فريق مكون من بعض أطفال الشوارع المصريين

القاهرة – محمد الدوي يقوم مجموعة من خريجي ومدربي الجامعة الأميركية في القاهرة، بتدريب فريق مكون من بعض أطفال الشوارع المصريين، على ممارسة لعبة كرة القدم مرتين في الأسبوع، في ملعب خلف أحمد الحبتور لكرة القدم، ومضمار الجري في الجامعة. ويستعد هؤلاء الأطفال للمشاركة في مسابقة كأس العالم لأطفال الشوارع، والتي ستُعقد في البرازيل في 27 آذار/مارس الجاري.
وتمنح تلك المبادرة هؤلاء اللاعبون الصغار أملًا في الحياة، يتطلعون إليه، ومأوىً آمنًا من معيشة الشوارع، كما ستعطيهم أيضًا الفرصة لكي يتم تسليط الضوء عليهم، ويتمتعوا ببعض التقدير.
وأكَّد خريج دفعة 2009، وأحد المدربين الذين يقومون بتدريب أطفال الشوارع، محمد أبوحسين، "يتمثل هدفنا الأول في إنقاذ هؤلاء الأطفال من معيشة الشوارع، وإعطائهم الفرصة لممارسة لعبة يحبونها، ويتمسكون بها، ويعودون إليها، حيث اكتشفت المنظمات غير الحكومية التي نعمل معها، أن كل الأطفال المشاركين فضلوا البقاء معها، من بعد أن أطلقنا تلك المبادرة، ونحن أيضًا نريد أن نعطي هؤلاء الفرصة ليشعروا ببعض التقدير، ونريد أن نشعرهم أننا نشعر بوجودهم أيضًا."
وأضاف أن "الفكرة بدأت عندما قرر كلٌّ من؛ كريم حسني، خريج الجامعة دفعة 2005، ومحمد خضر بيضون، خريج الجامعة دفعة 2006، واللذان قاما بتدريب فريق الجامعة لكرة القدم للرجال منذ العام 2008، وقادا فريق الجامعة إلى الفوز بثلاث دورات متتالية، أن يُكوِّنا فريقًا لكرة القدم من أطفال الشوارع من المصريين بعد حضورهما ندوة عن الحركة المنادية بإقامة مسابقة كأس العالم لأطفال الشوارع، وذلك في لندن، عندما كان فريق الجامعة يعد نفسه لخوض إحدى الدورات".
وأوضح حسني، "بعيدًا عن فريق الجامعة، كنا نطمح دائمًا إلى القيام بشيء آخر بخلاف لعبة كرة القدم، وعندما سمعنا عن إقامة مسابقة كأس العالم لأطفال الشوارع في صيف 2011، لمعت الفكرة في أذهاننا بسرعة البرق."
وأشار إلى أنه التقى في 2012 مع ممثل لمسابقة كأس العالم لأطفال الشوارع والحركة العالمية المنادية بحماية أطفال الشوارع، التي تأسست في العام 2010، وذلك لكي يعلم المزيد عن كيفية تكوين فريق من أطفال الشوارع المصريين، وعلمنا أنه يجب أن يكون الأطفال عاشوا على الأقل لمدة سنتين في الشوارع، وسنة على الأقل في مكان للضيافة، وذلك لكي يتمكنوا من التواؤم مع فكرة اللعب ضمن فريق."
وتابع، أنه "بدأ في التعاون مع عدد من المنظمات غير الحكومية، منها "مجتمع القرية الأمل،" و"أنا المصري،" و"وجه من أجل الأطفال المحتاجين،" وذلك لكي يجد لاعبين يمكن ضمهم إلى الفريق، وبالفعل وجد حسني بعض اللاعبين الذين يصلحون لضمهم إلى الفريق، منهم خالد، 14 (عامًا)، الذي يعشق كرة القدم، لكنه لم يجد الفرصة لممارسة هوايته المفضلة؛ لأنه ببساطة بلا مأوى منذ أن كان في السابعة من عمره".
واستطرد أبوحسين، قائلًا أنه "لقد عانى أطفال الشوارع كثيرًا، وهذا الفريق يمثل تحديًا كبيرًا، فالمدربون كان عليهم أن يعالجوا بعض التصرفات والسلوكيات غير المعتادة، لكن في اعتقادي لا يوجد عامل أقوى من لعبة كرة القدم الجماعية لتقويم السلوك"، موضحًا أنه "يدرب الفريق مرتين أسبوعيًّا، وذلك في عدد كبير من الملاعب الموجودة في القاهرة، إلا أنه بدأ في التعاون منذ الفصل الدراسي السابق معAUC  Enactus ، وذلك لكي يتمكن الفريق من التدريب في ملاعب الجامعة الأميركية في القاهرة".
وأضاف حسني، "كان أول تدريب لنا على أرض الجامعة يمثل إنجازًا كبيرًا في حد ذاته؛ لأنه كان بمثابة نقلة نوعية كبيرة، فالفريق كان يشعر بفرحة شديدة لوجوده في ملعب كبير، ومجهز كملعب الجامعة، ولأنه كان يشبه إلى حد كبير الملاعب التي سيجدون مثلها عند اللعب في البرازيل، أما بالنسبة لنا كمدربين للفريق، كنا نشعر بألفة شديدة وأننا في بيوتنا."
ويقيم الفريق تدريباته على ملعب خلف أحمد الحبتور ومضمار الجري، وخاض اللاعبون على أرض تلك الملاعب الكثير من المباريات ضد فرق أخرى، وتمكنوا من مقابلة لاعب كرة القدم المشهور محمد أبوتريكة، الذي انضم لأحد تدريبات الفريق في كانون الثاني/يناير، وقام بتدريب الفريق أيضًا خريج آخر، يدعى مراد حكيم، وذلك بالإضافة إلى حسني وبيضون وأبوحسين.
وكان حضور الجامعة طاغيًا ليس عن طريق توفير الملاعب المجهزة، وفريق التدريب فحسب، بل أيضًا عن طريق توفير متطوعين آخرين يعملون لخدمة الفريق وإنجاحه، فقد اشترك كلٍ من إنجي حسني، وملك العيوطي، خريجو الجامعة في العام 2013، في العمل ضمن فريق العلاقات العامة الخاص بدعم المبادرة، وقررت العيوطي المشاركة وذلك لولعها الشديد بالرياضة ومساعدة الأطفال، وبعد قضاء أربعة أشهر مع فريق العلاقات العامة، كانت مندهشة لحجم الأثر الإيجابي المنعكس على الأطفال.
وأضافت العيوطي، "لقد تغيروا كثيرًا خلال الأشهر القليلة الماضية، وأصبحوا أكثر انفتاحًا على الناس؛ لأن الرياضة تعمل دائمًا على نزع الأحقاد ومحو السلبيات."
وتابعت، "لم يكن فريق العلاقات العامة قادرًا على إحداث تغيير في رؤية اللاعبين لأنفسهم فحسب، بل كان قادرًا أيضًا على إحداث تغيير كبير في نظرة البشر لأطفال الشوارع".
وأوضح حسني، "بدأ الناس في النظر إليهم بصورة مختلفة، ورؤيتهم على أنهم قادرين على فعل الكثير من الأشياء الإيجابية المدهشة، وأنهم يستطيعون ببعض الدعم فعل الكثير، فهؤلاء الأطفال يملكون من الذكاء الفطري والمواهب التي تمكنهم من فعل الكثير، وإذا نجحنا في توظيف تلك المواهب والملكات على النحو الصحيح فإنهم بالتأكيد سيتمكنون من فعل الكثير من الأشياء الإيجابية المفيدة، وأرى أنهم مجموعة من الجواهر غير المصقولة."
ويخوض الفريق المصري مسابقة كأس العالم لأطفال الشوارع، والتي تُقام في البرازيل في خلال شهر من الآن، وخاض الفريق الكثير من المباريات استعدادًا للمشاركة في الحدث الأكبر، وهو كأس العالم لأطفال الشوارع؛ وتتعاون مصر استعدادًا لبطولة كأس العالم لأطفال الشوارع مع مجموعات الطلاب في الجامعة، مثل: التدريب من أجل الأمل وAUC Enactus للترتيب لدورة رياضية تُقام في حرم الجامعة في القاهرة الجديدة في 1 آذار/مارس 2014، تأكيدًا على أهمية منح مثل تلك الفرصة لأطفال الشوارع.
وختم حسني بالقول، "لقد تقدَّم الفريق كله بشكل كبير، وتصلنا أخبار عظيمة من المنظمات غير الحكومية التي تتولى رعاية الفريق عن مدى التحسن في سلوك الأطفال ومدى الثقة بالنفس التي بدؤوا في الشعور بها، فإذا أعطيت شخصًا ما الثقة والأمل، فثق أنه قادر على فعل أي شيء".