القاهرة ـ شيماء مكاوي
عبدالفتاح القصري، هو فنان مصري تميز بتقديم أدوار كوميديّة لم تتكرر حتى الآن، حتى أن هناك الكثير من العبارات التي لا يمكن أن تنسى له مثل "كلمتي لا ممكن تنزل الأرض أبدًا"، والتي اشتهر بها خلال تقديمه لفيلم "ابن حميدو". وبالتطرق لحياته الشخصيّة فوالده كان ثريًا يعمل في تجارة الذهب، ودرس القصري في مدرسة "الفرير" الفرنسيّة،
ومن فرط حبه في التمثيل التحق بفرقة عبد الرحمن رشدي، ثم فرقة نجيب الريحاني، ثم بفرقة إسماعيل يس. وكان عمله بالتمثيل ضد رغبة أبيه، الذي هدّده بالحرمان من الميراث إذا لم يرجع عن تلك الهوايّة، فما كان منه إلا أن استمر في طريقه مضحيًا بنصيبه من تركة أبيه.
واشتهر عبد الفتاح القصري بقامته القصيرة وشعره الأملس وإحدى عينيه التي أصابها الحول، فأصبح نجمًا كوميدياً، بالإضافة إلى طريقته الخاصة في نطق الكلام وارتداء الملابس. ولم يلعب بطولة مطلقة وإنما كان دائماً صديقاً للبطل أو بمصطلح السينما "دور السنيد" للبطل.
ولعب "أدوار المعلم ابن البلد غير المتعلم"، ومن أشهر أدواره، هو دوره في فيلم "ابن حميدو" مع الفنان إسماعيل ياسين وأحمد رمزي وزينات صدقي وهند رستم، حيث لعب دور "المعلم حنفي شيخ الصيادين" وعبارته الشهيرة التي لا زالت باقية حتى الآن، حيث لعب دور الزوج المغلوب على أمره أمام زوجته المتنمرة.
وارتبط القصري كثيراً بالفنان إسماعيل ياسين في الكثير من الأفلام منها، "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين" و"ابن حميدو" و"إسماعيل ياسين في متحف الشمع".
كما لعب في وقت متأخر دوراً مميزاً في فيلم "سكر هانم" مع عبد المنعم إبراهيم وكمال الشناوي وحسن فايق وساميّة جمال، وهو دور "المعلم شاهين الزلط".
ومَثَل حوالي 63 فيلمًا، كان آخرها "سكر هانم" 1960. و"المعلم بحبح" 1935 و"مبروك" 1936 و"لو كنت غنى" 1942 و"من فات قديمه" 1943 و"أحب البلدي" 1945 و"السوق السوداء" و"الدنيا بخير" 1946 و"عودة طاقية الإخفاء" و"مجد ودموع" و"عروسة البحر" و"بنت المعلم"، وسكة السلامة" و"الصيت ولا الغنى" و"أحب الرقص" 1948، وفى الخمسينيات قدّم "دموع الفرح" و"العقل زينة" و"ليلة الدخلة" و"حماتي قنبلة ذرية" و"بيت الأشباح" و"بيت النتاش" و"على كيفك" و"شمشون" وغيرها.
وجاءت نهايته كمأساة حقيقية، فبينما كان يؤدي دوره في إحدى المسرحيات مع إسماعيل ياسين، إذ به يصاب بالعمى المفاجئ، فيصرخ قائلاً "لا أستطيع الرؤية"، واعتقد الجمهور أنّ هذا الأمر ضمن أحداث المسرحيّة فزاد الضحك وزادت المأساة، بينما أدرك إسماعيل ياسين حقيقة ما أصاب صديقه فسحبه إلى كواليس المسرح، ومع نكبة العمى جاءته نكبة أخرى بتنكر زوجته الرابعة الشابة له، وطلبها الطلاق منه، بل والزواج من صبي كان القصري يعطف عليه.
وتزوج القصري من أجل أن ينجب الولد، ولكن هذا الحلم لم يتحقق، ودخل في صراع مع المرض وأصيب بمرض نفسي بعد فقد بصره، وتركته زوجته السابقة حبيس غرفة حقيرة يعاني من الظلمة والقهر والمرض، فأصيب بتصلب في الشرايين أثر على مخه ما أدى إلى إصابته بفقدان الذاكرة والهذيان المستمر، وتوالت النكبات، فقررت البلدية إزالة منزله، ومن مأساة إلى أخرى جاءت نهاية عبد الفتاح القصري في مستشفي المبرة حيث لقي ربه في صباح الأحد 8 آذار/مارس 1964، ولم يحضر جنازته سوى 3 أفراد من أسرته والفنانة نجوى سالم، وهي الوحيدة التي كانت تنفق عليه أثناء مرضه وكانت تعتبره في مقام والدها.