مقر الاتحاد التونسي للشغل
تونس ـ أزهار الجربوعي
أكد وزير المال التونسي بالنيابة سليم بسباس، أن أحداث العنف والفوضى الأخيرة في البلاد التي تلاها إعلان للإضراب العام، الخميس المقبل، تسببت في إفشال المفاوضات مع السوق اليابانية، في حين أشار اقتصاديون إلى أن تكلفة الإضراب العام قد تصل إلى 300 مليون دولار في اليوم الواحد، يأتي ذلك
في الوقت الذي كشفت فيه تقارير منظمة الشفافية الدولية تراجع تونس بنقطتين في التصنيف العالمي للفساد.
وأعلن بسباس، أن أعمال العنف الأخيرة التي رافقها إعلان الإضراب العام في البلاد من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى المنظمات النقابية)، أثرت سلبا على مسار المفاوضات مع مستثمرين من السوق اليابانية، موضحا أن خسارة هذا السوق فوتت على تونس فرصة تعبئة موازنة البلاد لسنة 2013 بمبلغ يناهز 800 مليون دولار، لتخوف المستثمرين بعد الهزات الاجتماعية والمواجهات العنيفة التي شهدتها البلاد .
وبشأن تداعيات الإضراب العام الذي دعا له الاتحاد العام التونسي للشغل يوم الخميس المقبل، أكد الوزير أن مجرد الإعلان عن إضراب عام له انعكاسات سلبية على الاقتصاد بالدرجة الأولى، وعلى صورة تونس في الخارج بدرجة ثانية، وهو ما قد يساهم في عرقلة العديد من الاستثمارات الأجنبية بالبلاد.
وشدد بسباس، على أن التجاذبات السياسية والإحتقانات الاجتماعية وارتفاع المطلبية ألقت بظلالها على بورصة الأوراق المالية، حيث سجلت البورصة الستة أشهر الأولى ارتفاعا بنسبة 12%، في حين تعرف الآن تقهقرا إلى ما دون الصفر.
في المقابل، أكد رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، أنه "ليس قلقا من الإضراب العام" لكنه يخشى انعكاساته الخطيرة التي يمكن أن تطال اﻟﺸﻌﺐ واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.
وبيّن عدد من خبراء الاقتصاد التونسيين لـ"العرب اليوم" أن الإضراب العام الذي أقرته المنظمة الشغيلة، كردة فعل على تعرض قياداتها ونقابييها للهجوم، من شأنه أن يكلف خزينة الدولة خسائر فادحة تصل إلى 300 مليون دولار في اليوم الواحد.
وحذّر الخبير المالي والبنكي عز الدين سعيد، من انعكاسات قرار الإضراب العام على شركاء تونس في الخارج، مقدرا الأضرار المباشرة المتوقعة بين 100 و300 مليون دولار يوميًا، فيما اعتبر الأستاذ بالمدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في تونس فتحي النوري الإضراب العام الضربة موجعة للاقتصاد الوطني.
فيما أصدر اتحاد الشغل بيانا تحصل "العرب اليوم" على نسخة منه، يشرح فيه التراتيب العامة للإضراب العام، ومن أهم الإجراءات التي اتخذها المكتب التنفيذي للاتحاد، تواصل تأمين الخدمات الاستعجالية وجمعيات المعاقين واستمرار كل عمال المخابز وأعوان الصيدليات في تقديم الخدمات، إضافة إلى ضمان الحد الأدنى من فرق الإنتاج والتدخلات السريعة عند وقوع أعطاب أو تسريبات في قطاعي المياه والكهرباء والغاز.
وفي سياق متصل، قدّم عدد من تُجار محافظة جندوبة، الثلاثاء، عريضة إلى السلط الجهوية طالبوا فيها بتوفير الحماية الأمنية لمحلاتهم التجارية يوم الإضراب العام، معبرين عن تخوفهم من التعرض إلى الاعتداء، خاصة وأنهم قرروا العمل يوم الخميس، وفتح متاجرهم نظرا للظروف المادية الصعبة التي يعيشونها إضافة إلى حاجتهم الماسة للعمل .
على صعيد آخر، أشارت منظمة الشفافية الدولية المعنية بتتبّع الفساد في العالم في تقريرها السنوي إلى تراجع تونس إلى المركز 75 أي بدرجتين عمّا كانت عليه في السنة الماضية، وهو ما يعني تواصل تقهقر تونس على صعيد الشفافية ومكافحة الفساد مسجلة خسارة 16 نقطة كاملة في هذا الترتيب خلال عامين فقط بعد أن كانت سنة 2010 في المركز 59.
وفي سياق متصل، تحدث وزير الحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الأدغم، في جلسة للمجلس الوطني التأسيسي عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، في حضور رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، ورئيس الحكومة حمادي الجبالي،تحدث عن الملامح الرئيسية لاستراتيجية مكافحة الفساد وعن أهم التحديات والعراقيل التي تعترضها، حيث دعا رئيس الحكومة إلى ضرورة دعم المساءلة والمحاسبة في القطاعين العام والخاص للحد من ظاهرة الفساد.
وقال الجبالي، إن من بين محاور الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تدعيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالموارد البشرية والمالية الضرورية لأداء مهامها على أكمل وجه، إضافة إلى تعزيز دور المجتمع المدني والنهوض بالصحافة الاستقصائية.
في حين طالب رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر، بتعزيز صلاحيات الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد، موضحا أن السبيل للحد من ظاهرة الفساد هو بناء نظام سياسي يقوم على الفصل والتوازن بين السلط إلى جانب تعزيز دور الهياكل الرقابية وتطوير آلية الإستقصاء والتحري في متابعة ملفات الفساد.
من جهته، أكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أن تراجع تونس بعد الثورة في في قائمة الدول التي تعاني من الفساد من المرتبة 59 إلى المرتبة 75 يُثير العديد من التساؤلات، معربا عن ثقته في أنّ البلاد ستتمكن من تخطي هذه الأزمة وترتقي إلى مراكز أفضل بكثير قائلا: "سنربح المعركة ضد الفساد".
واشترط رئيس الجمهورية جملة من العوامل للخروج بالبلاد من الفساد، من أهمها توفر الإرادة السياسية وتكوين مؤسسة وطنية مستقلة لمراقبة ظاهرة الفساد إضافة إلى تفعيل دور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني في هذا المجال.
كما اشترط المرزوقي ما عبر عنه بترسانة قوانين تفرض الشفافية على جميع المؤسسات، داعيا إلى إحداث مدارس تُعلّم "فن محاربة الفساد" والتهرب الجبائي شبيهة بما يوجد في الدول الأسيوية.
من جهة أخرى ،أكد رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية الفرجاني دغمان، أنه من المتوقع إحالة مشروعي موازنة الدولة وقانون المالية لسنة 2013 على الجلسة العامة للمجلس التأسيسي يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2012.
وأضاف دغمان، معلقا على مواصلة لجنة المالية مناقشة الإجراءات الجبائية الواردة في مشروع قانون المالية أن انتظار رد الوزارة على بعض الاستفسارات، سيعطل أعمال اللجنة خاصة مع تلويح بعض الأعوان العاملين في المجلس بتنفيذ إضراب خلال الأيام القادمة.