الدار البيضاء - محمد خالد
تعيش كرة القدم المغربيَّة على إيقاع أحداث شغب خطيرة اجتاحت ملاعب دوريي الدرجة الأولى والثانيَّة، بشكل أصبح يثير القلق والخوف من تنامي هذه الأفعال المشينة التي باتت بمثابة "فيروس" ينخر جسد الكرة المغربيّة، ويهدد مستقبلها، خصوصًا أنّ المغرب مقبل على استقبال تظاهرات رياضيّة كبرى،
من قبيل النسخة الـ11 من مونديال الأنديّة نهاية العام الجاري، ونهائيات كأس أفريقيا مطلع العام المقبل.
وتعدَّدت أنماط وأنواع الشغب التي ضربت الكرة المغربيّة، ولم يقتصر الأمر على أعمال العنف التي تندلع بين الجماهير في الملاعب، بل تعدت إلى نشوب مواجهات خطيرة بين المناصرين في الشوارع، بالإضافة إلى أعمال بلطجة وسرقة، ذهب ضحيتها لاعبو أنديّة من طرف عناصر محسوبة على جماهيرهم.
فقبل أسابيع، اهتزت أوساط اللعبة الشعبيّة في المغرب على إيقاع مواجهات عنيفة جدًا بين جماهير فريقي "المغرب الفاسي" و"الجيش الملكي"، أسفرت عن إصابات خطيرة في صفوف جماهير الفريق "الفاسي"، ما خلَّف موجة استنكار شديدة، وتحذيرات من تفاقم مثل هذه الأحداث، وحذر المهتمون من قرب تكرار سيناريو مماثل لمجزرة "بورسعيد" في المغرب.
كما كان هناك حادث مماثل من خلال مواجهات خطيرة بين جماهير "الجيش الملكي" ونادي "جمعية سلا"، واعتداء من طرف محسوبين على جمهور "الرجاء البيضاوي" على مشجع لـ"الكوكب المراكشي" بالسيوف والسكاكين تسبب في إصابات خطيرة.
وفرضت هذه الأحداث المرعبة على اتحاد كرة القدم المغربي التحرك في اتجاه اتخاذ قرارات صارمة، من بينها منع تنقل جماهير الأنديّة المغربيّة رفقة أنديتها، قبل التراجع عن هذا القرار وتعويضه بآخر بتنسيق مع السلطات الأمنيّة، من خلال تعيين خلايا أمنيّة لمُرافقة مشجعي الأنديّة الذين يتنقلون مع فرقهم، للحيلولة دون وقوع أيَّة مواجهات أو أعمال شغب.
ودق ارتفاع حدة العداوة بين جماهير الأندية المغربيّة ناقوس الخطر، وارتفعت الأصوات المُطالبة بإيقاف ما يحدث، خصوصًا بعد أنّ تحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى ميادين لتُبادل السباب والتهديدات والوعيد بين المشجعين، وتوجه أصابع الاتهام إلى روابط التشجيع المعروفة بالـ"ألتراس"، ويعتبر الكثير من المهتمين بالشأن الكروي أنّ دخول هذه الظاهرة إلى الملاعب المغربيّة زاد من حدة العدائية بين مشجعي الأنديّة بدرجة أصبحت معها الأمور تخرج عن السيطرة، وتبتعد كثيرًا عن كل ما هو رياضي وأخلاقي.
في الجهة المقابلة، يرفض الـ"ألتراس" الاتهامات الموجهة إليهم، ويعتبرون أنفسهم إضافة أضّفت رونقًا جديدًا على المنتج الكروي المغربي، مشيرين إلى أنهم ليسوا مسؤولين عن أعمال الشغب، وأنهم يقومون بدورهم في تأطير المشجعين، لكن ذلك غير كاف إذا لم تكن هناك مقاربة شاملة لمواجهة هذه الآفة الخطيرة.
ويفسر علماء الاجتماع المغاربة تنامي ظاهرة الشغب بين المشجعين بالمشاكل الاجتماعية الكبيرة التي تعيشها شريحة عريضة من الشباب المغربي، حيث تتحول ملاعب كرة القدم إلى فضاء لتفريغ شحنات الغضب والكبت المتغلل في النفوس جراء الظروف الصعبة، علمًا أن تنامي ظاهرة الشغب في المغرب يأتي في ظل إصدار الحكومة المغربية قانونًا جديدًا يُجرّم ارتكاب مجموعة من الأفعال في الملاعب الرياضيّة، من خلال توقيع عقوبات قاسيّة على المُخالفين.
وخرج نمط جديد من هذه الآفة إلى حيّز الوجود خلال اليومين الأخيرين، بعد أنّ تحولت الاعتداءات اتجاه اللاعبين من طرف جماهيرهم، ولعل ما شهده ملعب "الوداد"، بعد أنّ هاجم العشرات من المسلحين المحسوبين على جمهور الفريق مقر النادي واعتدوا على اللاعبين والمدرب، وسلبوهم ممتلكاتهم من هواتف نقالة وساعات ومبالغ مال، أكبر دليل على أنّ الأمور باتت خطيرة جدًا، وكان هذا الحادث الثاني في ظرف 24 ساعة، بعد حادث مُماثل ذهب ضحيّته لاعبوا فريق "وداد فاس"، وأسفر عن إصابة الحارس محمد البورقادي بجرح في القدم سيبعده لـ3 أسابيع عن الملاعب.