ابطال مسلسل "ياسمين عتيق"
دمشق ـ غيث حمّور
انتهى المخرج السوري المثنى الصبح أخيرًا من تصوير مسلسل "ياسمين عتيق" وبدأ عمليات المونتاج، ليكون العمل حاضراً في الموسم الرمضاني المقبل، ويشارك في المسلسل نخبة من نجوم الدراما السورية منهم: منى واصف، سلاف فواخرجي، غسان مسعود، جهاد سعد، سلمى المصري، أمارات رزق، سليم صبري
، روعة ياسين، محمد حداقي، فاتن شاهين، علاء الزعبي، خالد القيش، فادي صبيح، إضافة إلى عدد من الوجوه الشابة: جوان خضر، زينة بارافي، غفران خضور، حلا رجب، فيما تواجد "العرب اليوم" في موقع تصوير العمل، قبل الانتهاء من تصويره، و التقى بنجوم العمل في حديث خاص .
هذا و تخوض النجمة سلاف فواخرجي تجربتها الأولى في الدراما الشامية، وعن سبب اختيارها لهذا العمل تقول لـ"العرب اليوم": "بعد نمطية أعمال البيئة في السنوات الأخيرة، يأتي مسلسل «ياسمين عتيق» برؤية وطرح مختلفين على كل المستويات. وأعتقد بأنه الأقرب إلى دمشق الحقيقية. فالطابع الحضاري لأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ موجود في العمل، وشكل المرأة مختلف عما اعتدناه، وأرى بأنه أقرب إلى المجتمع الدمشقي في تلك الفترة الزمنية، فالمرأة في معظم أعمال البيئة لم تكن فاعلة، ولكن في هذا العمل نراها مؤثرة ولديها استقلاليتها وشخصيتها، وتدافع عن حقوقها وبخاصة في التعلم، مع محافظتها على عاداتها وتقاليدها".
وتفضّل فواخرجي عدم الخوض في تفاصيل دورها، وتضيف: «باختصار أجسد شخصية «صفية الآلوسي»، وهي امرأة دمشقية متنورة تتحدى سلطة زوجها (الشوملي شهبندر) من جهة، وسلطة أغوات الشام وأطماعهم من جهة أخرى».
من جهتها فضلت سلمى المصري عدم الإفصاح عن دورها في العمل، تاركة الأمر مفاجئة للجمهور، وأضافت في حديثها إلى "العرب اليوم": "ولكن أستطيع القول عن العمل أنه من الأعمال المميزة في طرحه، وطريقة معالجته، وأسلوبه الإخراجي المميز، وأعتقد أنه سيحقق نقلة نوعية في أعمال البيئة الشامية، فهو لا يشبه أياً من الأعمال الشامية السابقة، بل يحمل نفساً مختلفاً، وأجواء جديدة".
أما فاتن شاهي فقال لـ"العرب اليوم": "أجسد في مسلسل «ياسمين عتيق» دور أم جواد، وهي شخصية إيجابية تعاني مع ابنها من المشاكل، وأعتقد أن العمل ككل يملك الجديد على مستوى البيئة الشامية، وبخاصة في ما يتعلق في شكل المرأة، وسيحدث نقلة نوعية على مستوى هذا النوع من الأعمال".
هذا و تجسد الشابة روعة ياسين شخصية غولدا اليهودية صاحبة «خان الدكة» الذي يقصده الأغنياء وآغاوات وكبار رجالات الشام في ثلاثينات القرن التاسع عشر، ومنه استمدت سلطتها وقوتها، فكانت امرأة ذات تأثير كبير على زائريها. هذه المعالم الأساسية للشخصية التي أدتها، أخيراً، الفنانة روعة ياسين في مسلسل البيئة الشامية «ياسمين عتيق»، إخراج المثنى صبح وتأليف رضوان الشبلي وإنتاج شركة سورية الدولية. وأكدت الفنانة روعة أن شخصية «غولدا» تعتبر الأخطر والأجرأ بين شخصيات المسلسل، لما امتلكته من قوة تأثير وسلطة كبيرة في تلك الفترة، كما أعربت عن سعادتها بالعمل، مشيرة إلى ما يكتنز من أهمية خاصة فيما يتعلق بالمعاجلة الفكرية وطريقة الطرح، فهو يقدّم المرأة بشكل مختلف عما سبق أن قدمته أعمال البيئة الشامية ويبرز دورها ومكانتها.
فيما نقلت وسائل إعلامية عن غسان مسعود قوله "تخيفني هذه التجربة، وأنا على حذرٍ شديد منها، ولكنني قبلت التحدي، بتشجيعٍ، وربما استفزاز من صديقي المخرج المثنى صبح، لأنني أتصدى لأوّل مرّة لهذا اللون من الشخصيات". وأضاف مسعود "الشوملي هو شهبندر التجّار، وحينما نقول الشهنبدر في تلك المرحلة، أي الثلث الأول من القرن التاسع عشر، فهذا يعني ببساطة أنه صانع السلطة، ويحكم البلد من خلال الشخص الذي يدعمه فيمسك بزمام الأمور". ولفت إلى أن "الشوملي لا يعتبر شخصاً قاسياً، بل على العكس مطواع لدرجةٍ مخيفة، ولا يمكن لشيء أن يقف في وجهه على الإطلاق".
ويؤدي الفنّان فادي صبيح في مسلسل "ياسمين عتيق" شخصية "جوربجي آغا: الجوربجي الديراني"، وهو أحد أغوات الشام الذين يبرز دورهم في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، خاصة بعد طرد الوالي العثماني من الشام، وتولي "الجوربجي" إدارة البلاد بوصفه "آغا الأغوات"، ليبدأ بنسج التحالفات المشبوهة مع كل الشخصيات التي يمكن أن تحقق له مآربه وأطماعه الاقتصادية والسلطوية. ويشير صبيح إلى أن هذه الشخصية جسّدها الفنّان عبّاس النوري سابقاً في مسلسل "الحصرم الشامي"، بينما لعب هو دور مساعده "موسى آغا"، لكن ذلك المسلسل لم يحظَ بفرص متابعة واسعة لأنه عرض على قناة "أوربت" المشفّرة، مما شجّعه على إعادة تقديمها مرّة أخرى. وقال الفنّان فادي صبيح: "إن ما يتميّز به مسلسل "ياسمين عتيق" هو الجانب التوثيقي الذي تستند إليه أحداث المسلسل، بخلاف الكثير مما يسمى بأعمال البيئة الشاميّة التي سادت خلال السنوات الماضية، وتحولت إلى بضاعة رائجة في المحطات العربية."، وأضاف صبيح: "أعتقد أن الطريقة أو الذهنية التي ينفّذ فيها هذا العمل تبتعد بـ "ياسمين عتيق" عن النمطية التي سادت مؤخراً في تناول البيئة."
من جهته يجسد جهاد سعد شخصية الأب توما وهي شخصية واقعية أثرت بالمجتمع الدمشقي في تلك المرحلة من القرن التاسع عشر، وتأثّرت بمجتمعها، ودفعت الثمن في النهاية. ولفت "سعد" إلى أنه "اختار "ياسمين عتيق" ليكون أول أعماله في البيئة الشامية لأنه عبارة عن دراما تاريخية لا يأخذ المجتمع فقط كبيئة، بل يحكي عن دمشق بين عامي( 1830 و1840)، خلال فترة حكم إبراهيم بن محمد علي باشا، ويرصد العلاقات بين أهل الشام عبر تناوله لتلك المرحلة التاريخية".
وأشار إلى أن "كافة الأعمال التي قدمت تحت مسمى "البيئة الشامية" لم تقدم الشام على حقيقتها من وجهة نظر من التقى بهم من المشاهدين والذين وجدوا أن هناك الكثير من المسلسلات التي كرّست الحياة السوريّة بطريقة غير مكتملة". وأضاف "باعتراف العديد من النجوم والزملاء الذين شاركوا في أعمال مماثلة عن الشام بدا ما قدم في تلك الأعمال أقل صراحةً أو نقاءً مما يجب ولذلك لم أشارك في أي منها، رغم أنني شاهدت العديد منها، واستمتعت أحياناً."
و قد اشتهر علي كريم بمشاركته بأعمال البيئة الشامية قال لـ"العرب اليوم": لا أحبذ الحديث عن شخصيتي في العمل، واترك ذلك لحين العرض، ولكن أستطيع القول أن الشخصية التي أقدمها مختلفة عما قدمته سابقاً في أعمال البيئة الشامية."
و ستكون هناك عدد من الوجوه الشابة حاضرة في العمل، فبعد اعتذار النجمين السوريين تيم حسن ونسرين طافش عن أداء دوري البطولة في العمل، وقع اختيار المخرج المثنى صبح على الوجهين الشابين جوان خضر، وزينة بارافي للحلول مكان النجمين المعتذرين. الشاب جوان خضر الذي يقوم بثاني بطولاته بعد مسلسل «شيفون»، أكّد في حديثه إلى "العرب اليوم" أن مسلسل «ياسمين عتيق» يقدم طرحاً جديداً «على مختلف المستويات، بداية بالأزياء مروراً بالضوء وطريقة التصوير، وانتهاءً بالإخراج»، وأضاف: أنا أرى أن العمل يقدم نموذجاً مختلفاً للمرأة الدمشقية الفاعلة في المجتمع والتي تقف جنباً إلى جنب مع الرجل في مختلف المجالات الحياتية".
وتابع خضر الذي يجسد شخصية «جواد» أحد شباب حي الشاغور في العمل، إن حلوله مكان النجم تيم حسن لم يحمله مسؤولية بل الشخصية هي التي حملته المسؤولية: "أنا أحد المعجبين بالفنان تيم حسن، وأعده ممثلاً فذاً، ولكن مسؤولية الدور الكبيرة التي تقع على عاتقي، لا تأتي من كونها عرضت عليه أولاً، بل تأتي من الدور بحد ذاته، وماذا يقدم هذا الدور، والهدف من تقديمه، والاتجاه الذي يسلكه".
وعن العمل ككل ذكر الوجه الجديد أن أهمية العمل تنبع من الفترة الزمنية التي يعالجها، وأكّد أن الإطالة التي اعتدنا عليها في أعمال البيئة الشامية لن تكون موجودة في «ياسمين عتيق، ذلك لأن العمل يكثف عشر سنوات مليئة بالإثارة والغنى ويختزلها، خصوصاً أن البنية الدرامية محكمة، ومليئة بالأحداث والحيثيات التي تعتبر أحد العناصر المهمة في العمل الدرامي.
وتلعب الفنانة الشابة زينة بارافي التي شاركت الموسم الماضي في أعمال عدة أبرزها «المفتاح» مع المخرج هشام شربتجي، في المسلسل الجديد دور «جورية» الفتاة التي تمر بأحداث كثيرة في العمل تقلب حياتها، وتتعرض لمواقف متعددة. واعتبرت "زينة" في حديثها إلى "العرب اليوم" أن حلولها مكان النجمة نسرين طافش يحمّلها مسؤولية كبيرة، ويجعلها تجتهد وتتعب لتقدم جزءاً مما كانت ستقدمه طافش، ولتثبت أنها الخيار الصحيح للدور. وزادت: العمل مميز وسيكون له مكانة خاصة في الموسم الدرامي المقبل، بما يحويه من أفكار وطروحات جديدة، ومختلفة عن سابقتها، وأعتقد أن فرصتي في الظهور في بطولة عمل بهذا الحجم لا يمكن تعويضها. وأثنت على المخرج صبح، قائلة إن التعامل معه مريح جداً، فهو يساعدني في الظهور بالشكل الأمثل، أداءً وحضوراً وشكلاً، إضافة إلى مساعدته إياي في مجال الصوت، من خلال تمارين مختلفة .
أما الشابة السورية غفران خضور فتجسد في العمل شخصية «بثينة» الشيخة الشابة، التي تؤسس بالتعاون مع صفية الآلوسي سلاف فواخرجي داراً لتعليم القرآن الكريم لفتيات الشام. وعن هذه المشاركة تقول لـ"العرب اليوم": بثينة شخصية نقية وبريئة، متزوجة من شيخ، وتصبح في ما بعد شيخة تعطي الدروس، لكنها غير متشددة، وتقوم بنصح الفتيات وتوجيههن، ولا تمنعهن من الحب ولكنها دائماً ما تشدد على الحرام وعدم ارتكاب المعصية. وتضيف: "إن العمل ككل يملك في طياته الجديد على مستوى القصة والحبكة التي تمس المشاهد، من دون أن تكون متخيلة أو من قصص الجدّات. كما أنه يخرج من النمط المعتاد لأعمال البيئة، بداية بالديكور مروراً بالأزياء وانتهاءً بالإضاءة، ويفسح في المجال للممثل أن يعمل على الشخصية بحد ذاتها، لا أن يمثل الشخصية الشامية. وأثنت خضور على المثنى الصبح واعتبرته من المخرجين المميزين لأنه: يعطي ملاحظات مفيدة للممثل، ويساعد في ظهوره بالصورة الأمثل، كما أنه صبور ويؤمن بالطاقات الشابة، ويحرض الممثل ويستفزه لإخراج أفضل ما عنده.
وأخيراً مخرج العمل المثنى صبح ووصفه بأنه سيكون واحدا من أهم الأعمال التي قدمتها دراما البيئة الشامية، واعتبر أن مضمون المسلسل وتفاصيله الدقيقة، الآتية من عناوين عريضة، كفيلة بأن يرى المشاهد هذا الاختلاف بينه وبين الأعمال السابقة. وأضاف في تصريح نشرة موقع "النشرة" اللبناني:" في مسلسلنا سيحضر المجتمع الدمشقي كما هو، وليس كما كان يظهر في العادة، مجتمعا مغلقا.. في ياسمين عتيق، سيرى الجمهور الحالة الثقافية في دمشق، وسيرى المرأة الدمشقية عاملة وتاجرة ومثقفة ومحاربة للجهل وللأمية، بل وسيراها الجمهور تواجه زعماء وأغوات من أجل لقمة الناس.. هذا يعني أن المسلسل يحاكي مجتمع دمشق وليس زاوية من زواياها".
و بشأن اعتبار المسلسل يوثق لدمشق، أم أنه من محض خيال الكاتب، قال المثنى:" التوثيق موجود، وكذلك الافتراض والخيال، وهذا حق.. لكن، بالمحصلة، لن يكون مسلسلا تراثيا مطلقا، بل سيكون مسلسلا يجعل السوريين يضطرون لمراجعة أشياء من تاريخهم العريق".
ويذكر أن العمل يغطي مرحلة مهمة وثرية من تاريخ سورية عامة ودمشق خصوصاً في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، لتبدأ بحكم الوالي رؤوف باشا على دمشق، مروراً بحكم الوالي علو باشا وسليم باشا وصولاً إلى حملة إبراهيم باشا والازدهار الذي سيحل بالبلاد. ويسرد ضمن أجواء البيئة الشامية المحببة وعبر حواراتها الحية، ومن خلال حكاية "جورية" المسلمة و"زمرد" المسيحية اللتين ستجمعهما الأقدار في مصادفة غريبة، تسوقهما بعد ذلك الأحداث الشيقة في رحلة طويلة ملبئة بالمغامرات المثيرة في حواري الشام بين الجامع المعلق وكنيسة باب توما الأثرية.
ويبدو العمل محملاً برائحة الياسمين الدمشقي وبحكايا الحب والرومانسية ممزوجة بنزاعات ومعارك حامية الوطيس. فأصحاب النخوة والشهامة العربية في صراع أزلي بين الخير والشر، ليستمر العمل عبر مجموعة من الأحداث الجريئة والمؤامرات الخفية والمثيرة للدهشة التي سنتعرف إليها للمرة الأولى. كما يرصد التلون الطائفي والتعايش الإنساني بين المسلمين والمسيحيين واليهود، ليرصد صيغة اجتماعية كانت سائدة في مرحلة زمنية مهمة من دمشق. بعكس كل الأعمال الشامية السابقة، ستكون المرأة العاملة حاضرة في المجتمع عوضاً عن المرأة المكبوتة في المنزل بين أربعة جدران، كما يحضر الدور التجاري للمرأة، وكذلك الدور التعليمي والثقافي، والسعي إلى محاربة الأمية والتخلف. وسيظهر المجتمع الدمشقي كما هو، وليس كما كان يظهر في العادة، مجتمعاً مغلقاً وسيرى الجمهور الحالة الثقافية في دمشق، وسيرى المرأة الدمشقية عاملة وتاجرة ومثقفة ومحاربة للجهل وللأمية، بل سيراها الجمهور تواجه زعماء وأغوات من أجل لقمة الناس. وبعكس طرحها في باقي المسلسلات من ولادة وطلاق وحمل وزواج وعنوسة، يتسم بحالة نسائية لم تشهدها باقي أعمال البيئة الشامية من قبل، لتكون النساء المحرك الأساسي في النص. كما سيكون التوثيق موجوداً إضافة إلى بعض القصص المفترضة والخيالية، ليكون العمل خارجاً عن النمط المعتاد الذي كنا نراه بعيداً عن الفانتازيا الشامية ونافذة حقيقية على دمشق الواقعية في زمن غابر. والعمل من تأليف رضوان شبلي ومن إنتاج سما الفن "سورية الدولية سابقاً".