القاهرة ـ أكرم علي/عمرو والي
تُوفي الشاعر المصريّ الكبير أحمد فؤاد نجم، الثلاثاء، عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد صراعٍ مع المرض، والذي يُعدّ من أبرز الشعراء العامية في مصر، وصاحب اسم رفيع في مجال الشعر العربيّ.
وأكد صاحب دار "ميريت" المصريّة للنشر محمد هاشم، خبر وفاة نجم، فيما سارع العشرات إلى تعزية ابنة
الشاعر الناشطة السياسية نوارة نجم، على صفحتيها على "تويتر" و"فيسبوك"، ونعاه المثقّفون والكُتّاب والإعلاميّون المصريّون.
وتقدّم الكثير من السياسيين والإعلاميين بالتعازي في وفاة الشاعر الراحل، وفي مقدمتهم الكاتب الصحافي مصطفى بكري، والإعلامية ليليان داود، حيث كتب بكري على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "غنّى المصريون كلماته، ورحل رفيق عمره الشيخ إمام منذ سنوات، والآن يلحق به، رحم الله شاعرنا الكبير والعزاء لأسرته وللمصريين جميعًا"، فيما قالت ليليان داود على "تويتر"، "وداعًا أحمد فؤاد نجم، مع كل لقاء من ملعب الصفا إلى مهرجانات بيت الدين، إلى اللقاءات الأخيرة في القاهرة، كنّا ولا نزال نتسابق لحفظ أشعارك".
وقد ولد أحمد فؤاد نجم، الذي يُلقّب بـ "الفاجومي" في العام 1929، في قرية كفر أبونجم في مدينة أبو حماد محافظة الشرقية، لأم فلاحة أمّية من الشرقية، وأب يعمل ضابط شرطة، وكان ضمن سبعة عشر ابن، لم يتبق منهم سوى خمسة، والسادس فقدته الأسرة ولم يره، والتحق بعد ذلك بكُتّاب القرية كعادة أهل القرى في ذلك الزمن، وبعد وفاة والده انتقل إلى بيت خاله حسين في الزقازيق، حيث التحق بملجأ أيتام في العام 1936، الذي قابل فيه المطرب الراحل عبدالحليم حافظ، ليخرج منه 1945 وعمره 17 عامًا، بعد ذلك عاد إلى قريته، ثم انتقل إلى القاهرة عند شقيقه، إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته مُجدّدًا، وبعدها بسنوات عمل في أحد المعسكرات الإنكليزية وساعد الفدائيين في عملياتهم، بعد إلغاء المعاهدة المصرية البريطانية، ثم دعت الحركة الوطنية العاملين في المعسكرات الإنكليزية إلى تركها، فاستجاب نجم للدعوة، وعيّنته حكومة الوفد كعامل في ورش النقل الميكانيكي، وفي تلك الفترة سرق بعض المسؤولين المُعدّات من الورشة، وعندما اعترضهم، اتهموه بجريمة تزوير استمارات شراء، مما أدى إلى الحكم عليه بـ3 سنوات سجن، وفي السنة الأخيرة له في السجن اشترك في مسابقة "الكتاب الأول" التي ينظمها "المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون"، وفاز بالجائزة، وبعدها صدر الديوان الأول له من شعر العامية المصرية (صور من الحياة والسجن)، ليشتهر وهو في السجن.
وبعد خروجه من السجن تم تعيينه موظفًا في منظمة "تضامن الشعوب الآسيوية الأفريقية"، وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية، وأقام في غرفة على سطح أحد البيوت في حي بولاق الدكرور، وبعد ذلك تعرّف على الشيخ إمام في حارة خوش، ثم أصبحا ثنائيًا معروفًا، وأصبحت الحارة "ملتقى للمثقّفين".
وسُجن نجم مرات عدة، بسبب مواقفه من الحكومات المتعاقبة، ودخل في خلافات سياسيّة مع كبار المسؤولين في مصر، ورغم أنه سجن في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إلا أنه أحبه ووصفه بأنه "نصير الفقراء"، وقال "إنه لم يتكرر مرة أخرى"، بينما وصف الرئيس السادات بأنه "شيخ منصر"، وعارضه بسبب سياسة الانفتاح الاقتصادي ومعاهدة "كامب ديفيد"، وعارض الرئيس السابق حسني مبارك ونجله جمال، فيما اعتبر جماعة الإخوان "تشكيلاً عصابيًا".
وتزوج الشاعر الراحل، عددًا من المرات، أولها من فاطمة منصور وأنجب منها عفاف، ثم زواجه من الفنانة عزة بلبع، والكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها الناشطة والصحافية نوارة نجم، كما تزوج ممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو، وآخر زيجاته كانت أميمة عبدالوهاب وأنجب منها زين.
وحصل الشاعر أحمد فؤاد نجم على المركز الأول في استفتاء "وكالة أنباء الشعر العربي"، وكان موقفه معاديًا للإمبريالية الأميركية، وهو ما وضح في أشعاره صراحة، وفي المقابل كان ناعيًا لتشي جيفارا، رمز الثورة في القرن العشرين، وكان صاحب المقولة الشهيرة التي ترددت خلال ثورة 25 كانون الثاني/يناير، "كل ما تهلّ البشاير من يناير كل عام يدخل النور الزنازن يطرد الخوف والظلام"، وأصبحت أغنية يُرددها جيل الثورة، وصارت المقولة عنوانًا لـثورة يناير.