واشنطن - يوسف مكي طالب مجلس الشيوخ بضرورة التوصل إلى حل وسط بشأن السياسية الضريبية، وقال محذرا إن بديل ذلك هو خسارة ناتج صفقة الإنقاذ المالية.وتشير صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن الولايات المتحدة خاضت، السبت الماضي، لحظات تأرجح وتردد في ما يتعلق بمفاوضات الساسة الأميركان بشأن ما يسمى بالهاوية أو المنحدر المالي، حيث واصلت قيادات مجلس الشيوخ مساوماتها بشأن صفقة ضريبية تهدف إلى تفادي الولايات المتحدة أزمة اقتصادية.
وقد احتشد زعماء الحزبين الجمهوري والديموقراطي داخل الكونغرس الأميركي، في محاولة أخيرة للاتفاق حول مشروع قانون، الأحد، يمكن إرساله إلى كل من مجلسي النواب والشيوخ قبل حلول مساء الأثنين. وفي الوقت الذي تتطلع فيه أسواق المال في العالم والحكومات الأجنبية بالإضافة إلى الناخب الأميركي، في لهفة إلى توصل الجمهوريين والديموقراطيين إلى تسوية وحل وسط في هذا الشأن، تعيش الإدارة الأميركية لحظات متأرجحة بين اليأس والأمل والاستسلام للقدر.
وكان الرئيس الأميركي قد وجه إلى زعيمي الكونغرس إنذارًا نهائيًا للتوصل إلى صفقة بحلول الأحد، وإلا فإنهم سوف يواجهون تصويتًا يعتمد في الأساس فقط على تدابيره ومعاييره الخاصة.
وقال في اجتماع جمع بينه وبين كل من زعيم الغالبية الديموقراطية هاري ريد وزعيم الغالبية الجمهورية ميتش ماكونيل، "إن الشعب الأميركي يراقب ما نفعله، وإن صبره على ما يبدو آخذ في النفاد". وقال أيضًا "إن أوان القرار الفوري حان الآن"، كما أعرب عن تفاؤله المتواضع في هذا الشأن.
ومن المنتظر أن يعقد مجلس النواب الذي يحظى بغالبية جمهورية جلسة الأحد، وأشار النائب جون بوهنير إلى أن مجلس النواب سوف يصوت على الصفقة، التي سوف يتوصل إليها مجلس الشيوخ.
يذكر أن المفاوضات التي يجريها الحزبان تدور بشأن التوصل إلى اتفاق يحول دون انحدار الاقتصاد الأميركي نحو هاوية مالية، بسبب الآثار الاقتصادية التي يمكن أن تترتب على زيادة الضرائب وخفض الإنقاق، وما يتطلبه ذلك من خفض في عجز في موازنة الولايات المتحدة بداية من العام 2013، في حالة استمرار العمل بالقوانين الحالية دون تغيير.
وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الحزبين في هذا الشأن فإن 88 في المائة من الشعب الأميركي سوف يواجهون ارتفاعًا في الضرائب، اعتبارًا من أول يوم في العام الجديد، وهو اليوم الذي ينتهي فيه العمل بسياسة الخفض الضريبي، المعمول بها منذ عصر بوش. كما أن الولايات المتحدة سوف تضطر إلى خفض حاد في الإنفاق، كما سيفقد مليونان من العاطلين على المدى البعيد الإعانات المالية التي كانوا يحصلون عليها.
كما حذر مكتب الموازنة التابع للكونغرس من أن ممارسة الألعاب البلهوانية السياسية بشأن ما يسمى بالهاوية المالية سوف تدفع بالولايات المتحدة نحو الركود الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة من نسبة 7.9 إلى 9.1 في المائة.
وقد شهدت البورصة الأميركية انخفاضا لليوم الخامس على التوالي في الوقت الذي يتطلع فيه المستثمرون بشغف وقلق بالغ إلى ما يمكن أن يسفر عنه المشهد الدرامي الأخير، في هذه الدراما الأميركية البطئية والمطولة.
وأعرب أحد المواطنين في الولايات المتحدة عن حالة الغضب والقلق وافتقاد الثقة التي يعيشها في الوقت الراهن بقوله "أنا أكرهكم يا أعضاء الكونغرس، عليكم اللعنة، خلصونا من هذا المأزق بالتوصل إلى اتفاق".
ويستعد كل من الطرفين لإلقاء اللوم على الطرف الآخر في حال الفشل في التوصل إلى حل، الأحد، ويستعد أوباما لطرح تصوراته في هذا الشأن في برنامج "واجه الصحافة"، على شبكة "إن بي سي" الإخبارية. وكانت تعليمات أوباما لمجلس الشيوخ الرامية إلى التوصل إلى صفقة قد أعقبها موجة من التصريحات الحادة من كلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي، فقد اتهم زعم الغالبية في مجلس الشيوخ ريد، النائب بويهنر بممارسة الديكتاتورية داخل مجلس النواب، ووضع منصبه كنائب فوق المصالح القومية للولايات المتحدة.
يذكر أن الولايات المتحدة تعيش في الوقت الراهن أزمة استقطاب أيديولوجي بشأن كيفية معالجة العجز الفيدرالي، حيث يطالب الديموقراطيون برفع الضرائب بينما يطالب الجمهوريون بخفض الإنفاق.
ويخشى الجمهوريون من تحمل غالبية اللوم في حال سقوط الولايات المتحدة في ما يسمى بالهاوية المالية، إلا أن الأزمة الاقتصادية يمكن أيضًا أن تحطم فترة رئاسة أوباما الثانية والقضاء على سمعته.
ويقول أوباما إنه في حال عدم التوصل إلى صفقة داخل مجلس الشيوخ فإنه سوف يطرح صفقة وصفت بأنها مخفضة، وفقًا لمعدلات ثابتة، تهدف إلى تخفيف وطأة السقوط في الهاوية المالية، وذلك من خلال مد التخفيضات الضريبية للطبقة المتوسطة، والإبقاء على الإعانات المالية التي يتلقهاها العاطلون عن العمل. وقام أوباما بإبلاغ زعيمي الكونغرس بأنه سوف يطرح صفقته هذه للتصويت في حل فشلهما في التوصل إلى حل وسط. وقال أوباما إن خطته سوف تسمح برفع الضرائب على العائلات التي تكسب دخلاً يزيد على 250 ألف دولار، وقال إنه يعتقد دون يقين تام بأن هذه الصفقة سوف تحظى بموافقة مجلسي الشيوخ والنواب. إلا أن الجمهوريين يرغبون في رفع سقف الخفض الضريبي ليشمل العائلات الثرية.
ويقول ريد أن اي اتفاق يتم التوصل إليه لن يحظى بموافقة الجميع فهناك المؤيد وهناك المعارض، الأمر الذي يحتم على الجميع ببذل أقصى ما يمكنه في هذا الصدد.
ويقول ماكونيل أن الصفقة باتت وشيكة وأنها متفاءل ، وهناك من يردد بأن الفجر عادة ما يسبقه الظلام الدامس.
أما السيناتور الجمهوري بوب كوركر فيقول: إن محادثات اللحظات الأخيرة ما هي إلا خدع تجميلية، الهدف منها إعطاء الانطباع بأن ساسة أميركا يمارسون نشاطهم، وأنهم يفعلون شيئًا، ووصف ذلك بأنه تقصير في أداء الواجب، وأعرب عن دهشته بسبب عدم قيام الرئيس بتقديم خطة متكاملة بشأن هذه الأزمة، ولكنه عاد وقال: إن الكونغرس كان في إمكانه أن يقوم بتقديم خطة متكاملة في هذا الشأن.