واشنطن - العرب اليوم
تبوأت مخاوف التجارة الدولية مرة أخرى مركز الصدارة بعدما أشيع عزم الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على قائمة جديدة من السلع الصينية بقيمة 200 مليار دولار، مع توقع تدابير مضادة مماثلة من قبل الصين. وقد تأثرت الأسواق في أرجاء العالم كافة بتلك الأنباء، بما في ذلك أوروبا وآسيا، وشهدت أسواق النفط تراجعًا على خلفية ما قد يخلفه النزاع التجاري بين اثنين من أكبر اقتصادات العالم، وأثر ذلك في تراجع الطلب على النفط.
وقال تقرير صادر عن شركة "كامكو" للاستثمار وإدارة الأصول "إن أسعار النفط تأثرت أيضا بعد إشاعة احتمال قيام الولايات المتحدة بتخفيف حدة موقفها بشأن العقوبات على إيران، مما قد يتيح المجال لبعض الدول باستيراد النفط منها. وفي غضون ذلك، يشاع أن إيران من جانبها أبلغت عملاءها من المشترين الآسيويين، وتحديدًا الهند، باستمرار التبادل التجاري بينهما بعد الموعد النهائي المقرر لفرض العقوبات في نوفمبر /تشرين الثاني المقبل، علاوة على ذلك، قامت إيران أيضا بتخفيض أسعار خام النفط الخفيف الذي تورده إلى آسيا للمرة الأولى منذ أربعة أشهر.
وورد بالإضافة إلى ذلك، أن إنتاج ليبيا من النفط، الذي كان يعاني من ظروف قهرية في عدة موانئ أدت إلى خفض إنتاج البلد إلى النصف، عاد إلى معدلاته المعتادة. هذا وقد أدت العوامل المذكورة أعلاه إلى انخفاض سعر خام برنت في 11 يوليو/ تموز الحالي بأكبر وتيرة يومية له منذ سنتين.
توقعات وكالة الطاقة الدولية
وأظهرت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقرير شهري لها، التباطؤ في الطلب على النفط في الربع الثاني من العام 2018 بعد بداية قوية خلال الربع الأول من العام الجاري، ووفقا للتقرير، من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 1.3 مليون برميل يوميا خلال النصف الثاني من العام الحالي، بعد أن سجل 1.5 مليون برميل يوميا في النصف الأول من العام نفسه. إلى ذلك، من المتوقع أن ينخفض النمو خلال النصف الأول من العام 2019 إلى 1.2 مليون برميل يوميا على أساس شهري وأن يرتفع لاحقا إلى 1.6 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام 2019.
وشملت العوامل التي دعمت أسعار النفط في المقام الأول اضطرابات الإنتاج في الدول الرئيسية المنتجة للنفط. حيث أثر اضطراب الإنتاج خلال الشهر الماضي في المقاطعات الغربية من كندا على نحو 10 في المائة من إنتاجها، رغم أنه من المتوقع أن يعود الإنتاج مجددًا في وقت أقرب مما كان متوقعًا خلال الربع الثالث من العام 2018.
بالإضافة إلى ذلك، أدت إضرابات الإنتاج في النرويج إلى إغلاق حقل نفط بحر الشمال الذي يؤثر على نحو 23 ألف برميل يوميًا من إنتاج النفط.
إنتاج دول "أوبك"
وكانت الاضطرابات السائدة في ليبيا في إطار دول منظمة الأوبك، عطلت صادراتها ودفعت الإنتاج للتراجع بمعدل النصف منذ بداية العام. كما تشير التقارير إلى أن عدد منصات الحفر في فنزويلا، التي لا تزال تتعامل مع صعوبات اقتصادية، قد بلغ 26 منصة. ونتيجة لذلك، ظل إجمالي إنتاج أوبك ثابتًا رغم زيادة إنتاج السعودية بمعدل 330 ألف برميل يوميًا ليبلغ نحو 10.3 مليون برميل يوميًا.
وجاءت تلك الزيادة في إنتاج المملكة بعد أن أقرت أوبك خلال اجتماعها المنعقد الشهر الماضي زيادة متواضعة في الإنتاج النفطي للدول الأعضاء وغير الأعضاء بالمنظمة.
كما تمت الموافقة أيضا على تخفيض مستوى الالتزام باتفاقية خفض الإنتاج إلى 100 في المائة، ويعني ذلك زيادة قدرها مليون برميل يوميًا لمعدلات الإنتاج اليومي بدءًا من يوليو الحالي 2018. أي ما يعادل 1 في المائة من إجمالي إنتاج النفط العالمي. ويشمل ذلك زيادة قدرها 200 ألف برميل يوميًا من روسيا وفقا لبيان صادر عن وزير الطاقة الروسي.
الإنتاج الأميركي
وفيما يتعلق بإنتاج النفط الأميركي، أشار تقرير "كامكو" إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أبقت على توقعات الإنتاج للسنة الحالية من دون تغيير عند مستوى 10.79 مليون برميل يوميًا مع توقع بلوغ الإنتاج 11.29 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأخير من العام؛ إلا أنه رغم ذلك، قامت الوكالة برفع توقعات الإنتاج للعام 2019 ليصل في المتوسط إلى 11.8 مليون برميل يوميا مع توقع أن يتخطى متوسط الإنتاج مستوى 12 مليون برميل يوميًا خلال الربع الرابع من العام 2019 مما يجعل من أميركا أكبر منتج للنفط على مستوى العالم.
وقامت الوكالة على صعيد الطلب، بتخفيض الطلب المتوقع في العام 2018 بواقع 60 ألف برميل يوميًا، إلا أنها رفعت من توقعات الطلب في العام 2019 بمعدل 10 آلاف برميل يوميًا.
أحداث حزيران الماضي
وكان ارتفع إنتاج أوبك خلال حزيران /يونيو الماضي 2018 للمرة الأولى منذ تسعة أشهر، وإن كان ارتفاعًا هامشيًا بواقع 30 ألف برميل يوميًا حيث بلغ 31.83 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات الإنتاج الصادرة عن وكالة بلومبرغ. فخلال يونيو /حزيران، وافقت أوبك على انضمام الكونغو للمنظمة لتصبح بذلك العضو الخامس عشر، علمًا بأن مستوى إنتاجها يبلغ 331 ألف برميل يوميا، استنادًا لمصادر أوبك الثانوية، وبناء على ذلك يرتفع إنتاج دول المنظمة إلى 32.2 مليون برميل يوميًا في يونيو 2018، بنمو يصل إلى 40 ألف برميل يوميًا على أساس شهري. وخلال ذات الشهر، قامت السعودية برفع إنتاجها النفطي بواقع 330 ألف برميل يوميًا في أعقاب اجتماع أوبك الذي تم خلاله الموافقة على زيادة الإنتاج.
وبلغ معدل إنتاج المملكة 10.3 مليون برميل يوميًا ما يعد أعلى معدل إنتاج لها خلال 18 شهرًا. إلا أنه رغم ذلك، تم محو أثر تلك الزيادة بأكملها تقريبًا نتيجة للتراجع الحاد في إنتاج ليبيا بمعدل 0.3 مليون برميل يوميًا إلى أدنى مستويات منذ أبريل /نيسان 2017.
كما انخفض الإنتاج في أنغولا بنحو 120 ألف برميل يوميًا في ظل بعض المشاكل التقنية التي أصابت حقول النفط القديمة رغم تخطيطها لزيادة الإنتاج بواقع 250 ألف برميل يوميًا بحلول العام 2020 عن طريق استقطاب شركات النفط الدولية الكبرى من خلال تشريعات جديدة لقطاع الطاقة وتيسير شروط الاستثمار.
توقعات نمو الطلب العالمي
واستقرت توقعات النمو العالمي للطلب على النفط للعام 2018 من دون تغيير عند مستوى 1.65 مليون برميل يوميًا لتصل في المتوسط إلى 98.85 مليون برميل يوميًا، وإن كان هناك تغيرات لمعدلات الطلب داخل المناطق المختلفة. وقد تضمنت هذه التعديلات الداخلية في معدلات الطلب تعديل الأرقام الخاصة بمنطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 0.1 مليون برميل يوميًا في الربع الأول من العام 2018 نتيجة لتحسن البيانات التي أشارت إلى مستويات أفضل من المتوقع من قبل الدول الأميركية التابعة لمنظمة التعاون، خاصة في الولايات المتحدة فيما يتعلق المواد المقطرة الخفيفة والمتوسطة بدعم من قطاع البتروكيماويات القوي والتطورات الإيجابية على صعيد الأنشطة الصناعية.
وتمت مراجعة تقديرات الطلب خارج نطاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتخفيضه بنحو 0.1 مليون برميل يوميًا في الربع الثاني من العام 2018 نتيجة لمعدلات طلب أقل من المتوقع من قبل أميركا اللاتينية والشرق الأوسط. حيث أثر إضراب سائقي الشاحنات في البرازيل الذي استمر لمدة تسعة أيام على الطلب في أميركا اللاتينية في حين أدى تباطؤ أنشطة البناء وسياسات خفض الدعم في الشرق الأوسط إلى انخفاض الطلب خلال هذا الربع. ووفقًا لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن أوبك والتي قامت بنشر توقعاتها الأولية للعام 2019.
ويتوقع أن يسجل الطلب العالمي على النفط نموًا بواقع 1.45 مليون برميل يوميًا في العام 2019 مقابل توقعات العام 2018 البالغة 1.65 مليون برميل يوميًا. حيث إنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بواقع 0.27 مليون برميل يوميًا على خلفية ارتفاع طلب الدول الأميركية التابعة للمنظمة بسبب زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال ونواتج التقطير المتوسطة.
كما يُتوقع أن يرتفع الطلب من قبل أوروبا، وإن كان بوتيرة أقل، بينما يتوقع أن تشهد دول منطقة آسيا والمحيط الهادي التابعة لمنظمة التعاون والتنمية انخفاضا في الطلب على النفط بسبب برامج استخدام سبل بديلة للوقود.
وبالنسبة للدول غير الأعضاء بالمنظمة، فمن المتوقع أن يظل نمو الطلب أفضل من أقرانها من الدول الأعضاء بنحو 1.18 مليون برميل يوميًا، رغم أن نمو الطلب على أساس سنوي سيكون أقل بواقع 1.25 مليون برميل يوميًا عن توقعات العام 2018. في حين يتوقع أن يعزى ارتفاع الطلب في العام 2019 لأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط التي يقابلها انخفاض طفيف في الطلب من جهة الصين.
المعروض النفطي
وتم تعديل توقعات نمو المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة أوبك للعام 2018 ورفعها مرة أخرى بواقع 0.18 مليون برميل يوميًا بنمو قدره نحو مليوني برميل يوميًا ليصل في المتوسط إلى 59.54 مليون برميل يوميًا. وتعكس تلك المراجعة ارتفاع المعروض النفطي من قبل الولايات المتحدة بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة من قبل روسيا خلال النصف الثاني من العام 2018. كما تمت مراجعة المعروض النفطي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضه بواقع 71 ألف برميل يوميًا ومن المتوقع الآن أن يسجل نموًا بمعدل 1.88 مليون برميل يوميًا ليصل في المتوسط إلى 27.57 مليون برميل.
ويُتوقع أيضا أن ينمو المعروض النفطي للدول غير الأعضاء بمنظمة الأوبك في العام 2019 بوتيرة مماثلة في العام 2018 بنحو 2.1 مليون برميل يوميًا. وتأتي تلك الزيادة كنتيجة لارتفاع الإنتاج في أميركا الشمالية وتزايد المشروعات الجديدة في البرازيل، الأمر الذي يعادله جزئيا تراجع المعروض النفطي من كل من المكسيك والنرويج والصين بسبب الافتقار إلى المشروعات الجديدة وانخفاض إنتاجية حقول النفط القديمة. ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو إنتاج النفط الصخري خلال النصف الثاني من العام 2018 مع استمرار ذلك على مدار العام 2019 حيث يواجه الحوض البرمي عوائق مرتبطة بالطاقات الاستيعابية.
وتم تأجيل بعض التوسعات المخطط لها لخطوط الأنابيب، كما يستمر انخفاض الإنتاجية بالإضافة إلى التباطؤ في معدل منصات الحفر في الدول التابعة لمنظمة أوبك، كما يتوقع أن تقوم البرازيل وكندا برفع معدلات الإنتاج النفطي في العام 2019.