رام الله ـ وليد أبوسرحان
وصف محللون سياسيّون، خطة وزير الخارجية الأميركيّ جون كيري الأمنية، التي حملها معه خلال زيارته الحالية إلى المنطقة بانها "شيطانية"، كونها تعطي الإسرائيليين والفلسطينيين مجالاً واسعًا في تفسير بنودها، بحيث يستطيع كل منهما تفسيرها وتسويقها بأنها حققت ما سعوا إليه.
وأكد المحللون، أن خطة كيري بشأن عقدة
السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الحدود الأردنية مع الدولة الفلسطينية المُرتقبة، أعطت إلى إسرائيل دورًا في السيطرة على تلك الحدود، بعيدًا عن المعابر لمدة 30 عامًا، في حين يواصل الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس رفض تلك السيطرة، وربما ذلك الرفض الفلسطيني سيتغير إذا ما كان الدور الإسرائيليّ "من خلف ستار"، أي من خلال مشاركة جيش الاحتلال لقوات حلف "الناتو" وتحت المظلة الدوليّة في مراقبة تلك الحدود والسيطرة عليها، بحجة منع تهريب السلاح من الأردن إلى فلسطين.
وكشفت القناة التلفزيونية الإسرائيلية العاشرة، مساء الخميس، ما ادعته "تفاصيل وخطوط عريضة" لخطة جون كيري، التي طرحها على الأطراف المتفاوضة، حيث وصفت القناة الخطة بـ"الضعيفة والعامة"، التي تحتمل أكثر من تفسير، بما يسمح للطرفين الادّعاء بتحقيق ما سعوا إليه، وتسويقها لدى جمهورهم كنصر وإنجاز كبير، مضيفة "يبدو أن رئيس الوراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو قد فهم وأدرك تمامًا بأن الاتفاق النهائيّ سيتضمن كلمة (حدود 67)، إلى جانب عبارة مع تبادل أراضي متساوية في القيمة، مما يسمح للفلسطينيين الادّعاء بأن التبادل تم على أساس (1-1)، وأنهم حصلوا على مقابل كل متر تنازلوا عنه في الضفة مترًا آخر في منطقة أخرى، ويسمح لنتنياهو الادّعاء بأنه نجح في الاحتفاظ بما يُعادل 90 % من مساحة المستوطنات في الضفة الغربية، أما في ما يتعلق بعاصمة الدولتين، طرح كيري صيغة عامة وفضفاضة تتحدث عن عاصمتين في القدس السيادية، بما يسمح للفلسطينيين أن يُعلنوا بأنهم حصلوا على عاصمتهم في القدس الشرقية، فيما يُمكن لإسرائيل أن تقول إن العاصمة الفلسطينية قائمة بالنسبة لها في أبو ديس شرق القدس.
ورأى المحللون، أنه يمكن رؤية الصيغ الأميركية التي قدمها كيري والجنرال احتياط "جون الن"، والخاصة بمواضيع أخرى بأكثر من طريقة، وفقًا لوجهة من ينظر إليها، مثلاً "يوافق الفلسطينيون بأنه لن يتم إغراق إسرائيل باللاجئين، مقابل عدم وجود إسرائيليّ دائم على حدود الدولة الفلسطينية".
وصرّح نتنياهو، بأن الجيش الإسرائيليّ سيبقى في غور الأردن في أية تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، فيما وعد أن "خط إسرائيل الأمنيّ سيبقى على امتداد الأردن"، مؤكدًا أن إسرائيل ليست مستعدة للتنازل عن التواجد الدائم في الغور، على الرغم من أن وزير العدل تسيبي ليفني، تواجه ضغوطًا للانسحاب منه.
وأعلنت مصادر عبرية، أن وزير الخارجية الأميركيّ، بحث مع نتنياهو، في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي في روما، بشأن مستقبل غور الأردن، مُقترحًا أن تساعد قوات أميركية على المحافظة على الأمن في المنطقة، وفق بلاغات في الإعلام الأميركيّ، بضغط الرئيس باراك أوباما على إسرائيل، بهدف الانسحاب من غور الأردن، باستثناء بعض النقاط الإستراتيجية، ويقترح رقابة من قبل قوات دولية مع الشرطة الفلسطينيّة.
ويرفض الجانب الفلسطينيّ، كل مخطط لا يشمل انسحابًا إسرائيليًا تامًا من غور الأردن، حيث قال الرئيس محمود عباس، "إن المصلحة الإسرائيلية في غور الأردن ليست أمنية، وإنما اقتصاديّة، وأن المدخولات الإسرائيلية من تربية الخيل والتماسيح والدجاج في الغور، تصل إلى 620 مليون دولار سنويًا".
وأفادت مصادر عبرية، أن خطة كيري الأمنية مُقسّمة إلى فترتين، ستستطيع إسرائيل بموجب الاقتراح في المرحلة الأولى، التي هي مرحلة انتقالية، نشر قواتها للحفاظ على الأمن في الغور لسنوات طويلة، وفقًا للتقديرات، يجري الحديث عن ثلاثة عقود على الأقل، والمرحلة الثانية هي الثابتة، ويتم طرح أسئلة لتوفير الرد الأمنيّ المتواصل لإسرائيل والأردن، بشأن حجم القوات الفلسطينية التي ستحافظ على الحدود، طبيعتها والتسلّح الذي ستوفّره لهما الولايات المتحدة، محطات الإنذار التي ستطالب بها إسرائيل، وتأمين الحركة الجوية لإسرائيل في حال تراجعها إلى حدود 1967.
وأكد رئيس الوفد الفلسطينيّ المُفاوض صائب عريقات، أن وزير الخارجية الأميركيّ جون كيري، لم يعرض خلال لقائه الرئيس محمود عباس، مساء الخميس، أي شيء بشكل نهائي، نافيًا ما جاء من تصريحات صحافية على لسان مسؤول فلسطينيّ مفادها 'أن الفلسطينيين رفضوا أفكارًا طرحها وزير الخارجية الأميركيّ، بشأن ترتيبات أمنية في إطار اتفاق سلام مُحتمل في المستقبل مع إسرائيل، وقال "إن هذا غير صحيح على الإطلاق، إن النقاشات واللقاءات بين الجانبين الفلسطينيّ والأميركيّ ستستمر".
وقد أثار انتهاء اجتماع عباس مع كيري، مساء الخميس، في رام الله، من دون عقد مؤتمر صحافي مشترك، على غرار ما فعله نتنياهو وكيري، الكثير من التساؤلات والتخمينات الصحافية، ذهب بعضها حدّ القول بانفجار خلافات حادّة بشأن الترتيبات الأمنية المقترحة لمنطقة الأغوار، فيما اكتفى البعض الآخر بتوصيف الحالة بـ"المتوترة" وعدم امتلاك الطرفين ما يُقال.
وكانت مصادر اسرائيلية قد نقلت عن مسؤول فلسطينيّ قوله، إن الرئيس عباس رفض أفكار كيري الأمنية، لأنها ستؤدي بالنتيجة إلى استمرار الاحتلال، رافضًا إعطاء تفاصيل تتعلق بطبيعة ونوعية تلك الأفكار، وفجّرت عمليًا اللقاء مع كيري، ومنعت عقد مؤتمر صحافيّ مشترك.