دمشق ـ جورج الشامي
دمشق ـ جورج الشامي
اتهم «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، الأربعاء، نظام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام «غازات سامة» في قصف مدينة داريا جنوب غربي دمشق الإثنين الماضي، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، بالتزامن مع انفجار سيارتين مفخختين في مدينة جرابلس بريف حلب، حيث تدور اشتباكات بين «الدولة الإسلامية
في العراق والشام» وتشكيلات أخرى من مقاتلي المعارضة، مما أسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل، غالبيتهم من مقاتلي كتائب المعارضة.
ولجأت «الدولة الإسلامية» في ردها على المجموعات التي تقاتلها في مناطق واسعة في سوريا، وأبرزها «الجبهة الإسلامية» و«جبهة ثوار سوريا» و«جيش المجاهدين»، إلى عمليات انتحارية عدة، غالبيتها بسيارات مفخخة، تسببت بمقتل العشرات في صفوف الكتائب المعارضة. وأفاد ناشطون أمس بأن تفجيرين وقعا في مدينة جرابلس أمس، بفارق دقائق معدودة. وقال الناشط الميداني نذير الحلبي إن «سيارتين انفجرتا في جرابلس، إحداهما في مدرسة الزراعة والأخرى بالقرب من السجن»، والمقران «هما للثوار»، وفق ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن «ما لا يقل عن 26 شخصا لقوا مصرعهم بينهم ثلاثة مدنيين على الأقل». ورجح أن يكون التفجير «انتحاريا نفذه عنصر من الدولة الإسلامية»، مضيفا أن التفجير «يأتي بعد الخسائر التي منيت بها الدولة الإسلامية في مدينة جرابلس خلال اليومين الماضيين».
من جانبه، أوضح «مركز حلب الإعلامي»، الذي يعتمد على شبكة من الناشطين، أن الانفجار قرب مدرسة الزراعة «وقع بعد لحظات» من الانفجار الأول.
وتشهد المدينة التي كانت خاضعة بالكامل لسيطرة «داعش» معارك منذ مساء الاثنين الماضي، إثر انتهاء المهلة التي حددها عناصر من تشكيلات معارضة لأفراد هذا التنظيم الجهادي للانسحاب من المدينة.
وفي أدلب، قتل أبو البراء البلجيكي، أمير «داعش» في مدينة سراقب، بإطلاق نار عليه في الحي الشمالي من المدينة من مقاتلين معارضين، بعد أيام على توعده باللجوء إلى السيارات المفخخة في حال تواصل المعارك ضد «داعش».
وأفاد المرصد السوري بأن «مقاتلين من الكتائب الإسلامية تسللوا إلى المدينة وتمركزوا في أحد الأبنية، وأطلقوا النار على أبو البراء، وهو بلجيكي من أصل جزائري، خلال تنقله مع مجموعة تابعة له»، مشيرا إلى «مقتل أحد عناصر هذه المجموعة وإصابة آخر».
وتعد سراقب المعقل الأبرز للدولة الإسلامية في أدلب، وتشهد منذ أيام معارك عنيفة، في حين لا يزال مئات العناصر من الدولة الإسلامية متحصنين فيها.
وفي الرقة، وبعد يومين على سيطرتها بشكل كامل على المدينة التي تعد معقلا أساسيا لها، أفرجت «داعش» عن عشرات المقاتلين الذين احتجزتهم خلال الأيام الماضية، وفق المرصد السوري الذي أفاد بتعرض المدينة أمس لقصف جوي نظامي. وشن الطيران الحربي السوري غارتين على المدينة، «استهدفت إحداهما محيط مبنى المحافظة الذي يعد المقر الرئيس للدولة الإسلامية»، بحسب المرصد.
في موازاة ذلك، ربط الائتلاف المعارض في بيان صادر عنه، بين الهجوم بـ«الغازات السامة» على داريا وقرب انعقاد مؤتمر «جنيف2»، مطالبا «المجتمع الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالتحقيق في التقارير التي تفيد بقيام نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد باستخدام الغازات الكيماوية السامة في ذلك الهجوم». ودعا إلى «اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال جرى التحقق من نقض النظام وانتهاكه للاتفاق المتعلق بتسليم أسلحته الكيماوية».
وأفاد المكتب الطبي التابع للمجلس المحلي في داريا بأن الهجوم «حصل بقنابل غازية»، مشيرا إلى «مقتل شخص على الفور، واثنين آخرين في وقت لاحق». وأوضح أن المصابين ظهرت عليهم أعراض «التشنج العصبي والاختناق وانقباض الحدقات (في العينين) وزيادة المفرزات اللعابية»، موضحا أن مستشفى المدينة «لا يملك أدوية نوعية وخصوصا بمعالجة التسمم بالغازات الكيماوية».
وتحاصر القوات النظامية مدينة داريا منذ أكثر من عام، وتدور بشكل منتظم معارك عنيفة على محاورها، مع قصف وغارات شبه يومية عليها في محاولة من القوات النظامية للسيطرة عليها.
واعتبر الائتلاف أن «الحملات الهمجية الأخيرة تمثل الموقف الحقيقي لنظام الأسد من استحقاقات الحل السياسي التي لم يعد يعرف كيف يتنصل منها».
في موازاة ذلك، اتهم عمال إغاثة في سوريا السلطات بتعطيل الإمدادات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة وتهديد القوافل بالطرد إذا حاولت تفادي العقبات البيروقراطية لمساعدة عشرات آلاف المحاصرين جراء الصراع المستمر منذ ثلاثة أعوام. وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) إن دمشق صرحت لقافلة من ست شاحنات بإمداد ستة آلاف شخص بالغذاء وعشرة آلاف شخص بلقاحات شلل الأطفال وبإمدادات طبية لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين حيث توفي 15 شخصا بسبب سوء التغذية كما يحاصر القتال 18 ألفا.
وقال المتحدث باسم «الأونروا» كريس جانيس في بيان إن «السلطات السورية طلبت استخدام المدخل الجنوبي لليرموك، وهذا يعني القيادة 20 كيلومترا عبر منطقة تشهد صراعا مكثفا ومسلحا به وجود قوي ونشط لبعض من أكثر الجماعات الجهادية تطرفا»، لافتا إلى أنه «عندما مرت القافلة من نقطة التفتيش الجنوبية أرسلت القوة الحكومية السورية التي ترافقها جرافة لإزالة حطام من على الطريق وأطلق مجهولون النار عليها».
وتتهم الحكومة السورية مقاتلي المعارضة بالمسؤولية عن إطلاق النار على قوافل الإغاثة. وأشار جانيس إلى أنه «وسط تقارير عن انتشار سوء التغذية على نطاق واسع في اليرموك ووسط تقارير عن وفاة نساء أثناء الإنجاب بسبب نقص الرعاية الصحية ووسط تقارير عن أطفال يأكلون طعام الحيوانات من أجل البقاء على قيد الحياة هذا ما حدث لقافلة الأونروا»، معتبرا أن ذلك «نكسة مخيبة للآمال بشكل كبير بالنسبة لسكان اليرموك الذين يعيشون في ظل أوضاع معيشية صعبة».