آثار الدمار بنيران القوات الحكومية
دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت المعارضة السورية، الخميس، سقوط 83 قتيلاً بنيران القوات الحكومية غالبيتهم في دمشق وريفها، فيما هاجم الجيش الحر "المعارض" ثكنة عسكرية لقوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة التي يترأسها ماهر الأسد في خان الشيح، واستهدف حافلة للقوات الحكومية وجنود إيرانيين قتلوا جميعًا في ريف
العاصمة، وسط أنباء عن إصابة رئيس فرع المخابرات العسكرية في حمص خلال اشتباكات بابا عمرو، في الوقت الذي أعلن فيه الاتحاد الأوروبي مقتل المسؤول عن البرامج في بعثة الاتحاد في سورية إثر هجوم صاروخي على مدينة داريا.
وأصدر الجيش السوري الحر، الخميس، بيانًا أعلن فيه سيطرته على الحاجز 14 على الحدود اللبنانية السورية في القصير، وعن مقتل عدد من عناصر "حزب الله"، الذين تمركزوا في هذا الحاجز، في حين أعلن كذلك عن فتح جبهة ضد القوات الحكومية، على ضوء المعارك والاشتباكات العنيفة في المنطقة الواقعة بين دمشق ومرتفعات الجولان، وأنه وهاجم ثُكنةٍ عسكرية لقوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في خان الشيح على مشارف دمشق.
وقال ناشطون سوريون، إن "القوات الحكومية المتمركزة في الجبال المطلة على خان الشيح تُهاجم المنطقة بالصواريخ لإبعاد الثوار المتمركزين حول الثكنة، وأن أكثرَ من ألف مقاتل تحركوا إلى خان الشيح التي تبعد 25 كيلومترًا عن هضبة الجولان، في حين قُتل وأُصيب عدد كبير من المدنيين والعسكريين في سقوط قذائف الهاون في منطقة الفحامة، والتي تزامنت مع توقيت انصراف الموظفين من أعمالهم، وكذلك انفجرت عبوة ناسفة في سيارة في مساكن السومرية الواقعة على الطريق الذي يربط دمشق بمنطقة صحنايا، من دون وقوع إصابات، ويقطن تلك المساكن عائلات الضباط وصف الضباط والأمن والحرس الجمهوري، وهي محاطة بسور خارجي تنتشر قربه الأكشاك التجارية الصغيرة والتي تعود ملكيتها إلى بعض سكان المنطقة، كما سقطت قذيفة أخرى على مستشفى ابن رشد في حي العباسيين في العاصمة، وفي درعا، يستمر الجيش الحر في قطع الطريق الدولي في خربة غزالة بالتزامن مع اشتباكات متقطعة مع القوات الحكومية لليوم الخامس على التوالي، بينما ترد القوات الحكومية بقصف البلدة بالطيران الحربي والمدفعية والدبابات مما أدى إلى سقوط جرحى من المدنيين ودمار بالمنازل"، فيما ذكرت لجان التنسيق المحلية أن 83 قتيلاً سقطوا الخميس بنيران الجيش السوري غالبيتهم في دمشق وريفها.
وأُصيب رئيس فرع المخابرات العسكرية في حمص، العميد عبدالكريم سلوم، بجراح خلال الاشتباكات المتقطعة التي دارت مع مقاتلين من الكتائب المقاتلة في بساتين حي بابا عمرو، ودارت اشتباكات عنيفة استمرت حتى فجر الخميس، إثر هجوم نفذه مقاتلون على القوات الحكومية المتمركزة في قلعة حمص الأثرية، تبعه قصف من قبل الأخيرة على أحياء حمص القديمة، فيما استمرت الاشتباكات منذ ليل الأربعاء في محيط مدينة القصير ترافقت مع قصف من قبل الجيش السوري، ولم ترد معلومات عن الخسائر البشرية حتى اللحظة، وتعرضت كذلك مناطق في ريف دمشق منها مدن دوما وداريا وحرستا للقصف، مما أدى إلى استشهاد فتاة وسقوط عدد من الجرحى في مدينة داريا، كما قصف الجيش السوري مناطق في مدن وبلدات يبت سحم ويلدا وببيلا واطراف مدينتي يبرود وجديدة عرطوز ومنطقة ريما عند منتصف ليل الأربعاء الخميس، مما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، في الوقت الذي نفذت فيه القوات الحكومية حملة دهم واعتقال طالت عددًا من المواطنين في مدينة الزبداني عند منتصف الليل، كما قُتل مقاتل من المعارضة متأثرًا بجراح أُصيب بها خلال اشتباكات في الغوطة الشرقية، وفي دمشق سقط عدد من الجرحى جراء القصف الذي تعرض له حي الحجر الأسود، وكذلك تعرضت أحياء العسالي والتضامن وأطراف مخيم اليرموك للقصف عند منتصف الليل، كما دارت اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات الحكومية في شارع فلسطين ومحيط البلدية في مخيم اليرموك وسط أنباء عن خسائر في صفوف القوات الحكومية.
وأفادت لجان التنسيق المحلية في سورية، أن "الجيش الحر استهدف حافلة للقوات الحكومية وجنود إيرانيين في ريف دمشق قتلوا جميعًا، فيما شهد فرع المخابرات في شارع بغداد في دمشق إطلاق رصاص كثيف ترافق مع انتشار أمني كثيف في المنطقة، أما في مخيم اليرموك فاستمرت الاشتباكات العنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية بالقرب من مقر البلدية، ترافق مع قصف استهدف المنطقة الواقعة بالقرب من ثانوية اليرموك للإناث، في حين استهدف قصف بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ حي برزة في قلب العاصمة، فيما شهد حي جوبر شرق دمشق قصفًا عنيفًا وتبادلا لإطلاق النار بين الجيش السوري وقوات المعارضة الذين قصفوا ما يعرف بمجمّع الثامن من آذار، حيث قال الثوار إن هذا المجمّع القائم في برج يحول من دون تقدّمهم نحو ساحة العباسيين والتوغل في أحياء دمشق الداخلية، وأن المعارضة تصدت لمحاولة من القوات الحكومية لاقتحام منطقة الزبلطاني المجاورة لجوبر، كما استهدف الجيش السوري الحر بقذائف الهاون فرع أمن الدولة في منطقة كفر سوسة، حيث قصفه بـ 12 قذيفة سقطت في محيط مبنى أمن الدولة، الأمر الذي أدى إلى احتراق أجزاء منه وموقف للسيارات، كما اقتحم الجيش الحر كتيبة عسكرية ومقرًا للجيش الحكومي في مدينة عدرا في ريف دمشق، وغنم كمية كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وفي الرقة قام الطيران الحربي بغارات عدة على المدينة، فيما استمرت الاشتباكات في محيط مطار الطبقة العسكري في المدينة، وقطع الجيش الحر الطريق الواصل بين الحسكة والقامشلي وقام بنشر حواجزه على طول الطريق".
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، أن "إرهابيين استهدفوا بقذائف هاون منطقة البختيار السكنية في دمشق، مما أدى إلى وقوع 3 قتلى وأكثر من 50 مصابًا بين المواطنين والمارة، بينهم عدد من الأطفال والنساء، وأن قذيفتي هاون سقطتا قرب دار الأمان لرعاية الأيتام، في حين سقطت القذيفة الثالثة في مدخل شارع البختيار، وأن الاعتداء الإرهابي أسفر أيضًا عن إلحاق أضرار مادية بعدد من المحلات التجارية والسيارات المركونة في المكان، ووصل مستشفى دمشق جثث 3 قتلى و49 مصابًا جراء العمل الإرهابي، فيما وصل إلى مستشفى المواساة 4 مصابين".
وشهدت الأيام الثلاثة الأخيرة، تظاهرات مناهضة لـ"جبهة النصرة"، أحد كتائب الجيش الحر، التي ترتبط بتنظيم "القاعدة"، في منطقة الميادين في دير الزور، فيما خرجت تظاهرات أخرى مؤيدة للجبهة، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "سوريين من الميادين في محافظة دير الزور خرجوا في تظاهرات الأربعاء، ولليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بخروج مقاتلي الجبهة الإسلامية من المنطقة، وأن هذه التظاهرات تأتي على خلفية قيام الجبهة بعرض عسكري لشرطة الهيئة الشرعية في المنطقة الشرقية، بينما خرجت تظاهرات حاشدة في مدينة الميادين مؤيدة لـ(النصرة)".
وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن، إن "التطرف لا يحظى بمكان واسع في سورية، حتى لو أن حكومة دمشق سعت إلى أن تقنع العالم بأن انتصار الثورة سيؤدي إلى وصول الإسلاميين المتطرفين إلى الحكم".
واتهم نشطاء من محافظة دير الزور، الذين خرجوا في التظاهرات المعارضة بمجموعات صغيرة لها مآرب خاصة، وبعضهم كان مرتبطًا بالحكومة السورية، وقالوا إن "جبهة النصرة" تمتلك شعبية واسعة في المنطقة الشرقية وهي من الذين كانوا ولا يزالوا يتقدمون العمليات العسكري في محافظات الرقة وديرالزور والحسكة، حيث تمكنت الجبهة بالاشتراك مع كتائب أخرى من تحرير الكثير من المدن والبلدات والقرى من القوات الحكومية.
ونظمت "جبهة النصرة" وكتائب أخرى، في 9 آذار/مارس الجاري، عرضًا عسكريا لشرطة الهيئة الشرعية في المنطقة الشرقية، التي أعلن عن تشكيلها السبت الماضي، حيث نشرت الهيئة بيانًا أعلنت خلاله تشكيل الهيئة الشرعية التي تضم مكاتب وهيئات أخرى لتسيير شؤون المواطنين وملئ الفراغ الأمني الذي تشكل في المنطقة، وضمت الهيئات المشكلة قوة تنفيذية سميت بشرطة الهيئة الشرعية، ومكاتب للإغاثة والدعوة والإرشاد والفتوى والخدمات"، فيما ناشدت الهيئة المواطنين بالتعاون مع مكاتبها وهيئاتها، وذلك لتمكينها من القيام بواجباتها الإغاثية والخدمية والأمنية.
وأعلنت المفوض الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، عن مقتل المسؤول عن البرامج في بعثة الاتحاد في سورية، إثر هجوم صاروخي على مدينة داريا في ريف دمشق وهي المنطقة التي يعيش فيها، حيث قال المتحدث باسم آشتون إن "أحمد شحادة (32 عامًا) سوري، عمل في الاتحاد الأوروبي لمدة 5 أعوام، قُتل الثلاثاء، وهو أول موظف للاتحاد الأوروبي يقتل في الصراع السوري.
وذكرت آشتون أن "شحادة توفي بينما كان يقدم مساعدات إنسانية للسكان في داريا، وعرف عن أحمد شجاعته وإنكاره للذات"، فيما قدمت آشتون ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو تعازيهما إلى أسرة شحادة وأصدقائه، في الوقت الذي جددت المسؤولة الأوروبية، دعوتها إلى الأطراف المتصارعة في سورية إلى إنهاء اتخاذ "خطوات عاجلة لإنهاء العنف الذي أدى إلى مقتل 100 ألف مواطن برئ وأكثر من مليون لاجئ يلتمسون المأوى في بلدان مجاورة".
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غويتريس، الأربعاء، في مؤتمر صحافي انعقد في العاصمة الأردنية عمان، إن "الحل السياسي هو الأفضل بالنسبة لسورية والحلول الأخرى قد تؤدي إلى كارثة"، معربًا عن قلقه حيال التزايد الكبير لأعداد اللاجئين السوريين وبخاصة في الفترة الأخيرة، فيما أفادت مصادر أن عدد اللاجئين السوريين الواصلين إلى الحدود الأردنية بلغ، مساء الثلاثاء، قرابة الـ500 ألف لاجئ.
واتهمت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها، طرفي النزاع في سورية بارتكاب جرائم حرب، ودعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات لضمان تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات الجسيمة مع غرق البلاد فيما وصفته بـ "صراع دموي" بعد مرور عامين على الأزمة، مضيفة أن "البحوث التي أجرتها داخل سورية في الأسبوعين الماضيين، تؤكد أن القوات الحكومية تواصل قصف المدنيين بشكل عشوائي وبالأسلحة المحرمة دوليًا في الكثير من الأحيان، مما أدى إلى تسوية أحياء بأكملها بالأرض، وتعريض المحتجزين لديها للاختفاء القسري أو التعذيب أو الإعدام خارج نطاق القضاء وبشكل روتيني، وأن أحد باحثيها عثر في الأول من آذار/مارس الجاري في مدينة حلب على 9 قنابل عنقودية أسقطتها طائرة في منطقة سكنية مكتظة بالسكان، وأن جماعات المعارضة المسلحة السورية لجأت إلى احتجاز الرهائن وعلى نحو متزايد، وإلى التعذيب وقتل الجنود وعناصر الميليشيات الموالية للحكومة والمدنيين الذين احتجزتهم أو اختطفتهم".
وقالت نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، آن هاريسون، "على الرغم من أن الغالبية العظمى من جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة الأخرى لا تزال تُرتكب من قبل القوات الحكومية، إلا أن بحثنا يشير أيضًا إلى تصعيد في الانتهاكات التي تمارسها جماعات المعارضة المسلحة".
وأوقفت الأمم المتحدة، دوريات قوات حفظ السلام في مرتفعات الجولان، مع تزايد المخاوف من أن تتسبب تبعات الوضع في سورية في انسحاب مزيد من الدول من تلك القوة، حيث أفاد دبلوماسيون، أن "هناك خطرًا من أن تَسحب كل الدول جنودَها من قوة السلام الدولية في الجولان بسبب مخاوف أمنية وحذروا من أنّ حدوث ذلك يعني أن البعثة ستكون في أزمة حقيقية، وأن القوة قامت بوقف دورياتها وأغلقت بعض نقاط المراقبة".
ومن المقرر أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، توصيات جديدة إلى مجلس الأمن حول قوة السلام الدولية في الجولان الأسبوع المقبل، وسيدعو المجلس إلى انعقاد اجتماع خاص مع الدول التي تساهم بجنود في تلك القوة في محاولة لتطمينها، وبخاصة بعدما تسبب خطف 21 فيليبينيًا من أعضاء قوة فض الاشتباك الدولية المنتشرة في الجولان لمراقبة وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل منذ 1974، في تزايد المخاوف الأمنية.