الخرطوم - العرب اليوم
حرّك بنك السودان المركزي أمس سعر الجنيه الرسمي أمام الدولار للمرة الثالثة على التوالي خلال أسبوعين، ليبلغ 29 جنيها، بعد تحركه الأسبوع الماضي عند 28 جنيها، ومن نحو 18 إلى 20 منذ أسبوعين.
وفي حين أكد سعود البرير، رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني، الذي قالت الحكومة إنها ستجعله شريكا أساسيا في سياستها الاقتصادية، لـ"الشرق الأوسط"، أن القرار الذي اتخذه بنك السودان بتحديد سعر تأشيري للدولار 3 مرات خلال أقل من أسبوعين تراجعا ثم ارتفاعا ثم تراجعا، قد خلف ربكة في الاستيراد والسوق عموما.
وظهر هذا جليا بعد أن رفض البنك المركزي التصديق على عملية استيراد من رجل الأعمال السوداني أحمد الأصم، الذي التقته "الشرق الأوسط" في البنك المركزي أمس الثلاثاء، وقال: "اليوم الأمور غير مستقرة... لا نعرف الوضع ذاهب بنا إلى أين... بالأمس ارتفاع واليوم انخفاض... نريد سعرا ثابتا لفترة معقولة".
وكان الأصم قد تقدم بطلب للحصول على الدولار، لحظة إعلان السعر التأشيري الجديد أمس، إلا أنه لم يحصل على موافقة بعد ندرة الاحتياطي الأجنبي لتغطية كل احتياجات البلاد من العملة الأميركية.
وفي غضون ذلك، علقت الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء خدماتها للعملاء الجدد، بسبب التفاوت في سعر جنيه الاستيراد. وحدد لعملاء البنوك سحب النقود بما بين 20 و10 آلاف جنيه لكل عميل يوميا، فيما تشهد الصرافات الآلية شحّاً لافتاً في السيولة.
وأول من أمس تدخلت الرئاسة السودانية وللمرة السادسة أمس لضبط سوق النقد الأجنبي في البلاد، والاقتصاد عموما، وذلك بحضور كل الطاقم الاقتصادي في البلاد، بما فيه جهاز الأمن الاقتصادي، الذين عين له مدير جديد، بعد تعين مدير عام سابق لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني أول من أمس.
وقال عبد الرحمن ضرار، وزير الدولة في وزارة المال، للصحافيين، إن الاجتماع تناول استقرار الأوضاع الاقتصادية في البلاد، خصوصا فيما يتعلق بسعر الصرف، حيث أقر المجتمعون الاستمرار في امتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، ليتم توظيفها في المشروعات الإنتاجية.
وأشار ضرار إلى أن الاجتماع ناقش إجراءات مكافحة التهريب، خصوصا فيما يتعلق بزيادة شرطة المعادن وتعظيم دورها في مكافحة التهريب، ومراقبة إنتاج الذهب وتحديد حجمه وضمان بيعه لبنك السودان، وضرورة تشديد العقوبات على المتهربين من دفع الضرائب. ويعمل بنك السودان حاليا بسياسات جعلت جميع مبيعات ومشتريات وعائدات الذهب في البلاد تؤول إليه بهدف دعم الكتلة النقدية في البلاد وضبط الدولار.
ومنذ بدء تطبيق موازنة 2018 وما صاحبها من زيادات في أسعار السلع الأساسية والضرورية، استبعدت الحكومة تبني سعر صرف تحدده قوى السوق، لكنها اعتمدت نطاقا سعريا تتداوله البنوك. وهوى الجنيه السوداني إلى مستويات قياسية منخفضة في السوق السوداء هذا العام، بعدما جرى تخفيض قيمته إلى 18 جنيها للدولار، من مستوى سابق عند 6.7 جنيه، عقب دعوة صندوق النقد الدولي إلى تحرير العملة، وإقرار "المركزي" والتطبيق في موازنة البلاد لعام 2018، التي رفعت كذلك سعر الدولار الجمركي من 6.9 إلى 18 جنيها، فتضاعفت أسعار المستورد 300 في المائة.
ويواجه الاقتصاد السوداني صعاب منذ انفصال الجنوب في 2011 مستحوذا على ثلاثة أرباع إنتاج النفط، الذي كان حجمه 470 ألف برميل يوميا. لكن الولايات المتحدة رفعت عقوبات اقتصادية استمرت 20 عاما على السودان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ونصح صندوق النقد البلاد بإجراء إصلاحات واسعة.