القاهرة - العرب اليوم
أعلن صندوق النقد والحكومة المصرية التوصل إلى اتفاق قرض قيمته 12 بليون دولار على 3 سنوات لدعم الاقتصاد. وأكد رئيس بعثة الصندوق كريس كارفيس في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة أمس مع محافظ البنك المركزي طارق عامر ووزير المال عمرو الجارحي أن "نسبة الدَيْن العام إلى الموازنة تصل إلى 98 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه نسبة مرتفعة جداً ومقلقة، وخفضها في الأجل المتوسط من أهم خطوات الإصلاح الاقتصادي".
وأضاف: "أن الصندوق دعم برنامج الإصلاح الذي جاء ضمن خطة الحكومة"، مشيراً إلى أن "مجلس إدارة الصندوق سيقرّ القرض خلال أسابيع".
وأكد أن "الاتفاق يخضع لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق المتوقع أن ينظر في طلب مصر خلال الأسابيع المقبلة"، موضحاً أن "على المركزي أن يبقى يقظاً في مراقبة سوق الصرف للتدخل وضبطها وفقاً لقوى العرض والطلب". وأضاف كارفيس أن "على الحكومة خفض مدفوعات الفائدة على الدَيْن للسيطرة على بند الدَين العام المتضخم حالياً"، مشدداً على ضرورة "خفض عجز الموازنة إلى 5.5 في المائة مع نهاية برنامج التمويل، على ألا يتجاوز الدَين العام 88 في المائة خلال الفترة المذكورة". وارتفع عجز الموازنة بين تموز (يوليو) وأيار (مايو) من العام المالي 2015-2016 الماضي نحو 49.12 بليون جنيه (5.5 بليون دولار)، وسجل 311.02 بليون جنيه، أي 11.2 في المائة من الناتج المحلي، مقارنة بـ261.9 بليون جنيه، أو 10.8 في المائة، خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق.
وقال عامر إن "مصر تعاني اختلالات مالية ونقدية كبيرة تكبل مساعي الإدارة الحالية لتحقيق النمو والتنمية المطلوبة"، مؤكداً أن "القرض يمنح برنامج مصر الإصلاحي ثقة ويهدئ حدة التوتر في سوق الصرف، ويؤكد أن البرنامج علمي وواقعي وحقيقي نتمكن خلاله من جلب مزيد من الاستثمارات لاستعادة التوازن الاقتصادي".
وقال الجارحي إن "الصندوق يدفع الحكومة إلى تقوية شبكات الأمان والحماية الاجتماعية، ويتم تدارك ذلك خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي عبر هيكلة منظومة الدعم وتوجيه حصيلتها إلى برامج للحماية الاجتماعية". ولفت إلى أن "ذلك يستلزم إصلاحاً هيكلياً عبر خلق ظروف أفضل لنمو الأعمال وتيسيرها، ما يدفع النمو للأمام ويساهم في إيجاد فرص عمل، تعتبر أولوية إضافة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة والاستمرار في برنامج تقليص دعم الطاقة الذي بدأ عام 2014".
بدوره قال رئيس "الاتحاد العام للغرف التجارية" أحمد الوكيل إن "الاتفاق شر لا بد منه لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والخروج من النفق المظلم الذي دخلته مصر منذ 5 سنوات"، مؤكداً أن "القرض دواء مر وستكون له تبعات سلبية على شرائح محدودي ومتوسطي الدخل، ولكن مرض الاقتصاد المصري زاد عن الحد ولا بد من تحمل مرارة الدواء وتكاتف الجميع وتحمل تبعاته لمدة سنة على الأقل حتى نخرج من الأوضاع الحالية".
وطالَب الوكيل بإيجاد منظومة أمان اجتماعي لحماية محدودي ومتوسطي الدخل، مقترحاً زيادة قيمة فارق نقاط الخبز أو مستحقات الفرد على البطاقات التموينية، كما حدث قبل شهر رمضان المبارك بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي زيادة حق الفرد على البطاقات التموينية 20 في المائة لمواجهة ارتفاع الأسعار بعد أزمة الدولار.
ويأمَل خبراء في أن يُنعش القرض الاقتصاد المصري الذي يعاني التضخم ونقص احتياط النقد الأجنبي نتيجة تراجع إيرادات السياحة إلى 3.5 بليون دولار وعائدات الاستثمار الأجنبي والانخفاض الحاد في تحويلات المصريين من الخارج.
واعتبر رئيس قسم البحوث في شركة "بلتون المالية القابضة" هاني جنينة أن "تنويه الصندوق بضرورة إتباع المركزي المصري سياسة نقدية تستهدف التضخم في الأساس، يشبه السياسة التي اتبعها المركزي منذ مطلع السنة برفع أسعار الفائدة 1.5 في المائة و1 في المائة على التوالي، ما من شأنه سحب جزء كبير من السيولة خلال فترة الإعلان عن الخطوات التنفيذية لرفع الدعم"، متوقعاً زيادة جديدة في أسعار الفائدة بين 1 و2 في المائة خلال الاجتماع المقبل.
وأكد أن "العام الحالي يشهد تدفقات نقدية من خلال القروض والمساعدات تتراوح بين 5 و 6 بلايين دولار من تعهدات سابقة لدول الخليج قد يتم تفعيلها خلال الأسبوعين المقبلين على أبعد تقدير، فضلاً عن قروض محتملة من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي".
وتوقّع الصندوق تراجع عجز الموازنة المصرية من 98 في المائة إلى 88 في المائة في 2018-2019، مؤكداً أن "المركزي المصري سيعمل على زيادة احتياط النقد الأجنبي وخفض التضخم إلى معدل دون 10 في المائة". وكانت الحكومة المصرية أعلنت في تموز الماضي حاجتها لتمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 بليون دولار على ثلاث سنوات، من بينها 12 بليون دولار من صندوق النقد.