تونس- تونس اليوم
سلمت اليوم المديرة العامة لليونسكو اودري أزولاي شجرة السلام الى الفنان التشكيلي الجزائري رشيد القرشي وذلك في إطار زيارتها إلى مقبرة المهاجرين التي أنشاها هذه الفنان بجرجيس تحت عنوان "حديقة افريقيا" في حركة انسانية لتكريم ضحايا الهجرة غير النظامية الذين خسروا حياتهم بطريقة مأساوية عند محاولتهم اجتياز البحر المتوسط واستقبلت مدينة جرجيس أعدادا كبيرة منهم. ولدى تسليمها تمثال شجرة السلام الذي هو في هيئة غصون متشابكة تحمل هيئة حمائم طليقة الجناحين مجسدا قيم السلام، قالت المديرة العامة لليونسكو انها مناسبة هامة لتحية ما أنجزه الفنان رشيد القرشي الذي أهدى لموتى البحر الابيض المتوسط أطفالا ونساء ورجالا ما استطاع من الجمال ومن اثر لوجودهم لعائلاتهم اذا ما بحثت عنهم وتجهل مصيرهم . واضافت ازولاي ان زيارة مثل هذه المقبرة بالشكل الذي تحمله من جمالية يخفي آلاما ومأساة ويحمل عميق التأثر ويمس المشاعر بما يقيم الشهادة على مبادئ الانسانية المشتركة وعلى الحق في الكرامة لكل البشر وفي العدالة الانسانية.
ومن جهته اعتبر الفنان رشيد القرشي أن إقامة مقبرة لضحايا الهجرة غير النظامية ليست الا تكريما للانسان مهما كانت ديانته او انتماؤه ولتكون رمزا للانسانية في رسالة واضحة للعالم بحفظ الذات البشرية واحترامها وتكريمها حية او ميتة حسب تعبيره مضيفا ان منحه تمثال السلام وحضور اليونسكو رسالة اعتراف وتقدير لجهود بلد حفظ كرامة الموتى دون مساعدة من أي بلد. وتمتد هذه المقبرة او حديقة افريقيا أو القصر كما يحلو للفنان رشيد القرشي تسميتها، على مساحة 2500 متر مربع بطاقة تتسع لنحو 600 قبر ثلثها تم استغلالها بسبب تواتر وصول الجثث على الجهة وخاصة بسواحل جرجيس وجربة . وقد تم اعداد القبور بطريقة تقنية تضمن محافظة اكثر على الجثة فيما تضمنت المقبرة في مكوناتها الأخرى عدة فضاءات منها فضاء للتعبد وغرف ستخصص عند استكمال المشروع كمخبر للتحليل الجيني للجثث بما يمكن عائلاتهم من التعرف عليها وغرفة تبريد للاموات وغرفة تشريح عند توفر التمويلات الكافية.
وثمن وزير الشؤون الثقافية بالنيابة حبيب عمار انجاز مثل هذه المقبرة لضحايا الهجرة ممن اضاعتهم الانسانية في البحر وهم يبحثون عن عيش افضل نحو اوروبا معتبرا ان مثل هذه المبادرة تعيد قيمة الانسان وتحفظ كرامته وتوجه رسالة عميقة الى كل الانسانية وليس لتونس او العالم العربي فقط.
وقال رئيس فرع الهلال الاحمر التونسي بمدنين الذي رافق سير هذا المشروع وسهل على باعثه عدة عقبات ليكون جاهزا ، ان الظرف والوقع حزين مضيفا : لا للاحتفال بمصائب الهجرة وضحاياها التي تدفع الى التفكير فيهم سواء الاحياء منهم او الاموات، مضيفا انه امام الاعداد المتزايدة لغرقى قوارب الموت يصبح من الضروري حاليا التفكير في توسيع مثل هذه المقبرة التي لن تستغرق سنة وبضعة أشهر لتمتلئ. واقترح رئيس بلدية جرجيس مكي لعريض توسيع هذه المقبرة والعمل على تسهيل عمليات تجميع الجثث ودفنها وتعميم البحث الجيني لكل الجثث المدفونة بمقابر جرجيس ودراسة امكانية ادراج هذه المقبرة ضمن التراث العالمي داعيا المجتمع الدولي الى وقفة تامل وتفكير في وضع الانسانية داخل المنظومة العالمية بحثا عن عدالة توقف نزيف الموت والظلم الاقتصادي والاجتماعي .
ومثلت زيارة هذه المسؤولة مناسبة لمعاينة معالم تعكس تنوع التراث في جزيرة جربة وثراءه مجسما معاني التسامح والتفتح بها دينيا ومذهبيا وعقائديا، حيث زارت السيدة ازولاي معبد الغريبة اليهودي ومساجد اباضية قديمة شملتها عمليات صيانة لتظل شاهدة على حقبات تاريخية مرت بها جزيرة جربة ومنها جامع الوطى وجامع ياتي وجامع فضلون التي قد تتشابه في فن العمارة الا ان وظائفها اختلفت باختلاف موقعها.
وقالت بهذه المناسبة ان جزيرة جربة كجزء من البلاد التونسية ذات التراث المتميز والمتنوع تحمل جمالية وتمتلك عدة خصوصيات سواء في عاداتها او فنها المعماري مؤكدة أن منظمة اليونسكو ستكون الى جانب تونس في سعيها نحو المحافظة على تراثها ومساعدتها في هذه الجهود. وحسب وزير الثقافة بالنيابة حبيب عمار فان ملف ادراج جزيرة جربة ضمن قائمة التراث العالمي جاهز لايداعه قريبا لدى اليونسكو قائلا ان جربة تحمل كل المقومات لتكون مصنفة ضمن التراث العالمي كارض للتسامح والتعايش لكل الاديان في انسجام الى جانب مكوناتها الثقافية والتاريخية والدينية التي تقوي حضوظها في التصنيف.
كما عبر غازي الغرايري سفير تونس المعتمد لدى اليونسكو عن تفاؤله بملف ادراج جزيرة جربة في التراث العالمي رغم صعوبته بحكم طبيعته التقنية وليكون افضل ملف في التسجيل قائلا ان هذا التفاؤل ينبع من النجاح في جملة الملفات التي تم ترسيمها سواء في التراث الطبيعي او التراث الثقافي والتاريخي او في التراث اللامادي كالصيد بالشرفية او مهارات نساء سجنان وملفات اخرى جديدة كطرق العرض لدى طوائف غبنتن.
واضاف ان مندوبية تونس لدى اليونسكو تبذل كل جهدها لتعطي كل الفرص لجميع الملفات بكل الجهات من مائدة يوغرطة والقصور وشط الجريد وغيرها في دلالة على أن كل أجزاء تونس ومكوناتها تساهم في الحضارة الكونية.
قد يهمك ايضا
تفاصيل جلسة عمل لمتابعة سير تنفيذ مشروع المتحف الرّقمي للتراث التونسي المكتوب
وزارة الثقافة التونسية إمكانية عودة التظاهرات مطلع الأسبوع القادم