اشتباكات بين حزب الله والجيش الحر
بيروت – جورج شاهين
تجدد القصف السوري بعد ظهر الاثنين على مدخل الهرمل حيث سقط صاروخان من مرابض للجيش السوري الحر في الأراضي السورية الواقعة قبالة السلسلة الشرقية لجبال لبنان. وجاء هذا التطور الذي لم تشهده المنطقة منذ سقوط القصير في يد قوات حزب الله والجيش الحكومي السوري
وبعد ساعات على رفع الجيش السوري سواترترابية حاصرت بيوتا لعائلات ومزارعين من مشاريع القاع اللبنانية تقع خلفها وفي ما ترددت أصوات القصف عميقة في المنطقة التي انطلقت منها القذائف أفيد بأن اشتباكات اندلعت لليوم الثالث على التوالي بين مسلحي حزب الله والجيش السوري الحر في المقلب الشرقي من السلسلة الجبلية في البقاع اللبناني.
وإزاء مواصلة الجيش السوري عملية الترسيم الأحادي للحدود ورفعه سواتر ترابية على الحدود اللبنانية السورية شرق مشاريع القاع في محلة الجورة، متسببا في مغادرة عدد كبير من الأهالي منازلهم التي باتت في الجانب السوري خلف هذه السواتر، قال عضو "كتلة المستقبل" النائب جان أوغاسبيان "الذي كان يرأس الجانب اللبناني في لجنة ترسيم الحدود بين البلدين والتي لن تكتمل فصولها منذ اندلاع الثورة السورية "مناقشة هذا الموضوع، يجب بداية أن نعود إلى الحقبة التي كنت أترأس خلالها اللجنة اللبنانية للمفاوضات مع الجانب السوري بشأن المسائل كلها، وبما فيها ترسيم الحدود، حيث اتفقنا آنذاك مع الجانب السوري على أن يصار إلى تأليف لجنتين من كلا البلدين، مؤلفتين من وزارات وأجهزة معنية بترسيم الحدود، على أن يتم لاحقا اجتماع بين اللجنتين لوضع تصور أو خريطة طريق لعملية التحديد أوّلا، وبعدها الترسيم.
وأضاف "الجانب اللبناني آنذاك أي في العام 2010، في حكومة الرئيس سعد الحريري، ألّف لجنة من وزارات عدة اجتمعت ووضعت تصورا للحدود اللبنانية السورية، مدعوما بالوثائق والمستندات والصور الجوية والخرائط منذ أيام السلطنة العثمانية. وبدأت شخصيا بمراجعة الجانب السوري، فقال لي المسؤولون السوريون في ذلك الحين، إننا نتمنى ألا تبدأ عملية الترسيم من الجنوب بل من الشمال من العريضة والدبوسية، فوافقت وتحدثت إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس الحريري وأبلغتهما أنه من المهم أن نبدأ من مكان ما، كي نكرّس مفهوم ان هناك لجنتين تعملان لترسيم الحدود، الا أن الجانب السوري استخدم اسلوب التمييع ولم يؤلف اللجنة".
وتابع أوغاسبيان "لا أدري ما الذي حصل بهذه اللجنة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ان كانت تجتمع او تتواصل مع الجانب السوري، وعندما استوضحت الموضوع، قيل لي ان لا شيء حصل في عمل هذه اللجنة ولا جديد عمليا".
وسأل "ما الذي استجد حتى جاء الطرف السوري الآن من تلقاء نفسه وبدأ برفع السواتر تحت عنوان ترسيم الحدود؟ فهو الذي لطالما رفض ترسيم الحدود منذ استقلال لبنان"، معتبرا أن هذه المسألة لا علاقة لها بالترسيم، بل هي مسألة استراتيجية وأمنية ترتبط بما يحدث اليوم من حرب أهلية في سورية وبالتحديد بمعركة القصير التي كانت ضرورة وحاجة للنظام السوري وحزب الله لفتح ممر آمن ما بين الجبل العلوي والبقاع الشيعي، وتدخل معركة حمص وريف حمص ضمن هذا الاطار أيضا.
وأضاف أوغاسبيان "إذا نظرنا اليوم إلى الخريطة، نرى منطقة عرسال وحدودها قرابة 70 كلم وعمقها قرابة 15 كلم، يعتبرها النظام السوري وحزب الله "شوكة في الخاصرة"، وبالتالي الحوادث كلها التي حصلت في عرسال ومنها المواجهات مع الجيش، هي حوادث مفتعلة من قبل حزب الله"، وقال "السواتر التي توضع اليوم في مشاريع القاع، وهذه النقطة صحيح أنها خارج عرسال، لكن أهالي عرسال يملكون الكثير من الأراضي هناك، تصب في إطار محاصرة عرسال، لأن الطرف الآخر يرى أنها الممر الوحيد للجيش الحر".
وشدد أوغاسبيان على أن رفع السواتر هدفه عسكري بحت لا ترسيم الحدود، وهذا أمر بالغ الخطورة، معربا عن أسفه لأن الحكومة اللبنانية لم تتخذ بعد أي إجراء، "فالهيئات الأمنية كلها كان عليها أن تجتمع وتبدأ العمل على المعلومات، فهذه القضية لا علاقة لها بالترسيم، فالترسيم يجري بالتفاهم بين الطرفين".
وأبدى خوفه من أن تكون القضية مرتبطة بعرسال وقال "إذا كان البعض يظن أن نموذج عبرا يمكن أن يطبق في عرسال، يكون يأخذ البلاد إلى حرب أهلية محتّمة هذه المرة"، مضيفا "الهدف التالي لحزب الله هو عرسال وهذا الأمر بدأ منذ عام، واليوم وبعد القصير وبعد التحولات العسكرية في ميزان القوى في سورية، أخشى أن يظنوا أن في إمكانهم تطبيق نموذج عبرا في عرسال".
وطالب السلطة السياسية بتدارك الأمور إن كان عبر جولة مفاوضات مع الطرف السوري أو عبر اللجوء إلى مجلس الأمن أو الجامعة العربية، أو أن تعيد البحث في مسألة الانتشار على الحدود، والقرار 1701 والاستعانة بالمجموعة الدولية واليونيفيل، معتبرا أن "على الحكومة ان تتصرف".
فيما اعتبر عضو "كتلة المستقبل" النائب عاصم عراجي، أن أسلوب الترسيم الذي يعتمده النظام السوري غير شرعي وغير قانوني لأن ترسيم الحدود يكون بحضور مندوبين عن الطرفين، ولا يسمح لطرف واحد أن يقرر بمفرده أين الحدود اللبنانية وأين الحدود السورية. وقال لـ"المركزية"، "عندما يسقط نظام بشار الأسد يجب إعادة فتح هذا الملف، لأننا الآن لا نتعاطى مع النظام الحالي" مستطردا "لكن يجب على الدولة اللبنانية والحكومة أن تتدخلا لوضع حد لهذه التجاوزات، فترسيم الحدود من طرف واحد كلام فارغ وغير منطقي".
وأشار عراجي إلى أنه بصدد طرح هذا الموضوع في اجتماع "كتلة المستقبل" الثلاثاء لأخذ موقف منه وتحديد الخطوات المقبلة، وبخاصة أن منطقة البقاع هي الأكثر تضررا من الترسيم العشوائي، من عرسال إلى القاع إلى الجنوب، كلّها مناطق متداخلة مع الحدود السورية والجانب السوري يرسم الحدود مثلما يبدو له، وهذا غير مقبول".