الفنان المغربي الراحل عمر شنبوط
الدار البيضاء ـ سعيد بونوار
يجري التحضير في الدار البيضاء إلى تنظيم مهرجان سينمائي يجمع أعمال عمر والتي لم يكتب له أن يشاهد معظمها، فيعرفه الكثيرون بأداء أدوار الجد الطيب المتمسك بالعادات والتقاليد، الداعي إلى التمسك بالهوية الإسلامية، ولعل دوره في فيلم"الرسالة" للمخرج مصطفى العقاد
يؤكد هذه الحقيقة، ويعرفونه بالمتقي الذي ظل يرافق سيدنا موسى، أو الواعظ الذي دافع عن سيدنا عيسى، هذا و يحتفظ له عشاق السينما العالمية بدور مؤثر في فيلم "جنة عدن" للمخرج الإيطالي الشهير "ألكسندر ديلاطري"، الجنة ذاتها هي التي ظل ينشدها الراحل عمر شنبوط، وهو على فراش المرض، بينما دوره في فيلم "من الجنة إلى الجحيم" للمخرج الراحل سعيد سودة بمثابة وصية من رجل عاش محبا للجميع.
و يذكر أن جنازته كانت جامعة لمعجبيه، يعرفه كبار المخرجين السينمائيين العالميين بأنه الممثل العربي المسلم الذي رافق الأنبياء، في إشارة إلى أدواره في الأفلام الدينية العالمية التي تعرضت لحياة بعض الأنبياء والتي أنتجتها كبار دور الإنتاج العالمية بدءًا من تلك المستقرة في هوليوود إلى تلك المنتشرة في باريس ولندن وبرلين.و ظل أصدقاؤه ومحبوه وعشاقه ينتظرون موعدًا سينمائيا يحتفي بهذا العملاق، وأما تقاعس المعنيين وجريهم نحو تكريم أجانب، آثر عدد من الغيورين على الفن السابع في الدار البيضاء الاحتفاء بالرجل في غيابهن إذ يجري التحضير لتنظيم مهرجان سينمائي يجمع أعمال الفنان عمر شنبوط والتي لم يكتب له أن يشاهد معظمها.
و كثيرون يجهلون أن هذا الرجل الذي قال للمخرج السوري نجدت اسماعيل أنزور إنه لن يمثل بغير"الدارجة المغربية" (يجهلون) إتقانه اللغة الفرنسية، كان ضليعا في آدابها، عارفا بخباياها، وكان رغم تربيته المحافظة في دروب الصويرة يحسن فك رموز "الصولفيج"، وكان سباقا في تأسيس أول مجموعة غنائية شعبية في عقد الأربعينات من القرن الماضي، لحظات انشراح "بّا عمر" هي تلك التي يوزع فيها النكات على أصدقائه والمقربين منه كل صباح، وهو يرتشف قهوته السوداء على ناصية مقهى "لابرانسيير" بالدار البيضاء.
لم يكن يتذكر "بّاعمر" عدد الأفلام العالمية التي شارك فيها منذ أول ظهور له على خشبة المسرح عام 1948، كلما حل طاقم أجنبي بالمغرب لتصوير فيلم عالمي إلا وكان عمر شنبوط على رأس الواقفين إلى جانب كبار النجوم العالميين، وكانت أدواره في السينما الدينية شاهدة على قدرة فنان في تجسيد الأدوار المسندة إليه مهما تعذرت تركيبتها.
كما لم يشاهد "بّا عمر" الأفلام العالمية التي مثل فيها، و التي كانت تعرض في كبريات القاعات السينمائية وفي أشهر القنوات، وكانت الإشادة بأدائه تصله عبر المجلات المتخصصة، ومع كل أدواره لم يحظ بالتكريم إلا في مناسبات قليلة كان آخرها في المهرجان الدولي للفيلم القصير والوثائقي في الدار البيضاء، حيث لم يقو "بّا عمر" وقتها على الحديث إلى الجمهور.
ومن جانبه يقول الناقد السينمائي محمد بكريم:"نحن فخورون أن الساحة الفنية بالمغرب والسينمائية خاصة تمتلك هذه القيمة الفنية والإنسانية، وأسطر هنا على كلمة الإنسانية. هو شخص تابع السينما المغربية وحملها على كتفه بصبره، وسعة بالنظر إلى الإمكانيات والظروف التي كانت تشتغل فيه السينما المغربية آنذاك وبالتالي، إن كنا اليوم نعيش نهضة سينمائية، فالفضل يرجع لأسماء كبيرة في ذاكرتنا مثل اسم عمر شنبوط"..