نيويورك - العرب اليوم
تحوّل الباحثون عن الكنوز من تمشيط الشواطئ والوديان باستخدام جهاز بسيط كاشف للمعادن، بحثًا عن الذهب، إلى مطاردة الثورات عبر العالم الافتراضي، باستخدام أجهزة كمبيوتر فائقة وأجهزة مُعقدة أخرى تعمل على فك الشفرات، فحوالي خُمس مجموع العملات الرقمية في العالم ومعظمها من "البيتكوين"، أي ما يقرب من 20 مليار دولار، مفقودة، ووفقًا لشركة "تشيناليسيز" ومقرها مدينة نيويورك، والتي تعمل في مجال "بلوك تشين"، وهي قاعدة بيانات تمتاز بقدرتها على إدارة قائمة متزايدة باستمرار من السجلات المسماة (كتل أو "بلوك").
تحتوي كل كتلة على الطابع الزمني ورابط إلى الكتلة السابقة، صُممت سلسلة الكتل بحيث يمكنها المحافظة على البيانات المخزنة بها والحيلولة دون تعديلها، أي أنه عندما تخزن معلومة ما في سلسلة الكتلة لا يمكن لاحقًا القيام بتعديل هذه المعلومة.
وتقول الشركة، إنه يتم تخزين تفاصيل معاملات المتعاملين بهذا النوع من العملات الرقمية في برامج إلكترونية، خاصة يطلق عليها اسم الحافظة أو "واليت"، والتي يمكنهم فتحها باستخدام رقم تعريف شخصي، وتضيف تشيناليسيز أنه على عكس رقم التعريف الشخصي الخاص بمكينات الصراف الآلي، لا يمكن استرداد كلمة المرور الخاصة بالحافظة بسهولة، حيث لا يوجد مصرف أو جهة محددة لاستردادها.
قيمة البيتكوين
في أوائل عام 2010، عندما كانت قيمة البيتكوين أقل من 10 دولارات، كان بعض المستثمرين لا يهتمون كثيرًا بتذكر أو كتابة أرقام التعريف الشخصية الخاصة بالتعامل في العملة الرقمية الأشهر في العالم، والآن بعد أن أصبح تداول العملة الواحدة من البيتكوين بحوالي 6000 دولار، فإن أرقام التعريف الشخصية تلك والتي قد تكون مكتوبة على ورقة قديمة ملقاة في قاع أحد الأدراج أو مخزنة على جهاز كمبيوتر عفى عليه الزمن أو ضمن بيانات مخزنة على قرص صلب تالف أو حتى في ذاكرة بشرية أنهكتها كثرة أرقام المرور السرية لحسابات بنكية وأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية.
بالتأكيد، فإن العثور على أرقام المرور تلك تساوي في الوقت الحالي ثروة قد تكون طائلة بعدما شهدت قيمة العملة الرقمية الأشهر "البيتكوين" هذا الارتفاع الحاد في قيمتها خلال سنوات قليلة، وفي محاولة لإنقاذ تلك الأموال الطائلة المفقودة ظهر ما يمكن أن نطلق عليهم "صيادون" لمطاردة رموز التشفير والأرقام الشخصية التي تمكن الأشخاص من وضع أيديهم على أموال تعد حتى هذه اللحظة مفقودة. نستعرض هنا طريقة عمل هؤلاء الصيادين مدى نجاحهم في تنفيذ المهمة المطلوبة وقيمة الأجر الذي يتقاضونه:
القوة الغاشمة
الصياد: شركة خدمات "واليت ريكافري"، وهي شركة عبر الإنترنت تسترد كلمات المرور ومحافظ التشفير التالفة. موظفو الشركة الأربعة، وهم مجهولون ولا يعلم أحد هويتهم، يتصلون بالعالم الخارجي عن طريق البريد الإلكتروني باستخدام الاسم المستعار "ديف بيتكوين".
الطريقة: "محاولة استخدام القوة الغاشمة في فك التشفير"، وقال ديف بيتكوين "تستخدم الشركة برنامجًا لإنشاء واختبار ملايين كلمات المرور المحتملة، مما يؤدي إلى اقتحام المحفظة الرقمية للعميل".
السعر: 20% من ما يتم استرداده. تحصل ديف بيتكوين على الرسوم من العملة المستردة أولًا قبل أن يبلغوا العميل بكلمة المرور ليتمكن من الحصول على أمواله.
الوقت: تستغرق هذه العملية عدة أشهر.
نسبة النجاح: حوالي 30%، اعتمادًا على مقدار المعلومات التي يتذكرها العميل مثل عدد الأحرف أو الأرقام التي تتكون منها كلمة المرور، وتقول ديف بيتكوين، إن العملاء إذا كانوا قادرين على تذكر أي معلومة، خاصة عدد كلمات وحروف كلمة المرور إذا ما كانت خمسة أو ستة أو سبعة حتى دون تذكر أي منها "عادةً ما يكون هذا النوع من المعلومات أكثر من كافٍ لاسترداد أموالهم".
أكبر عقبة:
يقول ديف بيتكوين، إن العديد من العملاء يسيئون استيعاب أهمية أن تحافظ على كلمات المرور الخاصة بك، خاصة فيما يتعلق بالمعاملات المالية، فمفهوم الحفاظ على البيانات إلكترونيًا بشكل منظم مع وجود دائمًا خطط بديلة في حالة تلف الملف الخاص بحماية بياناتك أمر لا يفكر فيه العملاء كثيرًا.
التنويم المغناطيسي:
الصياد: جايسون ميلر، وهو المنوم المغناطيسي الشهير في مدينة غرينفيل، وهو معتمد من قبل المجلس الدولي لإصدار الشهادات الخاصة بالقدرة على التنويم المغناطيسي أو التنويم الإيحائي.
الطريقة: من خلال التنويم المغناطيسي، يساعد ميلر الأشخاص الذين يبحثون عن ثرواتهم المفقودة في العالم الافتراضي على تذكر كلمة المرور الخاصة بهم أو المكان الذي من المحتمل أن يكون قد خبأ فيه تلك البيانات سواء إلكترونيًا، أو حتى لو كان على قصاصة ورق قديمة، ويمكن أيضًا أن يساعد ميلر الأشخاص على استرجاع خاتم الزواج المفقود أو أي شيء يفقدونه. وقال ميلر: "الجميع لديهم ذاكرة تحتفظ بالصورة ربما بشكل يفوق قدرتهم على الاحتفاظ بالحروف والأرقام وعن طريق التجول في ثنايا الذاكرة يمكن للمنوم المغناطيسي الماهر أن يصل إلى الصورة المخزنة بسهولة".
السعر: 0.5 من عملة البيتكوين مقدمًا، بالإضافة إلى 5% من المبلغ بعد استرداده. ميلر يقبل الدفع بالدولار أو أي عملة رئيسية وكذلك بالبيتكوين أو العملات الرقمية الأخرى مثل إثريوم ولايتكوين. وعادة يرحب العملاء بعد إنقاذ أموالهم بدفع القيمة المتفق عليها لميلر، حيث يشعرون بأن الطريقة التي توصلوا بها إلى أموالهم تشبه المعجزة.
الوقت: تستغرق هذه الطريقة أيام عدة أو أسابيع حتى يتمكن المنوم المغناطيسي الشهير من إخراج المعلومات من العقل الباطن. وعادة ما يحضر العملاء ثلاث جلسات أسبوعية ممكن أن تكون عن بعد باستخدام الاتصال المرئي عبر خدمة سكايب.
نسبة النجاح: 50% من الحالات التي يقبل ميلر التعامل معها يتم لها النجاح. ويقول إنه يتلقى كل عام حوالي 12 طلبًا للمساعدة في العثور في العقل الباطن على معلومات قد تؤدي إلى تذكر أرقام المرور الشخصية لحسابات العملات الرقمية وإنه فقط يقبل أقل من نصف هذه الحالات.
أكبر عقبة: إيمان العملاء بنجاعة هذه الطريقة في التذكر ومعرفة ما هو مخبأ في العقل الباطن. ويقول ميلر، إن أشخاصًا يأتون إليه ويقولون له "نحن لا نؤمن حقًا في التنويم المغناطيسي، وأنا أرد عليهم انهم أنى آسف لسماع ذلك، وآمل أن تجدوا طريقة أخرى للوصول إلى حساباتكم الشخصية إذا كان هذا واردًا".
خبير البيانات:
الصياد: تال حكيم الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "وي ريكوفر داتا"، وهي شركة خاصة بخدمات استعادة البيانات وتتخذ من مدينة نيويورك مقرًا لها، حيث عملت في عدد من المشاريع مع الوكالات الحكومية وشركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى.
الطريقة:
الشركة تتخذ نفس النهج التكنولوجي المستخدم في استعادة الملفات التي تم حذفها عن طريق الخطأ، أو التي تعرضت للتلف في الشركات وأماكن العمل الحكومية، كما تبحث "وي ريكوفر داتا" أيضًا في تقنية خاصة ينتهجها المتسللون الإلكترونيون للاطلاع على البيانات الشخصية التي يقوم الكثير من الأشخاص بتسجيلها في ملف نصي، مما يسمح للمتطفلين - أو خدمات استعادة البيانات - بمشاهدة كلمة المرور.
السعر: يتراوح المقابل المادي نظير الخدمة ما بين 500 دولار إلى 2500 دولار، اعتمادًا على مدى الجهد المبذول للوصل إلى البيانات.
الوقت: يستغرق تنفيذ تلك المهمة بضعة أيام.
نسبة النجاح: أكثر من 95%.
أكبر عقبة: عدم ثقة العملاء خاصة أن المنتديات على شبكة الإنترنت تتداول الكثير من قصص المستخدمين الذين تعرضوا لعمليات نصب بعد اكتشاف الشركات أو المتسللين لبياناتهم الشخصية.
جرائم رقمية:
الصياد: بدلًا من العمل مع المستثمرين من الأفراد، تقوم شركة تشينالسيز بالعمل مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي والجهات الرسمية الأخرى، للكشف عن الجرائم التي ترتكب نتيجة للتعامل المشفر بالعملات الرقمية، مثل فسيل الأموال وتجارة المواد الممنوعة، وغيرها من الجرائم. الطريقة: طورت تشينالسيز برامج الكمبيوتر التي تحلل "بلوك تشين"، وهو ما يماثل دفتر الأستاذ الرقمي الذي يسجل المعاملات بالعملات الرقمية.
السعر: باهظ للغاية، فمنذ بداية عام 2016، منح مكتب التحقيقات الفدرالي عقودًا بقيمة أكثر من 750 ألف دولار للشركة، وفقًا للأرقام الرسمية المعلنة.
الوقت: ثوان.
نسبة النجاح: جميع معاملات البيتكوين مرئية على سلسلة الكتلة مما يجعل نسبة النجاح شبه مضمونة.
أكبر عقبة: فرض عدد من المستخدمين الذين لا يريدون إظهار هويتهم بسبب، عادة، الأنشطة الإجرامية التي يقومون بها، الخصوصية الشديدة، بإضافة برامج إلكترونية خاصة بذلك مثل برنامج "ميكسر" الذي يصعب كثيرًا التوصل إلى هوية المتعامل في هذا المجال الرقمي من تبادل العملات.