بيروت - العرب اليوم
قللّ نواب وخبراء لبنانيون من حجم الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد، بعد تقارير صحافية غربية نبهت من انهيار الاقتصاد اللبناني، ومن مخاطر كبيرة محدقة بالليرة، في حال مزيد من التأخير في تشكيل الحكومة، وطمأن رئيس لجنة المال والموازنة، النائب إبراهيم كنعان، بأنه لا يوجد خطر على الوضع المالي، واعتبر أن "هناك بعض الضغوط التي تمارس علينا لتوظيفها سياسيًا"، وقال "اقتصادنا مستقر، والإصلاحات المنتظرة من المؤتمرات - كما التشريعات المرتقبة - تمهد لوضع أفضل"، وأشار إلى أن "المؤشرات الاقتصادية عالميًا إلى تراجع، ونحن الأكثر استقرارًا في لبنان، نسبة إلى اقتصادات المنطقة، بعدما باتت لدينا رؤية إصلاحية وموازنة، وبعدما وضع المسار المالي والإصلاحي على السكة".
وخفف الخبير المالي اللبناني وليد أبو سليمان، من وطأة التقارير الغربية المنبهة من خطورة الوضع الاقتصادي، فاعتبر أنها "لم تكشف أمرًا مفاجئًا أو جديدًا بالنسبة لوضع الاقتصاد اللبناني، كون هذه الحقائق معروفة بالنسبة للبنانيين والمتابعين بشكل خاص، حيث بات جليًا أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان في حالة تباطؤ شديد".
وأشار أبو سليمان، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إلى أن اللافت هو "إبقاء وكالة التصنيف العالمية "ستاندرد آند بورز" على النظرة المستقبلية للوضع اللبناني مستقرة، فهي لم تخفّض تصنيفها الائتماني له، ما يدلّ على أنّ الوضع مستقر"، مطمئنًا بأنه "لا خشية من تدهور العملة الوطنية، كما يؤكد حاكم مصرف لبنان على الدوام، لأن المصرف المركزي يملك الاحتياط الكافي من العملات الأجنبية للدفاع عن الليرة اللبنانية، في حال أي مستجدات غير محسوبة، ومنع أي تدهور".
وشدد أبو سليمان على أن "القطاع المصرفي في لبنان صلب، بدليل أنّ الودائع المصرفية إلى نمو بشكل مقبول، وقد فاقت قيمتها 180 مليار دولار، ما يعطي مؤشرًا فريدًا، خصوصًا أنّ الودائع تفوق بـ3 أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي. وقد أعلن رئيس لجنة المال والموازنة، إبراهيم كنعان، أنّ البنك الدولي يرصد نحو 4 مليارات دولار لضخها في الاقتصاد اللبناني".
ونبهت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، في تقرير لها، من أن السياسات النقدية المُتبعة في لبنان "غير قابلة للاستدامة، وأن أي انهيار في قيمة سعر صرف الليرة سيكون مؤلمًا، ولن يبقي شيء لتحاصصه".
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس قسم الأبحاث في بنك "عوده"، مروان بركات، أنه "من شأن التأخر في تشكيل الحكومة أن ينعكس (سلبًا) على الاستثمارات، وبالنتيجة على النمو الاقتصادي". وتحدث بركات عن تدهور 7 مؤشرات اقتصادية، من أصل 11، في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، بينها الجمود في القطاع العقاري، حيث تراجعت تراخيص البناء بنسبة 20.1 في المئة.
وتراجعت كذلك قيمة الشيكات المتداولة، التي تدل على مستوى الاستهلاك والاستثمار، 13 في المئة بين يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز، وفق المصرف المركزي.
وإلى جانب ذلك كله، تزداد الخشية من تدهور الليرة اللبنانية مقابل الدولار، ما دفع المصارف إلى زيادة الفوائد على الليرة، ووصل الأمر ببعضها إلى تحديدها بنسبة 15 في المئة، ويبلغ الدين العام في لبنان 82.5 مليار دولار، أي ما يُعادل نسبة 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويحتل لبنان بذلك المرتبة الثالثة على لائحة البلدان الأكثر مديونية في العالم. وحذر البنك الدولي، الذي قدم للبنان أكثر من 4 مليارات دولار في مؤتمر "سيدر"، في وقت سابق من "دقة" وضع الاقتصاد اللبناني، خصوصًا في ظل وجود قروض "عالقة" في أدراج مجلس الوزراء أو البرلمان، بانتظار تحويلها استثمارات فعلية.
ووفق مجلة "الإيكونوميست"، فإن القطاع العقاري هو "الأكثر إثارة للقلق"، نتيجة تراجع عدد رخص البناء في النصف الأول من عام 2018 بنسبة 9 في المئة، وانخفاض بيع العقارات بنسبة 17 في المئة، خلال الربع الأول من العام، وذلك بالمقارنة مع معدّلات الفترات نفسها من العام الماضي، وهو ما يدفع المطوّرين إلى "الخشية من انهيار أكبر مقبل، خصوصًا بعدما أوقف المصرف المركزي القروض السكنية المدعومة فجأة".