تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعمه للإنتقال الديمقراطي في تونس واستعداد الولايات المتحدة لإنجاح الثورة التونسية وجعلها نموذجا تاريخيا في المنطقة، جاء ذلك خلال لقاء جمعه بالرئيس التونسي الدكتور المنصف المرزوقي الذي يشارك في أشغال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. كما التقى المرزوقي رئيس الحكومة الليبية علي زيدان الذي دعاه إلى رفع درجات التنسيق الأمني والإستخباراتي بين البلدين لمقاومة تهريب السلاح، مشدّدا على أن "أمن تونس من أمن ليبيا"، في حين أكد المرزوقي أن "الحرب على الإرهاب أكبر خطر يهدد المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء".
وفي لقائهم الأول منذ نجاح الثورة التونسية ووصول الرئيس المنصف المرزوقي إلى قصر قرطاج عقب أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد إثر سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، اجتمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره التونسي، خلال افتتاح الاجتماع رفيع المستوى حول مبادرة الولايات المتحدة الامريكية لدعم المجتمع المدني في العالم.
وأكّد الرئيس الامريكي باراك أوباما دعمه لمسار الانتقال الديمقراطي في تونس وللجهود التي يبذلها الشعب التونسي لإنجاح ثورته وتتويجها بإرساء مؤسسات ديمقراطية ترقى إلى مستوى الانجاز التاريخي الذي قام به، لافتا إلى أنه "يتابع عن كثب الجهود التي يبذلها الرئيس المرزوقي لتجاوز الصعوبات التي يمر بها التحوّل الديمقراطي في البلاد وحرصه على تحقيق توافق يجمع كافة الأطراف السياسية".
كما أعرب أوباما عن "استعداد الولايات المتحدة غير المشروط لتقديم كل أشكال الدعم لتونس للإسراع بإنهاء مسارها الانتقالي ليكون أنموذجا في المنطقة"، كما تناول اللقاء للعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها لترتقي إلى مستوى شراكة تعكس عراقة الروابط التونسية الأمريكية.
وفي مستهل افتتاحه لإجتماع رفيع المستوى حول المبادرة الأمريكية لدعم المجتمع المدني في العالم، أشاد باراك أوباما بجهود تونس والمكسيك ومنغوليا وتنزانيا في دعم جمعيات المجتمع المدني وترسيخ دورها في الارتقاء بأداء مجتمعاتها، فضلا عما قامت به في مجالات تكريس ثقافة حقوق الإنسان والصحة والتربية.
ومثّلت زيارة الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي إلى نيويورك، فرصة للقاء رئيس الحكومة الليبية علي زيدان الذي يشارك بدوره في فعاليات الدورة 68 للدورة العادية للأمم المتحدة ، حيث اعتبر زيدان أن "الملف الأمني أكبر عائق يواجه بلاده في المرحلة الراهنة لدوره في تعطيل عمليات البناء التي تتم في البلاد على جميع الأصعدة"، داعيا إلى "ضرورة الارتقاء بالتنسيق الثنائي بين تونس وليبيا في مجال ضبط الحدود المشتركة للتصدي لظاهرة تهريب الأسلحة علاوة عن دفع التعاون في المجال الاستخباراتي لدوره في الوقاية من أي خطر محتمل".
كما أشاد رئيس الحكومة الليبية بقرار الرئيس التونسي والقائد الأعلى للقوات المسلحة، القاضي بإعلان المنطقة الصحراوية من حدود تونس المشتركة جنوبا مع ليبيا والجزائر منطقة عسكرية عازلة ، واصفا القرار بـ"الصائب" الذي من شأنه تعزيز جهود البلدين في التصدي لظاهرة تهريب الأسلحة.
وشدّد زيدان على مدى ارتباط استقرار البلدين ومصيرهم المشترك قائلا في هذا الصدد" إن أمن تونس من أمن ليبيا وأمن ليبيا من أمن تونس ..ولن نسمح لأي كان أن يقوض أمن الشعبين الشقيقين"، لافتا إلى أن ترابط مصالح البلدين يستدعي مزيد تعزيز الشراكة التجارية وتدعيم أمنهما الاقتصادي ، داعيا إلى العمل على الرفع من مستوى التعاون بين مكونات المجتمع المدني ليساهم كل من جهته في إنجاح المسار الانتقالي في تونس وليبيا.
من جانبه، أكد الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، على عمق الروابط التي تجمع تونس وليبيا وشعبيهما وترابط مصيرهما المشترك ، داعيا إلى "ضرورة رفع سقف التعاون التونسي - الليبي في مختلف المجالات وخاصة في المجالين الأمني وحماية الحدود من خطر الارهاب وتهريب الأسلحة وما يستدعيه ذلك من دعم التنسيق المشترك في هذا المجال"، معتبرا ان "الحرب على الإرهاب أكبر خطر يهدد المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل والصحراءط.
كما شدّد الرئيس المرزوقي على "ضرورة الارتقاء بالتعاون التجاري والاقتصادي الثنائي إلى مستويات أرفع بما يجسم عمق العلاقات التونسية الليبية وتشابكها"، معربا عن "استعداد تونس حكومة وشعبا لمساعدة ليبيا على إنجاح مسارها الانتقالي".
وفي سياق متصل، ألقى الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي محاضرة حول المسار الدستوري في تونس، خلال تظاهرة نظمتها مؤسسة "غوغول أيديز" بمناسبة بعثها لمركز تابع لها مختص في مجال، وذلك على هامش فعاليات الدورة 68 لأشغال الجمعية العمومية للأمم المتحدة المقامة حاليا في نيويورك إلى غاية 28 أيلول_سبتمبر الجاري.
وشدّد المرزوقي على أن المسار الانتقالي الذي تعيشه تونس منذ ثورة 14 يناير 2011، سيتوج بسن دستور جديد يكون دعامة لديمقراطية حقيقة في البلاد ولتعدديّة تمثيلية داخل المجلس النيابي تعكسان تنوع الأفكار والتوجهات داخل المجتمع، مبرزا الحرص الجماعي لدى مختلف الأطياف السياسية ليكون الدستور الجديد توافقيا، يكرس مبدا تجذير مدنية الدولة بالتوازي مع تأّصل الشعب التونسي في حضارته العربية والإسلامية.