رئيس الجمهورية قيس سعيد

أجمعت أطراف سياسية واجتماعية تونسية على ضرورة تجاوز أزمة التحوير الوزاري الأخير وأداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس التونسي قيس سعيد الرافض لهذه الخطوة الدستورية على خلفية شبهات بالفساد تحوم حول أربعة وزراء مقترحينلكن حل الأزمة الدستورية المستفحلة يختلف من طرف إلى آخر، وفي هذا المجال تتناقض الدعوة التي وجهها نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل (نقابة العمال)، لأربعة وزراء عيّنهم رئيس الحكومة هشام المشيشي كي ينسحبوا من الحكومة بهدف إنهاء الأزمة

السياسية المحتدمة في تونس، مع ما عبّر عنه المكتب التنفيذي لحركة النهضة الذي أعلن دعمه لحكومة المشيشي ودعا إلى استكمال مسار التحوير الوزاري وتمكين 11 وزيراً من مباشرة مهامهم لـ«مواجهة التحديات والمصاعب التي تمر بها البلاد لاستعادة الدورة الاقتصادية ومعالجة الإشكاليات الاجتماعية وكسب المعركة ضد الوباء، وحسن إدارة المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية وكسب ثقة الشركاء الاقتصاديين للبلاد»، وهو ما يوحي بتضارب المواقف واختلاف التقديرات، على الرغم من بحث أكثر من طرف عن مخرج للأزمة.

ويرفض الرئيس التونسي قيس سعيد أداء أربعة وزراء اليمين الدستورية أمامه وهم وزراء الصحة والطاقة والتشغيل والرياضة بدعوى وجود شبهات فساد وتضارب مصالح لديهم، مؤكداً أنه لن يتراجع عن موقفه، وهو ما خلّف أزمة بين المؤسسات الدستورية ما زالت متواصلة منذ أكثر من أسبوع وكانت حركة «النهضة» قد شددت على أهمية احترام مختلف مؤسسات الدولة وتكاملها خدمة لمصلحة تونس، واستهجنت مخططات «إرباك» العمل البرلماني عبر الحملات الدعائية «المغرضة والمضللة» أو عبر ممارسات «التهريج والتشويش التي دأبت على افتعالها أطراف معادية للحرية والديمقراطية»، على حد تعبيرها، في إشارة إلى «الحزب الدستوري الحر» المعارض.

وتلقى مواقف اتحاد الشغل دعماً لا محدودا من أحزاب المعارضة حيث دعا المكتب السياسي لحزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» (يساري) الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح إلى الانسحاب من التعديل الحكومي كخطوة أولى لتجاوز الأزمة السياسية. وحمّل فوزي الشرفي، رئيس حزب «المسار»، المسؤولية كاملة للائتلاف الحاكم ولرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية فيما آل إليه الوضع السياسي من تأزم والوضع الاجتماعي من تردّ، وتراجع للمقدرة الشرائية ومن تعطل لمؤسسات الدولة ومن ارتفاع حالة الاحتقان التي تنذر بانفجار اجتماعي قوي، كما قال.

وفي السياق ذاته، أعلنت مجموعة من أحزاب المعارضة عن تحضيرها لمسيرة ضخمة. ودعت «حركة الشعب» (حزب قومي معارض) إلى المشاركة بكثافة في المسيرة المبرمجة اليوم (السبت) بمناسبة الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد سنة 2013. ويرى مراقبون أن المعارضة قد تستغل حالة الغضب المسيطرة على الشارع التونسي نتيجة مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية بقوة الأمن، لمزيد من التعبير عن الغضب من الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة «النهضة» وفي هذا الشأن، من المنتظر المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين خلال موجة الاحتجاجات الأخيرة، والتمسك بالحق في التظاهر والاحتجاج السلمي، ومحاسبة المتورطين في انتهاك حقوق الإنسان والقتل العمد، وكشف حقيقة الاغتيالات السياسية.

من ناحية أخرى، يلقى موقف الرئيس قيس سعيد الرافض للتحوير الوزاري موجة من النقد الصادر عن عدد من القيادات السياسية ومن أساتذة القانون الدستوري. وفي هذا الشأن، أكد الصادق جبنون المتحدث باسم حزب «قلب تونس» الداعم للحكومة ضمن تحالف برلماني ثلاثي يضم «النهضة» و«ائتلاف الكرامة»، على ضرورة استقبال رئيس الجمهورية الوزراء الجدد الذين منحهم البرلمان التونسي أغلبية أصواته، معتبراً أن الدستور التونسي واضح في فصله 92 فهو يمكّن رئيس الحكومة من التسيير وتعيين وعزل وتغيير الوزراء والوزارات في إطار صلاحياته الدستورية وهو لم يتجاوزها في التحوير الأخير، على حد تعبيره.

وفي السياق ذاته، قال محسن مرزوق، رئيس حركة «مشروع تونس» (معارضة) إن المطلوب اليوم هو نزول رئيس الجمهورية قيس سعيّد من «وضع الزقفونة» حتى يمكن تجاوز الأزمة السياسية الخانقة التي دخلت فيها تونس، في إشارة إلى مواصلة رفض سعيد تنظيم موكب أداء اليمين للوزراء المصادق عليهم من قبل البرلمان التونسي. واعتبر أن الحل اليوم يكمن كذلك في قيام رئيس الحكومة ببادرة وخطوة أولى للخروج من المأزق الحالي، لأن سعيد هو رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب، وهو ما يعني الدعوة لالتقاء رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة) وتجاوز حالة التنافر السياسي.

قد يهمك ايضا :

قيس سعيد يمنح ترقية استثنائية ووسام الجمهورية لشهداء الجيش الوطني

قيس سعيد يزور المستشفى العسكري في العاصمة التونسية