عناصر من الجيش التونسي

كشفت مصادر أَمنيّة لـ"العرب اليوم" أن وزير الداخلية التونسي "لطفي بن جدو" تحوّل بنفسه إلى منطقة جبل "دور إسماعيل" التابعة لمحافظة باجة شمال البلاد؛ للإشراف على العمليات الأمنية التي تهدف إلى ملاحقة مجموعة إرهابية مسلحة، أقدمت على قتل عنصرين من الأمن وإصابة ثالث حالته حرجة، في حين باشرت قوات الجيش مدعومة بسلاح الجو بقصف معاقل يشتبه في إيوائها للمجموعة المسلّحة، بعد أن تم العثور على مخزن للمتفجرات داخل منزل العناصر المتطرفة التي فرّت في اتجاه الجبال القريبة من الحدود الجزائرية.
وفي روايتهم لتفاصيل الواقعة، التي استشهد فيها عنصران من الأمن التونسي بينهما رئيس مركز حرس وطني، ظهر اليوم الخميس، فيما أصيب ثالث خلال مواجهات مسلحة مع عناصر "إرهابية متطرفة" في منطقة "قبلاط" من محافظة باجة (105 كم شمال العاصمة التونسية) _ كشفت مصادر أمنية أن تفاصيل الواقعة تشير إلى تنقُّل رئيس مركز الحرس صحبة اثنين من العناصر، في عملية معاينة وتفتيش عادية لأحد المنازل القريبة من سفح جبل دور إسماعيل، إثر ورود معلومة استخباراتية تفيد بتحصن عناصر متطرفة داخله.
وتابعت المصادر الأمنية، أنه بعد طرق باب المنزل من قبل رئيس مركز الحرس ورجاله المرافقين له، أطلَّ عليهم أحد سكانه ليطلب منهم الانتظار قليلا قبل تفتيش المنزل؛ متعللا بتمكين زوجته المنقّبة من ستر نفسها، إلا أن رجال الأمن فوجئوا بانقضاض مجموعة من المتطرفين عليهم، وجهت لاثنين منهم رصاصات قاتلة من سلاح كلاشينكوف، فيما أصيب الثالث الذي يرقد في المستشفى تحت العناية المركزة بجراح خطيرة وحالته حرجة.
وقد استشهد في العملية رئيس مركز الحرس الملازم "محمود الفرشيشي" وعون الأمن برتبة عريف "كريم حمدي". وعلى إثر مداهمة قوات الأمن لمنزل المجموعة الإرهابية التي يتجاوز عدد أفرادها الـ10 عناصر، تم العثور على مخزن للمتفجرات إلى جانب مؤونة وقطع أسلحة وكميات من الذخيرة الحية وأدوات مخبرية لصنع المتفجرات . وكشفت مصادر مطلعة، أن وحدات الأمن والفرق المختصة في تفكيك الألغام والمتفجرات قد تحولت لتفتيش المنزل الذي كان يأوي المجموعة الإرهابية، مؤكدة أنه لم يتم الاقتراب من جثث ضابطي الحرس المستشهدين لرفعها، خشية أن يكون الإرهابيون قد عمدوا إلى تفخيخها بالمتفجرات أو نصب ألغام تحتها .
من جانبها، بدأت وحدات الجيش التونسي، مساء اليوم الخميس، شنّ قصف بالمدفعيات الثقيلة وبسلاح الجو على جبال دور إسماعيل التي احتمى المسلحون داخلها، بعد أن قتلوا ضابطي الأمن.
وتُحاصر التعزيزات الأمنية وقوات الجيش الوطني التونسي المنطقة بكثافة، حيث تم تطويق الجبل بالكامل بالتوازي مع قصف المروحيات العسكرية.
وتأتي هذه العملية عقب ساعت قليلة من تنفيذ مجموعة أخرى متطرفة، هجومين مسلحين على مركزي أمن حدوديين، في ساعة متأخرة من ليل أمس الأربعاء، بين منطقتي الخروبة والطويرف الحدوديتين.
وأفاد مصدر أمني أن 10 مسلحين أطلقوا النار على مركز"الملة" الحدودي مع الجزائر، التابع لمدينة غار الدماء في محافظة جندوبة‘ كما داهم عدد آخر من المسلحين المركز الحدودي "فج حسين" التابع لغار الدماء وتبادلوا إطلاق النار مع العناصر الأمنية.
ويخشى مراقبون انهيار الدولة وأجهزتها الأمنية بسبب كثافة العمليات الإرهابية التي باتت على أكثر من واجهة، وفي أكثر من منطقة، خصوصًا أن الجيش التونسي لم يتعود على مثل هذه العمليات، إلا أن ثورة 14 من يناير 2011، وما أعقبها من فوضى وانفلات أمني، قد سمحت للعناصر المتطرفة بالولوج إلى البلاد والاستهانة بالدولة والتفكير في الإطاحة بها.
وكان قائد أركان الجيوش التونسية المستقيل الفريق أول رشيد عمار قد أعلن أن جيش بلاده منهك القوى، وعليه العودة إلى الثكنات لاستعادة عافيته، داعيا وزارة الداخلية إلى معاضدة جهود وزارة الدفاع، كما أكد أن توغّل الإرهاب في بلاده يكشف ضعف جهاز الاستخبارات الذي لم يتفطن لمخططات المتطرفين إلا بعد أن استوطنت البلاد.
وتحارب الحكومة التونسية منذ نهاية العام 2012 مجموعة "إرهابية" مسلحة تطلق على نفسها اسم "كتيبة عقبة بن نافع"، أكدت وزارة الداخلية صلتها بما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، مشدّدة على أن جميع التنظيمات المسلحة التي هاجمت مقرات أمنية تونسية وتورطت في أحداث إرهابية في تونس وخصوصًا مجموعة جبل الشعانبي، مرتبطة بـ"كتيبة عقبة بن نافع" وبتنظيم "أنصار الشريعة" الجهادي، الذي صنفته الحكومة كحركة إرهابية، وقررت حظر الانتماء إليه بعد أن حملته مسؤولية الاغتيالات التي طالت المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، واستهدفت 8 عسكريين قضوا ذبحًا ورميًا بالرصاص في كمين إرهابي، قرب الحدود الجزائرية نهاية يوليو_تموز الماضي.