري والفقر المدقع والبطالة المتفاقمة في أوساط السكان البالغ عددهم 30 مليونًا.

وينظر الباكستانيون بعين الريبة إلى اللاجئين الأفغان في بلادهم وهم غالبًا ما يتهمونهم بدعم المسلحين، كما ازداد وضع اللاجئين سوءا إثر هجوم دام نفذته حركة "طالبان" على مدرسة في بيشاور في كانون الأول/ ديسمبر، أدى إلى نزوح أكثر من 30 ألف أفغاني منذ مطلع العام.

وختم رضا ساخي قائلًا "إذا قررت السلطات الباكستانية طرد الأفغان من البلاد، فليس أمامنا سوى ترتيب أمتعنا والمغادرة، نحن أفغان أيضًا".