دبي - العرب اليوم
حملت المتغيرات المالية والاقتصادية في اقتصادات دول المنطقة والعالم في الأعوام العشرة الماضية، مؤشرات مهمة إلى ما ستكون عليه المشاريع الاقتصادية الجيدة والفعالة ماليًا واقتصاديًا، والتي يمكنها خدمة أهداف التنمية وتحقيقها، وتبدو الرؤية التنموية والاقتصادية أكثر وضوحًا في الاقتصاد الإماراتي، فيما تبدو أكثر اندفاعًا حاليًا في الاقتصاد السعودي الذي يقود المنطقة بعدد المشاريع الاستثمارية والتنموية كمًا ونوعًا.
ورصدت شركة "المزايا القابضة" في تقريرها الأسبوعي، "تقدمًا سريعًا وقويًا يسجله الاقتصاد السعودي، الذي يحقق مزيدًا من المشاريع المتنوعة، في مقدمها القطاعات السكنية والضيافة والتجزئة والسياحة". وذكّرت بالمشاريع الكبيرة المعلن عنها التي ترتبط مع "رؤية المملكة 2030" وتتناغم معها، وأخذت أيضًا طابع المشاريع المميزة، في مقدمها البناء المتوقع أن يشهد طفرة غير مسبوقة". إذ تشير البيانات إلى "ما يزيد على 250 مشروعًا صناعيًا قيد التنفيذ، وأكثر من 700 مشروع قيد التطوير، بقيمة 850 بليون دولار، تستهدف قطاعات البتروكيماويات والعقارات وغيرها".
ونقل التقرير عن أوساط أشارت إلى أن إستراتيجية المملكة في طرح هذه المشاريع الضخمة، "ترتكز على مبدأ تنويع مصادر الدخل والتخفيف من النفقات الحكومية، إذ ستنشئ السعودية معامل محلية لتصنيع السلاح، وتوفير أكثر من 80 بليون دولار مما تنفقه على شراء الأسلحة من الخارج". وتعتزم وضع خطة لصناعة السيارات في الداخل، "ما سيوفّر على الخزينة أكثر من 14 بليون دولار، فضلًا عن استهداف إنشاء قطاعات محلية للترفيه السياحي والحصول على جزءٍ مما ينفقه السعوديون سنويًا في الخارج، إذ تُقدر تلك الأموال بـ22 بليون دولار".
واعتبر التقرير أن ذلك "يتماشى مع ما تقوم به المملكة لطرح أصول لشركة "أرامكو"، الذي سيؤمّن إيرادات إضافية للخزينة في شكل يعزز الاستثمارات الجديدة في المملكة". وأوضح أن "الفكرة الأساسية لطرح 5 في المئة من "أرامكو السعودية" للاكتتاب هذا العام، تتمثّل في تنويع الاقتصاد بعيدًا من الاعتماد على الطاقة، والابتعاد عن انعكاسات تراجع أسعار النفط السلبية".
وتطرّقت "المزايا" إلى التجربة العقارية في السوق السعودية، التي "أثبتت أن التضخم يشكّل الخطر الأكبر وواحد من أهم المعوقات أمام النمو والتنمية المحلية، لما نتج عنه من زيادات غير مبررة على تكاليف الإنتاج والتشغيل لدى القطاع الخاص، يشمل ازدياد كلفة المعيشة في المجتمع السعودي". إذ اعتبرت أن "قطاع مالكي الأراضي والعقارات هو الرابح الوحيد في هذا المسار". ومهّدت أيضًا "التأثيرات الإيجابية للعوامل الاقتصادية، وفي مقدمها انخفاض أسعار النفط وتنفيذ الدولة سياسات ترشيد ورفع الكفاءة الاستهلاكية ومحاصرة سارقي الأراضي وإقرار نظام الرسوم البيضاء، في خفض الأسعار والحد من تصاعد المضاربة في الأسعار ومحاصرتها، بحيث استعادت التداولات السوق مستويات أسعار جيدة، قابلة أيضًا لتسجيل تراجع إضافي في الفترة المقبلة".
ولفت التقرير إلى تدني الإيرادات النفطية، الذي ترتبت على نتائجه ترشيد الإنفاق التجاري والاستثماري وانحسار التدفقات النقدية العشوائية"، ولاحظ أن الأسواق العقارية في المنطقة "تأثرت بتراجع قيم السيولة المتداولة والصفقات المنفذة في عدد من الأسواق، التي انعكست مباشرة في الحد من المضاربات والاتجاهات العشوائية المضّرة".
وأشارت "المزايا" إلى "دور السماسرة والوسطاء العقاريين في مستوى كفاءة الأسواق العقارية سلبًا وإيجابًا على مسارات الأسعار، وتوازن قوى العرض والطلب وعدالة الأسعار المتداولة، خصوصًا أن دول المنطقة واجهت كثيرًا الأداء السلبي للوسطاء العقاريين على العرض والطلب والأسعار، على رغم تأثيراتها أخيرًا في تعميق الأثر المالي على المستثمرين ورفع أخطار الاستثمار في السوق العقارية". ولا يمكن إغفال "دورها في تسجيل الفقاعات العقارية وتوسيع نطاق المشاريع المؤجلة والمتعثرة، إذ أدت هذه المسارات إلى تطور التشريعات والقوانين المرتبطة بضبط الأسواق العقارية، ووضعها على المسار الصحيح".
وخلُصت "المزايا" في تقريرها إلى الإشارة لأهمية "التركيز الاستثماري الذي تخضع له القطاعات غير النفطية منذ أكثر من ثلاثة أعوام"، متوقعة أن "تتسارع وتيرة النمو غير النفطي إلى متوسط 3.7 في المئة هذا العام، وأن تظهر بعض المؤشرات الإيجــابية في مستوى أسعار النفط الذي بلغ 70 دولارًا في نهاية عام 2017 ". إذ رأت أن هذا الاتجاه "سيساهم في حال استمراره، في إنعاش ثقة المستثمرين في اقتصادات المنطقة، خصوصًا بعدما أصبح أداء السوق العقارية في دول المنطقة قادرًا على الاستجابة لكل المؤشرات الإيجابية، التي تسجلها القطاعات الاقتصادية الرئيسة".
ولم تستبعد أن تشهد الساحة الاقتصادية الخليجية "تحسنًا ملحوظًا في معدلات نمو الناتج المحلي نتيجة ارتفاع أسعار النفط". فيما رجحت أن "تحسّن دول المنطقة أداءها المالي وتقليص العجز المتراكم في في موازناتها، ما سيحفز السيولة من قِبل المستثمرين في الداخل والخارج، والمُرتكزة في أساسها على أسواق المال والعقارات خلال هذا العام".