أنقرة - العرب اليوم
هبطت الليرة التركية أكثر من ثلاثة في المائة أمام الدولار ,الإثنين وسط تركيز المستثمرين مجددًا على الخلاف المرير بين أنقرة وواشنطن بسبب قس أميركي يخضع إلى المحاكمة في تركيا,
و أظهرت بيانات البنك المركزي التركي ,الإثنين, أن مؤشر ثقة الشركات العاملة في قطاع الصناعات التحويلية في البلاد، تراجع إلى 96.4 نقطة في أغسطس /آب الجاري، مقارنة مع 102.7 نقطة في يوليو /تموز الماضي.
وهبطت العملة التركية , لتصل إلى 6.2 ليرة للدولار، مقارنة مع ست ليرات عند الإغلاق يوم الجمعة. كما سجلت خسارة مماثلة أمام اليورو بحيث وصل سعر العملة الأوروبية إلى 7.2 ليرات. وخسرت الليرة نحو 39 في المائة من قيمتها أمام العملة الأميركية منذ بداية العام.
وتوقّع جميل أحمد رئيس استراتيجية العملات وأبحاث السوق في "إف إكس تي إم" أن "تظل الليرة تحت الضغط لفترة لأن المخاوف الهيكلية التي أخافت المتعاملين وأبعدتهم عن الأصول التركية لم تتغير".
ويأتي الهبوط في قيمة عملة تركيا المحلية مع عودة التقلبات مجددًا بعد أسبوع من الهدوء النسبي على خلفية إغلاق الأسواق المالية أبوابها احتفالًا بعيد الأضحى. ولا تزال المخاوف بشأن أداء الاقتصاد التركي قائمة على خلفية تهديدات أميركية بفرض عقوبات حال عدم الإفراج عن القس أندرو برونسون.
وكانت الليرة التركية شهدت هبوطاً حاداً الشهر الجاري بفعل فرض الولايات المتحدة عقوبات ضد وزيري الداخلية والعدل الأتراك نتيجة ما اعتبرته واشنطن تعنت أنقرة بشأن تسليم برونسون.
ويعتبر كثيرون أن الأزمة بين واشنطن وأنقرة، على خلفية احتجاز الأخيرة للقس الأميركي، زادت من تدهور الليرة خلال أغسطس/آب، لكن خبراء اقتصاديين يرون أن سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتدخله بشؤون السياسة النقدية، ساهمت في إيصال الاقتصاد والعملة إلى هذه الحالة المتردية.
وأرجع إردوغان الاضطراب في الأسواق المالية إلى حرب اقتصادية أثارتها واشنطن, لكنه بحسب مراقبين تدخل في سياسات البنك المركزي، ورفض رفع معدل الفائدة لمواجهة التضخم، كما واجه الكارثة الاقتصادية بإلقاء اللوم على ما سماها "مؤامرة أجنبية".
و لم تقم الحكومة التركية إلا بتقديم مساعدة محدودة للنظام المصرفي، والميل لحلفاء يعانون من عقوبات أميركية أو يفتقدون للمصداقية، وهو ما يضعف فرص تركيا بالتغلب على الأزمة في الوقت الراهن، وفقا لمجلة "إيكونوميست" الاقتصادية المتخصصة. وخفض "جي.بي.مورغان" نظرته المستقبلية تجاه النمو الاقتصادي في تركيا من 2.8 في المائة، إلى 1.1 في المائة خلال العام المقبل، مستشهداً بتفاقم سوء الأوضاع المالية وتشديد ظروف السيولة.
ويعاني الاقتصاد التركي خلال الفترة الماضية من ضغوط كبرى، على رأسها ارتفاع التضخم بشكل هو الأكبر منذ 14 عاما، حيث لامس في مطلع الشهر الحالي مستوى 16 في المائة على أساس سنوي، مع ارتفاع أسعار الغذاء، وهو ما يُظهر أثر انخفاض العملة التي لم يتمكن البنك المركزي من دعمها.
وأظهرت بيانات من معهد الإحصاء التركي في بداية أغسطس أن التضخم بلغ 15.85 في المائة على أساس سنوي في يوليو /تموز الماضي، مدفوعا بزيادات في خانة العشرات لأسعار النقل والسلع المنزلية والمواد الغذائية. وعلى أساس شهري زادت أسعار المستهلكين 0.55 في المائة، وهو ما يقل عن التوقعات التي أشارت إلى زيادة نسبتها 0.90 في المائة في استطلاع أجرته "رويترز".
و نشرت صحيفة "زمان" التركية المعارضة تقريرًا الإثنين، توقع فيه برلماني تركي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، أن الحكومة لن تستطيع سداد مرتبات العاملين بالقطاع العام في الأيام القابلة، نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية التي باتت تشل مفاصل الدولة. وأوضح كاني بيكو النائب البرلماني عن مدينة إزمير في بيان صحافي نشره عقب انتهاء عطلة عيد الأضحى، أنه أجرى عددًا من الزيارات للمواطنين خلال عطلة العيد، مشيرًا أن "الأزمة الاقتصادية تؤرق نوم المواطنين في الوقت الحالي".
وأكد بيكو أن الأزمة الاقتصادية لم تؤثر على شركات القطاع الخاص الموالية لنظام حزب العدالة والتنمية والمجموعات الاقتصادية الكبرى، وإنما أصابت القطاع العام والموظفين الحكوميين، مشيراً إلى ارتفاع أسعار السلع كافة بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة التركية في الفترة الأخيرة بشكل جنوني.
ولفت بيكو إلى أن أصحاب العمل والشركات بدأوا تسريح العاملين والموظفين في محاولة لتقليل تأثير الأزمة الاقتصادية. وحذر من أن الفترة المقبلة ستشهد إعلان الكثير من الشركات إفلاسها وإغلاق أبوابها بسبب الأزمة الاقتصادية، قائلاً: "حصلنا على معلومات حول فصل نحو 2500 عامل في مدينة إزمير وحدها، نتيجة للسياسات الإمبريالية. وقد أغلقت عدد من المتاجر الكبيرة من أمثال ماكرو أبوابها، وأغلق أحد أكبر مصانع النسيج أبوابه، وتعرض 750 عاملًا للتسريح من أعمالهم".
و كان القيادي في حزب الشعب الجمهوري ولي أغابابا، قال إنه مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، بدأت أخبار تسريح العمال من الشركات والمصانع تتوالى بشكل ملحوظ، داعيًا إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة البطالة. وكشف أن عددًا كبيرًا من مصانع النسيج الموجودة بكثافة في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا، قامت بتسريح عشرات العاملين، قائلًا "من المعروف أنه قد تم فصل عشرات العاملين في الكثير من المصانع الشهيرة في المنطقة الصناعية بغازي عنتاب. و نقلت وسائل الإعلام أخبار فصل ما يقارب من 700 عامل من مواقع عمل خط مترو أتاكوي – إيكي تيللي بإسطنبول".
وزعم أغابابا أن العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل في تركيا وصل إلى 6 ملايين شخص، محذراً من هذه الأعداد التي قد تشهد زيادة كبيرة في الأيام المقبلة. وأكد على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة من أجل منع تفاقم أزمة البطالة.