الدمار داخل جامع الايمان في دمشق
دمشق ـ جورج الشامي
قُتل 181 سورية الخميس، فيما شنّ الطيران الحربي السوري، غارات جوية على الرقة، في الوقت الذي تصدت له قوات الجيش الحر "المعارض" بالمضادات الأرضية، بينما نقل الإعلام الرسمي السوري خبر مقتل الداعية محمد سعيد رمضان البوطي في تفجير في جامع الإيمان في منطقة المزرعة وسط دمشق
وقتل أكثر من 15 سوريًا في التفجير، فيما اتهم الخطيب دمشق بالجريمة، وطالب الرئيس الأميركي الأسد بالتنحي، تزامنًا مع تحذير موسكو من تكرار السيناريو الليبي في سورية، في حين رفضت الحكومة السورية، إجراء تحقيق دولي بشأن استخدام السلاح الكيميائي في منطقة ريف دمشق، وذلك بعد يوم واحد من طلب الأمم المتحدة إجراء هذا التحقيق، وسط أنباء عن تزويد بريطانيا، المعارضة السورية، بالمئات من أدوات الكشف عن الأسلحة الكيميائية والوقاية منها.
ووثقت لجان التنسيق 181 قتيلاً بينهم 10 سيدات وسبعة أطفال وأربعة قتلوا تحت التعذيب، و90 في دمشق وريفها بينهم 42 في حي المزرعة، و35 في حمص، و15في حلب، و13 في ادلب، و12 في حماه، و11 في درعا، اثنين في الحسكة، اثنين في الرقة، وواحد في دير الزور.
كما وثقت اللجان 362 نقطة قصف في مختلف المدن والبلدات السورية، قصف الطيران سجل من خلال 29 نقطة في مختلف أنحاء سورية، قصف بصواريخ سكود، في أربع نقاط، والقصف بصواريخ أرض - أرض في خمس نقاط، والقصف بالبراميل المتفجرة في عشر، والقصف بالقنابل العنقودية في ست نقاط، والقصف بقذائف المدفعية في 115 نقطة، أما قصف الهاون فقد سجل في 117 نقطة، والقصف الصاروخي في 80 نقطة.
فيما تصدى الجيش الحر بالمضادات الأرضية، وققصف ثكنات القوات الحكومية في المنطقة الغربية في درعا بالصواريخ، ردًا على القصف المروحي على تلك المناطق، وحرر نادي الضباط ومركز البحوث العلمية وسط اشتباكات عنيفة في جلين في ريف درعا، وفي الناصرية تمكن من السيطرة على كتيبة المدفعية في البلدة الواقعة غرب مدينة نوى، واغتنام ما فيها من سلاح وأسر عدد من الجنود، في حين شهدت سحم في الجولان اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية على حاجز العلان غرب المدينة، وفي حلب تعرضت بلدة حريتنا إلى قصف عنيف من الطيران الحربي، مما أدى لتهدم عدد كبير من المنازل، وارتقاء قتلة وسقوط عدد كبير من الجرحى بينهم نساء وأطفال، أما في دمشق، فشهد مخيم اليرموك اشتباكات عنيفة بالقرب من مبنى البلدية، فيما استهدف الجيش الحر تجمعًا للقوات الحكومية في منطقة زين العابدين في المهاجرين.
وقال التلفزيون الرسمي إن وفاة البوطي جاءت بعد تفجير انتحاري في الجامع المذكور.
وعُرف البوطي بمواقفه المؤيدة تمامًا للحكومة، ومعارضته الشديدة للثورة، وإلصاق شتى التهم والأوصاف الرديئة بالثوار ومناصريهم. واتهم ناشطون معارضون الحكومة بقصف المسجد، وإيقاع عدد كبير من الضحايا.
ودان رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب "اغتيال البوطي الذي قتل في تفجير استهدف مسجدًا في شمال دمشق"، واصفًا الاعتداء بأنه "جريمة بكل المقاييس". وقال الخطيب لوكالة فرانس برس "نحن ندين بشكل كامل قتل العلامة سعيد رمضان البوطي ونقول إن "ديننا وأخلاقنا لا تسمح أبدًا أن نتعامل مع الاختلاف الفكري بطريقة القتل"، مؤكدًا أن "هذه جريمة بكل المقاييس وهي مرفوضة تمامًا"، مرجحًا "وقوف نظام الرئيس بشار الأسد وراءها".
إلى ذلك، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى "رحيل الرئيس السوري بشار الأسد"، محذرًا من "استخدام أسلحة كيميائية ضد الشعب السوري أو نقلها إلى مجموعات إرهابية". وقال أوباما في خطاب أمام مئات الشباب الإسرائيليين في القدس إن "على الأسد أن يرحل لكي يكون بإمكان مستقبل سورية أن يبدأ".
واعتبر الرئيس السوري بشار الأسد، في تصريحات أدلى بها خلال مشاركته في تكريم أهالي تلاميذ قُتلوا في النزاع، في احتفال أقيم في مركز تربوي في شرق دمشق، أن "النزاع المستمر في البلاد منذ عامين، هو معركة إرادة وصمود"، وأن سورية اليوم كلها جريحة، ولا يوجد فيها أحد لم يخسر أحد أقربائه، ولكن كل هذا لا يعادل خسارة الابن"، لافتًا إلى أن "كل الذي يحدث بنا، لا يمكن أن يجعلنا ضعفاء، والمعركة هي معركة إرادة وصمود"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا".
وكشفت صحيفة "ديلي تليغراف" الربيطانية، أن "لندن ستشحن جوًا، المئات من أدوات الكشف عن الأسلحة الكيميائية والوقاية منها، إلى المعارضة السورية، كجزء من أول شحنة من المعدات غير الفتاكة، منذ تخفيف الاتحاد الأوروبي الحظر الذي يفرضه على الأسلحة إلى سورية"، مضيفة أن "مصادر في الحكومة البريطانية أكدت أن المعدات من شأنها أن تسمح للمعارضة بالكشف عن الأسلحة الكيميائية، وتحديدها في المعركة ضد القوات الحكومية، وسيتم إرسالها إلى سورية من مخازن وزارة الدفاع البريطانية، وأن شحنة الكشف عن الأسلحة الكيميائية يجري تجميعها، في وقت كثّف فيه كبار السياسيين في الولايات المتحدة، الضغوط على الرئيس باراك أوباما للتدخل في سورية، أن المسؤولين البريطانيين يعتبرون أدوات الكشف عن الأسلحة الكيميائية والوقاية منها، ومن بينها معدات مراقبة الجو وأجهزة تحليل وملابس الوقاية، حاجة رئيسة لمقاتلي المعارضة المسلحة السورية، إلى جانب الدروع الواقية من الرصاص والعربات المصفحة".
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول بريطاني، مشارك في التخطيط لعمليات نقل هذه الأدوات إلى سورية، قوله "إن وسائل الحماية في مخازن وزارة الدفاع البريطانية، ستكون فعالة جدًا للمقاتلين المشاركين في القتال ضد الجيش السوري على أرض الواقع، ونستبعد احتمال أن تلجأ السلطات السورية لاستخدام الأسلحة الكيميائية، حين يصبح نشر هذه المعدات معروفًا، ولكن في حال استعمل هذه الأسلحة، فإن هذه المعدات ستسمح للمعارضة بالكشف عنها بدقة وسيقوم العالم بالرد".
ورفضت الحكومة السورية، إجراء تحقيق دولي بشأن السلاح الكيميائي في منطقتين، وذلك بعد يوم واحد من طلب الأمم المتحدة بإجراء هذا التحقيق، حيث جاء الرفض السوري، نتيجة طلب فرنسا وبريطانيا أن يشمل التحقيق منطقتين في ريفي حلب ودمشق، فيما تريد دمشق أن يكون التحقيق في ريف حلب فقط، وذلك بعدما تبادلت الحكومة والمعارضة الاتهام، بشأن استخدام السلاح الكيميائي، قبل أن تطلبا من الأمم المتحدة بإجراء تحقيق دولي بشأن الحادثة.
واعتبر المندوب الروسي الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف، أن "تكرار السيناريو الليبي في سورية سيكون خطأ إستراتيجيًا كبيرًا"، فيما أعلن جنرال أميركي، الأربعاء، عن استعداد حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لاتباع خطوات في سورية كتلك التي نفذها في ليبيا.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن تشيجوف، قوله "إذا كان القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، الأدميرال جيمس ستافريديس، جزءًا من الضغط السياسي، فهذا لن يكون مفيدًا، وإنه في حال كانت التصريحات جدية، فالأمر أسوأ بكثير، وأن تكرار السيناريو الليبي في سورية سيكون خطأ استراتيجيًا كبيرًا"، معتبرًا أن "تطبيق مبادرة فرنسا وبريطانيا بشأن رفع الحظر الأوروبي المفروض على توريد السلاح إلى سورية، لهدف تسليح المعارضة السورية، سيكون خطأ أيضًا".
وقال الأدميرال ستافريديس، في كلمة أمام مجلس الشيوخ الأميركي، "إن (الناتو) جاهز لاتباع الخطوات التي خطاها في ليبيا حيال سورية، وأن تدخل الحلف يجب أن يسبقه قرار من مجلس الأمن الدولي، واتفاق إقليمي وتوافق بين الدول الأعضاء الـ28 في الحلف".
وأكد مصدر عسكري روسي، لوكالة "إنترفاكس" الروسية، أن "السفن التابعة لسلاح البحرية الروسية، ستجري عمليات التزوّد بالوقود والتموين من الآن فصاعد في ميناء بيروت، بدلاً من طرطوس، نظرًا لتصاعد النزاع المسلح في سورية، وأن تصاعد حدة النزاع في سورية سيجبر السفن الروسية على الرسو في ميناء بيروت، بدلاً من طرطوس للتزوّد بالوقود والمؤن، وأن روسيا أجبرت على البحث عن موانئ أكثر أمانًا لزيارات عمل، وحددت ميناء بيروت كواحد منها، وأن مجموعة سفن روسية قامت بزيارة عمل إلى بيروت أخيرًا، وأعجب بحّارتنا بطريقة السلطات المحلية في خدمة سفننا"، مشددًا على أن "مسألة التخلي عن نقطة الدعم الفني المادي في طرطوس، والبحث عن نقاط أخرى في البحر الأبيض المتوسط غير مطروحة، وأن مرفأ طرطوس لا يزال النقطة الرسمية الوحيدة لمرابطة السفن الروسية، وعندما تصبح الأحداث في سورية أكثر قابلية للتنبؤ بها، سنحسم موقفنا من الاستمرار في استخدامه".