واشنطن - العرب اليوم
وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضربة جديدة بطرحه فكرة فرض رسوم جمركية جديدة على الآليات التي تستوردها الولايات المتحدة، وذلك قبل أيام مِن انتهاء مُهلة إعفاء أوروبا من رسوم عقابية على الفولاذ والألومنيوم.
ونقل بيان للبيت الأبيض عن الرئيس الأميركي قوله: "طلبت مِن وزير التجارة ويلبور روس التفكير في إطلاق تحقيق بموجب الفصل 232 بشأن واردات الآليات، بما في ذلك الشاحنات وقطع الغيار لتحديد تأثيرها على الأمن القومي الأميركي".
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات على نشر الرئيس ترامب تغريدة عبر "تويتر" وعد فيها "بأنباء سارّة لصانعي السيارات الرائعين" الذين يرى أنهم ضحايا "عقود من الخسائر في الوظائف لمصلحة دول أخرى".
وذكرت وزارة التجارة الأميركية في بيان نشر بعد بيان البيت الأبيض، أن روس أطلق هذا التحقيق، وقال روس في البيان إن "هناك أدلة تشير إلى أنه لعقود، أدت الواردات من الخارج إلى تآكل صناعتنا الوطنية للسيارات"، وأضاف أنه "خلال السنوات العشرين الأخيرة، ارتفعت نسبة السيارات الخاصة المستوردة من 32 في المائة إلى 48 في المائة من مجمل مبيعات الآليات في الولايات المتحدة".
وأوضحت الوزارة أن التحقيق سيحدد "ما إذا كان تراجع عدد الآليات وانخفاض إنتاج قطع الغيار يهددان بأضعاف الاقتصاد الوطني، وبخاصة عبر خفض البحث للتطوير، والوظائف للعاملين المؤهلين في قطاع الآليات (...) والتقنيات المتطورة".
ونددت أوروبا بالتوجه الأميركي، وأكد نائب رئيس المفوضية الأوروبية جيركي كاتاينن أن أي قرار أميركي بزيارة الرسوم على واردات السيارات سيتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية وسيكون من الصعب تبريره على أساس الإضرار بالأمن القومي.
وقال كاتاينن: "إذا ما قامت الولايات المتحدة الآن من طرف واحد بزيادة الرسوم على السيارات، على سبيل المثال، فإن هذا سيكون بكل وضوح متعارضا مع منظمة التجارة العالمية"، مشيرا إلى أنه "من الصعب جدا تخيل" أن واردات قطاع السيارات تشكل تهديدا على الأمن القومي، وأضاف: "من الصعب جدا فهم ذلك".
وقال إن الاتحاد الأوروبي "مستعد للتفاوض على تحسين البيئة التجارية" مع الولايات المتحدة إذا ما منحت إعفاء دائما من دفع رسوم أعلى على الصلب والألومنيوم، وقبل الموعد النهائي الذي يحل الأسبوع المقبل، أشار إلى أن هذا سيكون "قرارا عادلا وطبيعيا".
وقالت حكومات اليابان والصين وكوريا الجنوبية إنها ستراقب الموقف، في حين أضافت بكين، التي تتطلع على نحو متزايد صوب الولايات المتحدة كسوق محتملة لسياراتها، أنها ستدافع عن مصالحها.
وقال قاو فينغ المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية خلال إفادة صحافية دورية في بكين، ركزت بشكل كبير على ما إذا كانت الصين تحرز تقدما في نزاعها التجاري مع واشنطن "الصين تعارض إساءة استخدام بنود الأمن القومي، التي ستدمر بشكل خطير الأنظمة التجارية متعددة الأطراف وتعطل النظام الطبيعي للتجارة العالمية".
وأضاف: "سنتابع عن كثب الموقف في إطار التحقيق الأميركي، وسنجري تقييما كاملا للأثر المحتمل وسندافع بحزم عن مصالحنا المشروعة".
وجاء نحو ثلث واردات الولايات المتحدة من السيارات العام الماضي من آسيا.
كما أثار الإعلان الأميركي استياء طوكيو، وقال وزير التجارة والصناعة الياباني هيروشيغي سيكو أمام الصحافيين إن "صناعة السيارات ترتدي أهمية كبرى وإجراءات تقييدية بهذا الحجم يمكن أن تسبب خللا في السوق وسيكون ذلك مؤسفا".
وسجلت أسهم شركات صناعة السيارات انخفاضا في بورصة طوكيو حيث خسرت مجموعات تويوتا ونيسان وهوندا ظهر الخميس بين 1. 75 في المائة و2. 75 في المائة، وتؤكد نيسان التي باعت 1.59 مليون آلية في الولايات المتحدة العام الماضي أنها أنتجت 930 ألفا من هذه الآليات على الأراضي الأميركية ما يعني أنها قامت باستيراد أكثر من ثلث مبيعاتها المحلية.
وأوضحت مجموعة إنتاج السيارات الألمانية "بي إم دبليو" أن 66 في المائة من الآليات التي باعتها في الولايات المتحدة العام الماضي كانت مستوردة، أي ما يساوي مائتي ألف سيارة.
أما المجموعة الأميركية فورد التي باعت 2.6 ملايين آلية على الأراضي الأميركية في 2017، فتؤكد أنها أنتجت ثمانين في المائة من آلياتها في الولايات المتحدة ومعظم العشرين في المائة المتبقية تم استيرادها من كندا والمكسيك شريكتي الولايات المتحدة في اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية (نافتا).
وتحدث ترامب مرات عدة عن رسوم عقابية لحماية قطاع صناعة السيارات الأميركي، تستهدف خصوصا ألمانيا التي يثير فائضها التجاري غضب الرئيس الأميركي، وهو يرى أن الرسوم المفروضة على السيارات الأميركية أكبر من تلك المفروضة على السيارات الأوروبية.
وفي الواقع تبلغ الرسوم الأوروبية المفروضة على السيارات المستوردة من الولايات المتحدة والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عشرة في المائة، بينما تبلغ الرسوم الجمركية الأميركية على تلك المستوردة من الاتحاد الأوروبي 2.5 في المائة.
لكن داخل قطاع الآليات، تفرض الولايات المتحدة رسوم استيراد على الشاحنات وآليات البيك آب قد تصل إلى 25 في المائة، بينما تبلغ رسوم الواردات في الاتحاد الأوروبي للآليات نفسها 14 في المائة في المتوسط.
وتأتي التهديدات الأميركية بفرض رسوم على واردات السيارات بعد قرار البيت الأبيض في مارس/ آذار الماضي فرض رسوم جمركية تبلغ نسبتها 25 في المائة على الفولاذ وعشرة في المائة على الألومنيوم المستوردين من شركاء واشنطن التجاريين.
وتقدمت دول عدة بينها الهند وروسيا واليابان باعتراض إلى منظمة التجارة العالمية، بينما أعفي الاتحاد الأوروبي من هذه الرسوم حتى الأول من يونيو/ حزيران المقبل، وعبرت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم الثلاثاء عن مخاوفها من أن يكون اقتراحها التجاري لردع الولايات المتحدة عن فرض رسوم "غير كاف".