تونس - العرب اليوم
وافق البرلمان التونسي أمس الأول على تعيين المسؤول السابق في المصرف الدولي، مروان العباسي، محافظًا جديدًا للمصرف المركزي بعد يوم من استقالة المحافظ السابق الشاذلي العياري، وحذر العباسي من إمكانية ارتفاع معدلات التضخم إلى 10 في المائة إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها، ويتولى العباسي منصبة في ظل ارتفاع العجز التجاري والتضخم وانخفاض قيمة الدينار التونسي إلى مستويات قياسية إضافة إلى ارتفاع مستمر في معدلات البطالة.
وصوت 134 بالموافقة على تعيين العباسي في المنصب من مجموع 157 نائبا حضروا جلسة البرلمان، وقال العباسي في كلمة سبقت التصويت «الحقيقة أن المؤشرات الاقتصادية مخيفة.. لكني لا أؤمن أن هناك أزمة لا تحل.. وفي الفترة الحالية نعيش ظرفا خارقا للعادة ويتعين مواجهته بإجراءات خارقة للعادة ويجب أن نقطع مع الحلول التقليدية ونتجه لحلول استثنائية»، وجاء تحرك رئيس الوزراء يوسف الشاهد لإبدال المحافظ السابق الشاذلي العياري مع هبوط احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية إلى مستويات تغطي نحو 84 يوما فقط من الواردات، وهو أدنى مستوى لها في 15 عاما.
والعباسي حائز على درجة الدكتوراة من جامعة السوربون في باريس. ويقول المحافظ الجديد «الأولويات ستكون مواجهة نسب التضخم المقلقة التي قد تصل إلى 10 في المائة إذا لم نتحرك وكذلك تنامي العجز التجاري والعجز في الحساب الجاري إضافة إلى محاربة السوق الموازية لتقوية الدينار التونسي»، وارتفع التضخم السنوي في يناير (كانون الثاني) إلى 6.9 في المائة، مسجلا أعلى مستوياته في 20 عاما، من 6.4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول). وتأتي تلك الضغوط التضخمية بعد تراجعات للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية وزيادة ضغوط الواردات على الموازين الخارجية للبلاد خاصة من واردات الطاقة، وبلغ عجز الميزان التجاري في تونس بنهاية العام الماضي مستوى قياسيا عند 15.5 مليار دينار (نحو 6.2 مليار دولار)، وقال المعهد التونسي للإحصاء (مؤسسة حكومية) إن هذا المستوى غير مسبوق في الميزان التجاري، لكن إيرادات السياحة أظهرت تعافيا خلال الفترة الأخيرة، بعد الضربات التي تلقتها من جراء أعمال إرهابية في البلاد، حيث ارتفعت في يناير (كانون الثاني) بنسبة 15.7 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام السابق إلى 150 مليون دينار (نحو 63 مليون دولار). وعلى مدار 2017 زاد أعداد السائحين الوافدين لتونس بنسبة 32.5 في المائة خلال العام الماضي ليصل إلى 7.5 مليون سائح، وفقا لتقارير صحافية، وفي تعليقه على تراجع الدينار قال العباسي «لدى تونس اليوم ميزان تجاري منخرم وإنتاج ليس في المستوى المطلوب واستثمارات قليلة إن لم نقل شحيحة». وأشار العباسي إلى أن المصرف المركزي يبقى المسؤول الأول عن الحد من الاقتصاد الموازي من خلال إيجاد الحلول لإعادة ما يناهز 12 مليار دينار تونسي (نحو 4.8 مليار دولار) إلى القطاع المنظم والقطاع البنكي، الذي يمر بأزمة سيولة حادة.
ويقدر المعهد التونسي للإحصاء (مؤسسة حكومية) معدل النمو خلال 2017 بنحو 1.9 في المائة، خلافا للتوقعات الأولية سواء من قبل وزارة المالية التونسية أو صندوق النقد الدولي التي كانت تشير إلى تحقيق 2.3 في المائة وتم تعديلها من قبل رئيس الحكومة التونسية إلى 2.2 في المائة في وقت لاحق. ويرى محافظ المصرف المركزي التونسي الجديد أنه يمكن أن تحقق البلاد نموا سنويا أكبر من 2 في المائة، في محاولة طمأنة لمختلف الفاعلين في الاقتصاد التونسي، وكان يفترض أن تنتهي ولاية العياري (84 عاما) في يوليو (تموز) 2018 بعد أن أمضى ست سنوات في منصبه. لكن الانتقادات تزايدت ضد المحافظ السابق خاصة بعد إدراج تونس من قبل الاتحاد الأوروبي ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ودافع العياري عن موقفه في جلسة برلمانية عقدتها لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالبرلمان التونسي، لكنه كان يؤكد في حديثه للبرلمان: «لن أبقى في المنصب، حتى لو صوت نواب المجلس لبقائي.... ما حصل إهانة كبرى».