القاهرة ـ تونس اليوم
منذ بداية الدعوة الإسلامية، ونزول الرسالة السماوية على خاتم المرسلين المصطفى صلى الله عليه وسلم، تعددت ادعاءات النبوّة سواء فى عصر النبى محمد أو من بعده، وعلى مدار تاريخ الإسلام وحتى العصر الحديث، كان هناك العديد ممن ادعوا النبوة ونزول الوحي الإلهي عليهم كمسيلمة الكذاب وسجّاع والأسود العنسي وغيرهم.
وتمر اليوم الذكرى الـ80 على ميلاد رشاد خليفة، أحد مدعى النبوة، إذ ولد فى 19 نوفمبر عام 1935، وهو هو مصرى هاجر إلى الولايات المتحدة للدراسة فى 1959و تخصّص فى مجال الكيمياء الحيوية وأصبح مواطناً أمريكياً بعد حصوله الجنسية الأمريكية. اشتهر بادعائه الرسالة وبحثه فى الإعجاز العددي فى القرآن.
أقام "رشاد" فى أمريكا وبحث فى نصوص القرآن ثم ادعى النبوة، وأنه خليفة الرسول محمد بن عبد الله، وجمع أبحاثه فى كتاب "معجزة القرآن الكريم". كما ادّعى تلاعب الصحابة بالقرآن الكريم وآياته، وأن اكتشافه لهذا الإعجاز يثبت نبوته. وقد وجد مقتولاً فى مسجده فى ولاية أريزونا عام 1990.
وقبل رشاد خليفة ومن بعده كان هناك الكثير ممن ادعوا النبوة، ومن بينهم:
ميرزا غلام أحمد القاديانى - الهند
بدأت دعوة ميرزا فى إقليم قاديان فى إحدى قرى البنجاب فى الهند أواخر القرن التاسع عشر، بعيداً عن الاتجاهات الاستعمارية الانجليزية، التى يقال إنها ساهمت فى انتشار دعوته. إلا أن ما يميز دعوة القاديانى أنها لم تؤسس لحضور مقدس جديد ورؤية جديدة، بل استعان بالدين الإسلامى ومنظومته فى محاولة لتقديم تأويل مختلف للنصوص لا رؤية جديدة. مرّة ادّعى أنه المسيح، ثم زعم أنه تجسيد للنبى محمد بن عبد الله، حتى الآيات التى ادّعى أنها أوحيت إليه فى كتابه المقدس (الكتاب المبين)، يتبين أنها غير متماسكة ويمكن لأى شخص عادى أن يؤلفها، إلا أن دعوته ما زالت مستمّرة حتى الآن.
والاس فرد محمد
هو واعظ ديني مسلم، وبحسب ما ورد فى كتاب الرسول لكارل إيفانز، فإن والاس الذى وُلد عام 1893، عمل على نشر الإسلام بين الأمريكيين من ذوي البشرة السمراء على وجه الخصوص، فأسس منظمة أمة الإسلام وتركزت نشاطاته فى مدينة ديترويت، حيث بنى عام 1930، وشكلت أفكار والاس انحرافاً فكرياً عن الخط الإسلامي التقليدى، فبحسب ما ورد فى كتاب "رسالة إلى الرجل الأسود" لمؤلفه إليجا محمد، فإن والاس كان يدّعى أنه المهدى المنتظر، كما أشاع بين أتباعه أنه تجسيد للذات الإلهية، وفى عام 1934، اختفى والاس فجأة، دون أية مقدمات، ليخلفه فى قيادة المنظمة صديقه إليجا محمد، ويذكر كلود أندرو، فى كتابه "حياة إليجا محمد"، أن الزعيم الثاني لمنظمة أمة الإسلام، كان من خلفية مسيحية، وأنه بعد قيادته للمنظمة، استطاع أن يطور أداءها وأن يحافظ على الأفكار والمعتقدات التى نشرها ودعا إليها سلفه، وأضاف فى الوقت نفسه بعضاً من الأفكار الجديدة، ومنها تسميته نفسه بالرسول وإسباغه نفسه بصفتي العصمة والتنزيه.
صلاح شعيشع - مصر
يعد الطبيب صلاح شعيشع أشهر مصرى ادعى النبوة فى العصر الحديث قبل أن يُلقى القبض عليه العام 1985 ويحكم عليه بالسجن خمسة أعوام، وكان شعيشع المولود العام 1922 قد اشتهر قبل ذلك بإجراء عمليات الإجهاض فى عيادته بالإسكندرية التى حوّلها فى السبعينيات إلى مقر لدعوته التى بدأت بزعمه أن روح الرسول، صلى الله عليه وسلم، تلبّسته وجعلته يكمل دعوته بعد تفشى الفساد.
بدأ شعيشغ نشاطه "الديني" قبل ذلك فى أوائل الستينيات حين اهتم بتحضير الأرواح، والالتقاء بمدعى التعامل مع الجان، ثم اتجه إلى الصوفية وأنشأ جماعة خاصة به، لكن لم يلبث أن انفض عنه أنصاره.
ومكمن شهرة شعيشع أن أتباعه لم يقتصروا على البسطاء بل كان منهم أطباء وأساتذة جامعيون ومهندسون وبعض من كبار رجال الأعمال فى الإسكندرية، وكانت له طقوس غريبة يمارسها مع أتباعه كتقبيل الرجال والنساء من أفواههم فيما كان يسميه "القبلة المحمدية القدسية"، كما أسقط عن أتباعه الذين كان يفرض عليهم الإتاوات وجاوز عددهم 1200 شخص فروض الصلاة والحج والزكاة وغيرها.
محمد بن عبد الله القحطانى - السعوديّة
عام 1979 شهد العالم الإسلامي هزّة من نوع جديد، المكان الأكثر قدسية بالنسبة إلى المسلمين (الكعبة المشرّفة) يتعرض للاعتداء من قبل جهيمان العتيبي ومحمد بن عبد الله القحطاني. القحطانى ادّعى أنه المهدى وأنه نبى الزمان المنتظر، ودعا زميله جهيمان المصلين إلى مبايعة القحطانى وأخذهم رهائن إلى حين إعلان بيعته. ضجة هائلة أحاطت بهذا الحدث، وهو اعتداء تمكنت السعودية من إحباطه، إلا أن ما يميز دعوى القحطانى أنها محاولة فريدة من نوعها لاقتحام مركز مقدّس. بعيداً عن الشأن السياسى كانت محاولة لنيل القدسيّة ضمن المركزية الدينية التى تشكلها الكعبة المشرّفة، لا التأسيس لحضور مغاير خارجها.
ثريا منقوش - اليمن
هى باحثة يمينية فى التاريخ، وناشطة سياسية لها عدد من المؤلفات فى الفلسفة والدين. يُقال إنها ألفت كتاباً باسم "الجَمعان". هى حالة فريدة من نوعها، إذ ترى أن نهاية النبوة ستكون على يد أنثى، وأنها هبة من الله نالتها عام 1982، وعبرها ستقدم حلاً لمشكلات البشريّة. بدأت بالتبشير للمقربين منها فقط، ثم بعد إعلانها النبوة تعرضت للكثير من السخرية والتهكّم، لكنها ما زالت متمسّكة بموقفها وبادعائها. وتقول إنها "كانت تضحك بوجه من يسخر منها"، وتبرهن عن نبوتها بإعادة تأويل الآيات والأحاديث النبوية، وعلى أساسها تقدّم حججها وبراهينها.
وتقول: "تعرضت مرات عدة لمحاولات اعتداء قبل الرسالة وبعدها، لكنهم لن يمسوا شعرة مني، لأنه يأتينى وحى قبل أن يدبروا لى شيئاً، والله يخلصنا منهم، والذين يقولون مرتدة أقول لهم أتقتلون من يقول ربى الله" .
قد يهمك ايضا
جامع الشيخ زايد الكبير تحفة معمارية خالدة ومنارة ثقافية مشرقة