رام الله - وليد ابوسرحان
عاد الصراع المتواصل منذ حوالي ثلاث سنوات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادي السابق في الحركة محمد دحلان إلى واجهة الاهتمام الفلسطيني، عقب إطلاق مسلَّحِين مجهولين عشرين رصاصة على سيارة عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، والضاغط نحو ضرورة شروع عباس باجراء مصالحة داخل
صفوف الحركة، الدكتور سفيان أبو زايدة، الأمر الذي يقود إلى عودة المعارضين له إلى صفوف الحركة، فيما طالبت جهات مصرية سياديّة وعُليا عباس، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، بضرورة إنهاء كل الخلافات الجارية بينه وبين دحلان.
وفي ظل اللغط الذي اثاره اطلاق النار على سيارة ابو زايدة، الثلاثاء، وعلاقته بقرب ذلك الرجل المنحدر من قطاع غزة من دحلان كشف مصدر فلسطيني، اليوم الأربعاء، عن ضغوطات يتعرض لها عباس من الجانب المصري لمصالحة دحلان.
ووفق المصدر، فان جهات مصرية سيادية وعليا، طالبت عباس خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، بضرورة إنهاء كل الخلافات الجارية بينه وبين دحلان، مشيرا الى ان الرئيس الفلسطيني كان مُصراً على عدم مصالحة دحلان وتقديمه للمحاكمة، إلا أن الضغوطات المصرية التي مورست عليه أخيراً قد تجعله يعدل عن رأيه ويفكر في المصالحة وإنهاء الخلافات التي تفاقمت بين الطرفين بناءً على اتهامات متبادلة.
وفي حين أعلنت مصادر فلسطينية، اليوم الاربعاء، أن صوت الرصاص الذي دوَّى، صباح الثلاثاء، في رام الله حمل رسالة مفادها بان المصالحة الداخلية لحركة فتح مؤجلة لاشعار اخر، اكَّد المصدر بان مصر تسعى لإيجاد حالة توافق ومصالحة فتحاوية داخلية، تشمل كل الأقطاب المعارضة لسياسية ونهج عباس، ومن ضمنه النائب محمد دحلان الذي يحظى برضا القاهرة، وطالبت عباس بالبدء في إجراء عملية لإنهاء أي خلافات مع دحلان.
وتوقَّع المصدر المقرب من دحلان أن تشهد العاصمة المصرية القاهرة، خلال الأيام القليلة المقبلة، لقاءً يجمع عباس ودحلان، برعاية وإشراف مصري، موضحا بان مصر تسعى لإعادة دحلان من جديد على الساحة الفلسطينية، خاصة وانه من اشدّ المعادين لحركة حماس في قطاع غزة، والتي باتت في حالة عداء مع النظام المصري الجديد.
وحسب ما يُتداول في الكواليس الفتحاوية فإن النظام المصري وخاصة جهاز المخابرات العامة المصرية يدفع بكل قوة لاعادة دحلان للساحة الفلسطينية، بطلب من دولة الامارات العربية التي يقيم فيها حاليًا، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه ابو زايدة وبعض كوادر "فتح" من غزة تشكيل لوبي داخل الحركة للدفع بضرورة انهاء الصراعات داخل "فتح"، وقيام عباس بمصالحة داخلية.
ويُعتبر ابو زايدة من ابرز الاصوات المنادية في داخل الاطر القيادية في حركة "فتح" بضرورة قيام عباس بالمصالحة الداخلية لـ "فتح"، مما يسمح في نهاية الامر بعودة دحلان، الذي يتخذ من الامارات العربية مقرًا له بالعودة للحركة، ومن معه من مناصرين مثل القيادي السابق في الحركة سمير المشهراوي.
وشدَّد ابو زايدة في بيان صحافي، الثلاثاء" على انه لا توجد له اية خلافات شخصية تستوجب استهداف سيارته بالنار، في اشارة الى ان اطلاق النار جاء في اطار تحذيره من مواصلة المطالبة بضرورة قيام عباس بمصالحة داخل "فتح" تقود لعودة دحلان لصفوف الحركة.
وأوضح ابو زايدة "ليس لي خلافات شخصية مع اي شخص بشأن اي قضية خاصة، مما يعني ان ما حدث هو عبارة عن رسالة تحمل مضامين غير شخصية"، لافتاً إلى أن الحادث حصل في وضح النهار والمكان توجد فيه كاميرات، مما يعني ان من اطلق النار على ما يبدو لا يخشى من شيء، مشيرًا الى انها المرة الثانية التي يتم فيها اطلاق نار على قادة في الحركة من ابناء غزة، حيث سبق وان استُهدِفت سيارة عضو المجلس التشريعي ماجد ابو شمالة .
وشدَّد أبو زايدة على أن "الرسالة التي يحملها من اطلق النار او من ارسلهم هو ان لا مكان لكم في رام الله، وفي هذه المناسبة اريد ان اقول لهم اننا نتعامل على ان الوطن واحد، ومن حق كل فلسطيني ان يعيش حيثما يرغب، ورسالتي لهم انه لو اطلق النار في المرات المقبلة على جسدي فلن يغيروا من قناعتي او يجبروني على الرحيل من دون ارادتي"، ومحمِّلاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصيًا المسؤولية، وموضحًا ‘ احمل ابو مازن -عباس-المسؤولية بصفته رئيس السلطة والمسؤول عن الاجهزة الامنية عن ما حدث لي ولزملائي وما سيحدث في المستقبل، واطالبه بالكشف عن مرتكبي هذه الجريمة والجرائم التي سبقتها".
وتعرَّضَت سيارة ابو زايدة، صباح الثلاثاء، الى اطلاق النار من قبل مجهولين عقب ركنه لها في منطقة سطح مرحبا في رام الله.
وأكَّد ابو زايدة أنه ركن سيارته بجانب "تراي فتنس" في سطح مرحبا في رام الله، وبعد دقيقتين من نزوله تعرضت سيارته الى اطلاق نار من قِبل مسلحين يستقلون سيارة من نوع "سوبارو"، كما اكّد شهود عيان.
وشهدت صالونات حركة "فتح" في رام الله تفسيرات عدَّة بشأن إطلاق النار الذي تعرضت له سيارة ابو زايدة أبرزها انه لا مصالحة في حركة "فتح" بزعامة عباس مع تيار القيادي السابق في الحركة محمد دحلان الذي فُصِل منها.
وحسب الصالونات الفتحاوية فان اطلاق النار على سيارة ابو زيدة لم يكن بهدف ايذائه شخصيا، بل للقول له توقف عن مساعيك ودفعك باتجاه حشد الضغوط على القائد العام للحركة الرئيس محمود عباس بضرورة اجراء مصالحة داخلية في الحركة تقود في نهاية الامر لعودة دحلان وبعض كوادر الحركة المفصولين من الحركة.
ويعيش دحلان وبعض مناصريه مثل سمير المشهراوي ورشيد ابوشباك في الإمارات العربية ودول أخرى.
وجاء اطلاق النار على سيارة ابو زايدة في ظل تعالي صوته في الآونة الاخيرة بضرورة قيام عباس بمصالحة داخل الحركة تسمح بعودة دحلان وسمير المشهراوي وبعض الكوادر للحركة، في اطار استعادة وحدتها الداخلية ولملمت شملها.
وحسب ما يدور خلف الكواليس فإن الرصاصات التي أُطلِقت على سيارة أبو زايدة هي اعلان برفض عباس للجهود والمبادرات للمصالحة مع دحلان، سواء الآتية من داخل الحركة او المرسلة من جهات خارجية.
وكانت اللجنة المركزية لحركة "فتح" قررت في يونيو 2011 فصل دحلان من عضويتها، وتحويله إلى النائب العام بتهمة "الفساد المالي وقضايا قتل"، وجاء قرار الفصل بعد تشكيل لجنة من أعضاء اللجنة المركزية للتحقيق مع دحلان في ما يخص قضايا جنائية ومالية منسوبة إليه، إلى جانب إطلاقه سلسلة تصريحات تضمنت هجومًا غير مسبوق ضد الرئيس عباس وأولاده وأعضاء في اللجنة المركزية.