أبطال فيلم بلا حب

برز الفيلمان، الروسي "بلا حب"، والسويدي "المربع"، خلال اليوم الثالث لمهرجان "كان" السينمائي، ليعطيا تلك الدورة نكهة اجتماعية، ولكن في الوقت ذاته ليعطيا الصغار مكانًا في السينما، ومن الواضح أنه يتوسع فيلمًا بعد فيلم، إذ بات واضحًا أن في الدورة الحالية عددًا من الأفلام التي تدور حول الصغار، يفوق ما شهدته أي دورة أخرى في الأعوام الأخيرة، فهل هو "العارض" الإيراني الشهير، في وقت تنسى فيه السينما الإيرانية ذلك الإلزام الذي كان يجبر السينمائيين على جعل الصغار شخصيات أفلامهم المحورية؟ على الإطلاق.

فالأطفال في الأفلام التي شاهدناها حتى الآن، لا علاقة لهم بالأطفال الإيرانيين الذين كانوا مجرد مهرب من الرقابة وتعسفها، فالأطفال هنا جديون وذوو أدوار شديدة التركيب، من هذا الذي يهرب في الفيلم الروسي، من أبويه المزمعين على الطلاق من دون استشارته، إلى ذاك الذي في الفيلم الأميركي لمخرجة إيرانية، يقال إنها كانت مساعدة للراحل عباس كيارستامي، الذي يؤخر بلوغه/ بلوغها في شيكاغو لتقرير ما إذا كان/ كانت سيصبح صبية أو فتى، وصولًا إلى ذلك، الرائع في "المربع" لروبن أوسلند، الفيلم المدهش والمضحك والعنيف الذي كان له حتى الآن الأثر ذاته الذي كان لفيلم "طوني إردمان" في العام الفائت.

فنرجو ألا يكون له المصير ذاته الذي كان لتلك التحفة الألمانية، إذ نسيته لجنة التحكيم فخرج من مولد "كان" بلا حمص، لكن ملايين المشاهدين حول العالم تدافعوا لمشاهدته والثناء عليه، وواضح أن سينما الشمال الأوروبي لديها الكثير مما يمكنها إعطاؤه للشاشات الكبيرة.

أما الكوري بونغ جون سو، فأعطى فيلمًا جيدًا، ولكن للشاشات الصغيرة، "أوكيا" هو واحد من فيلمين يعرضان في المسابقة من إنتاج "نتفلكس"، ما يعني أنهما لن يعرضا أبدًا في الصالات، ولقد بتنا الآن نعرف الكثير عن السجال الذي ثار من حولهما- الثاني هو "حكايات مئيروفتش" الذي سيعرض لاحقًا، ولكن من المرجح أنه لن يثير السجال ذاته، ففي نهاية الأمر، مر عرض الفيلم الأول بسلام ورحّب به كثر من النقاد بمن فيهم أولئك الذين هاجموا الظاهرة، فقد رأوه عملًا جيدًا "معاديًا الرأسمالية" كما "يجدر بالسينما المميّزة أن تكون".

أما التالي، وباعتباره ينتمي تصنيفيًا- وإن لم يكن عمليًا- إلى السينما النيويوركية المستقلة، فمن المؤكد أنه لن يهاجَم كثيرًا، ولن يتوقف كثر عند حجم شاشته!، والسينمائيون والصحافيون العرب، في المقابل، لا يخوضون الكثير من النقاش، على رغم ارتفاع عددهم إذ يزيد أضعافًا مضاعفة عن عدد مجمل الأفلام العربية في تظاهرات المهرجان كلها، وهم إن كانوا لا يزحمون الصالات إلا بأعداد بسيطة، تجدهم في المقابل تغصّ بهم حفلات الكوكتيل التي تبرع الأجنحة العربية في إقامتها، على رغم ارتفاع كلفتها والأزمة المالية الخانقة التي يمر بها معظم البلدان العربية التي اعتادت مساندة إنتاجات السينمائيين العرب الشبان.

لكن الوعود كثيرة، ويقول لك أي سينمائي عربي تسأله عن هذا الولع بالكوكتيلات، إنه يأمل دائمًا بلقاءات قد تمهد الطريق لمشاريعه كي ترى النور، في هذا السياق لافتة، حتى الآن على الأقل، ندرة الأخبار عن السينما العربية ومشاريعها في مجلات المهرجان اليومية "فاراييتي، الفيلم الفرنسي، سكرين"، وغياب الإعلانات لها... حين لا تكون هناك إعلانات، تختفي الأخبار، أليس كذلك؟

وبصورة أكثر جدية، وإن كان أمرها لا يخلو من سجالات، تعلَن بعد ظهر السبت، في جناح "ماد سولوشين" - المؤسسة التي تبدو وحدها مندفعة إلى الأمام تحت إدارة الناقد والباحث علاء كركوتي، في وقت يندفع فيه إلى الوراء كل ما له علاقة بالسينما العربية-، في سوق الفيلم، جوائز النقاد العرب لـ الأفلام العربية في دورتها الأولى.

 فقد اختار خمسة وعشرون ناقدًا عربيًا وأجنبيًا، السينمائيين والأفلام التي منحت الجوائز، ففاز بجائزة أفضل فيلم "آخر أيام المدينة" للمصري تامر السعيد، ومنحت جائزتا أفضل إخراج وأفضل سيناريو لفيلم "اشتباك" لمحمد دياب، أما جائزة أفضل ممثل فكانت من نصيب التونسي مجد مستورة عن فيلم "نحبك هادي"، فيما فازت المميزة هبة علي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "أخضر يابس" لمحمد حماد.