مراكش - العرب اليوم
تنعقد في مدينة مراكش المغربية فعاليات المؤتمر العاشر للمنتدى العالمي للصناديق السيادية، الذي خصص جلسته العمومية أمس لمناقشة فرص الاستثمار في أفريقيا، والعراقيل التي تواجه المستثمرين، بخاصة مشاكل الشفافية والفساد وضعف إعداد المشاريع.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 200 شخص يمثلون 120 مؤسسة مالية دولية، ضمنها 32 صندوقًا سياديًا , ومن أبرز القضايا التي سيناقشها المؤتمر، الذي تأسس قبل 9 سنوات في الكويت، إعادة صياغة ميثاق مبادئه المعروفة بمبادئ سانتياغو، والذي شكل اعتماده في عاصمة الشيلي قبل 10 سنوات حجر الزاوية في تأسيس المنتدى.
وقال محمود عبد الرحمن، مدير في الهيئة العامة الكويتية للاستثمار، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إن المناقشات الجارية في مراكش بشأن مراجعة ميثاق مبادئ الصناديق السيادية تدور حول ثلاثة محاور رئيسية، هي تعزيز الشفافية، والحوكمة، وإيجاد آلية جديدة لكيفية إثبات الالتزام بهذه المبادئ.
وأضاف أنه قبل 10 سنوات عندما تأسس المنتدى كان هناك ضغط شديد من الدول الغربية بهدف إخضاع الصناديق السيادية إلى رقابة صارمة لصندوق النقد الدولي، إذ تعتبر حكومات هذه الدول أن استثمارات هذه الصناديق تخضع إلى اعتبارات سياسية وليس للقواعد الاقتصادية , غير أن الصناديق السيادية كانت ترفض أن تكون عرضة لهذه الرقابة, وزاد قائلًا "لذلك كان إصدار هذا الميثاق الذي يضم مجموعة من المبادئ والممارسات الفضلى، من أجل طمأنة الحكومات الغربية وتوجيه رسالة للعالم بشأن دور هذه الصناديق ومساهمتها في التنمية انطلاقًا من اعتبارات اقتصادية وتجارية، في إطار من الشفافية والحكامة الجيدة والتدبير الرشيد" , وسيتميز مؤتمر مراكش بانتخاب رئيس المنتدى، وهو المنصب الذي يرتقب أن يؤول لصندوق أبوظبي للاستثمار.
وشكلت فرص الاستثمار في أفريقيا الموضوع المحوري للجلسة العامة لمؤتمر منتدى العالمي للصناديق السيادية أمس في مراكش، وهو الموضوع الذي يكتسب أهمية خاصة اعتبارًا للدور الذي تلعبه هذه الصناديق في تعبئة الأموال المتوفرة في البلدان التي يوجد فيها فائض، وإعادة توجيهها إلى البلدان التي تشهد نقصًا في التمويلات، بخاصة في مجال البنيات التحتية.
وقال جين ليكون، رئيس البنك الآسيوي للاستثمار، إن معظم البلدان الأفريقية تصدر المواد الأولية وتعيد استيرادها بعد تصنيعها، مضيفًا "ما نصبو إليه هو تمويل مشاريع صناعية في أفريقيا حتى تتمكن من تثمين منتجاتها من المواد الأولية محليًا قبل تصديرها، وبالتالي تحقيق قيمة أكبر" , وأشار أن أفريقيا تحتاج إلى 1.7 تريليون دولار لتغطية النقص الحاصل في البنيات الأساسية، مؤكدًا أن الصين مستعدة للمساهمة في تمويل وإنجاز هذه المشاريع، بخاصة عبر الصندوق الآسيوي للاستثمار، والذي قال إن نشاطه ليس حصريًا على القارة الآسيوية.
وأشار ليكون إلى أهمية الشفافية ومحاربة الفساد في استقطاب الاستثمارات، مشيرًا أن البنك الآسيوي للاستثمار ينتهج سياسة صارمة في هذا المجال، وقال "لدينا في البنك الآسيوي للاستثمار لا أحد فوق القانون مهما كانت درجته في هرم المسؤولية" , قال أوشي أورجي، رئيس الصندوق السيادي النيجيري، إن مشكلة الفساد ليست حكرًا على القارة الأفريقية، مشددًا على أن الدول الغربية تتحمل مسؤولية كبيرة في انتشار الفساد في أفريقيا. وأضاف "لدينا مثل شعبي يقول إن "فأرة البيت هي التي تخبر فئران القرية عن مكان وجود القطة"، مشيرًا أن أموال الفساد التي تهرب من أفريقيا تجد ملاذات آمنة في البنوك الغربية, وقال أوشي "لولا أن هناك تعاونًا وتواطؤًا لما كان عندنا فساد, فالجميع متورط"، داعيًا الحكومات الغربية إلى إرجاع الأموال الأفريقية المنهوبة.
وتحدث أوشي عن الإجراءات التي اتخذتها نيجيريا لمكافحة الفساد، ذاكرًا منها توحيد الحسابات البنكية لتسهيل اقتفاء الخارجين على القانون، وأيضًا الانفتاح على المنظومات الجبائية الدولية , وتحدث أوشي أيضًا عن المخططات التنموية الصناعية لبلاده، مشيرًا إلى تجربتها في مجال إطلاق مشاريع صناعية كبرى مع المغرب.
وتحدث سامويل مونزل مايمبو، رئيس وحدة تمويل التنمية لدى البنك الدولي، عن تطور تدفق الاستثمارات الخارجية لأفريقيا، مشيرًا أن حجمها ارتفع من 40 مليار دولار في 2010، إلى نحو 50 مليار دولار حاليًا , وأشار أن هذه الاستثمارات تتركز بنسبة 50 في المائة في ست دول، هي مصر ونيجيريا وغانا وموزمبيق وأنغولا وكينيا , ووفق القطاعات، توجه نسبة 30 في المائة من هذه الاستثمارات إلى قطاع الماء والغاز، و19 في المائة لقطاع الخدمات، و14 في المائة لقطاع البناء.
وأضاف أن الصناديق السيادية بدأت تهتم بشكل متزايد بالاستثمار في أفريقيا، مشيرًا أن محفظة استثماراتها الأفريقية أصبحت تناهز 20 مليار دولار , وعن أبرز معوقات نمو استثمارات هذه الصناديق في أفريقيا، أشار مايمبو إلى ضعف إدراج الشركات الأفريقية في البورصة , وقال "إن 700 شركة أفريقية تحقق 40 في المائة من رقم المعاملات على الصعيد الأفريقي؛ غير مدرجة في البورصة".
و أشار طارق الصنهاجي، الرئيس التنفيذي لصندوق إثمار كابيتال المغربي، إلى حجم الفرص التي تهدرها أفريقيا بسبب ضعف المبادلات البينية , وأوضح أن المبادلات البينية للدول الأفريقية لا تمثل سوى 14 في المائة من تجارتها الخارجية، وأن الدول الأفريقية تقتني نسبة 68 في المائة من حاجياتها من خارج أفريقيا , ودعا إلى تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الأفريقية عبر بحث التكاملات الصناعية وإطلاق مشاريع مشتركة.
وتحدث الصنهاجي عن تجربة المغرب في مجال الاستثمار في أفريقيا، مشيرًا أن الصندوق السيادي المغربي (إثمار كابتال) صندوق صغير، غير أنه تمكن من خلال الإعداد الجيد للمشاريع واختيار المشاريع الجيدة القابلة للتمويل تمكن من إيجاد صناديق استثمار حليفة، بخاصة الصناديق العربية، لتمويل هذه المشاريع.
ودعا هاندريك دي توات، رئيس صندوق أنفيستيك في جنوب أفريقيا، الدول الأفريقية إلى التعاون على الصعيد الإقليمي وإطلاق مشاريع كبرى مشتركة على الحدود , وقال "عندما نخطط لمشروع معين علينا أن نضع نصب أعيننا تموين المنطقة بكاملها وليس بلدا معزولًا", وأشار إلى أن مشاريع من هذا الحجم إذا توفرت لها شروط الإعداد الجيد والتعاون بين الدول المعنية والشفافية، من شأنها أن تشد اهتمام كبار المستثمرين وأن تستقطب التمويلات.