لوجو موقع تونس اليوم

توالت ردود الفعل الدولية على أحداث الـ 25 من يوليو/ تموز التي شهدتها تونس، إثر إقالة رئيس الجمهورية قيس سعيد لرئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان وإمساكه بزمام السلطة التنفيذية.وانقسمت المواقف الدولية بين مؤيد ومعارض ومتحفظ وسط إجماع على دعم الاستقرار في تونس.ودعا الاتحاد الأوروبي، على لسان المتحدثة باسم سياسته الخارجية جوزيب بوريل، إلى استئناف النشاط البرلماني التونسي في أسرع وقت والحفاظ على استقرار المؤسسات واحترام الحقوق وتجنب الانزلاق إلى العنف حفاظا على استقرار البلاد.وحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الرئيس التونسي قيس سعيد على التمسك بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وفتح باب الحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين. ودعت خارجية فرنسا القيادة التونسية إلى التسريع في تعيين رئيس حكومة وتشكيل فريق حكومي قادر على تلبية تطلعات الشعب التونسي، بينما اعتبرت ألمانيا أن ما يحدث في تونس ليس انقلابا، مشددة على ضرورة الحفاظ على القانون الدستوري وتنفيذه، فيما دعت الخارجية الروسية إلى حل التناقضات الداخلية في تونس في إطار القانون.

وإقليميا، أكدت قطر أنها تدعم تغليب صوت الحكمة وإعلاء مصلحة التونسيين، داعية الأطراف السياسية في تونس إلى تجنب التصعيد، بينما أكدت الخارجية السعودية "حرصها على أمن واستقرار وازدهار الجمهورية التونسية ودعم كل ما من شأنه تحقيق ذلك". وفي ليبيا، وصف رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري قرارات الرئيس التونسي بـ "الانقلاب على الأجسام المنتخبة وتعطيل المسارات الديمقراطية، مشبها قيس سعيد بخليفة حفتر".

ترحيب دولي
وفي قراءة لهذه المواقف، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي باسل الترجمان، إن قرارات الرئيس حظيت في المطلق بنوع من الإجماع الدولي رغم بعض المخاوف المشروعة من دخول البلاد في مربع الفوضى.

وأضاف أن معظم الدول لم توصف ما حدث في تونس بالانقلاب ولم توجه اتهامات إلى الرئيس التونسي بالسطو على الدستور، باستثناء بعض الأطراف الدولية التي عرفت بدعمها للإخوان المسلمين على غرار تركيا وشق من السلطة الليبية ممثلا في رئيس مجلس الدولة خالد المشري.واعتبر الترجمان أن مواقف الدول استندت في المجمل على متابعتها إلى ما وصلت إليه البلاد من هشاشة اقتصادية واجتماعية وصحية وخاصة مرحلة التردي السياسي التي بلغتها تونس جراء فشل المنظومة السياسية وعجزها عن تحقيق التداول السلمي على السلطة واحترام المؤسسات.

ويرى الترجمان أن المواقف الخارجية لا يمكن أن تؤثر على مجريات الأحداث في تونس، قائلا إن العملية الديمقراطية تعني التونسيين بالأساس الذين ضحوا من أجل الوصول إلى تحقيقها. وتابع: "عندما تصبح الديمقراطية علة تستغلها أطراف سياسية للتغطية على الفساد ورعاية لوبيات التهرب الضريبي والمالي،  فإنه يتوجب حينها تصحيح المسار".وفي، قال الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي إن كل الدول التي ليس لديها ارتباطات مع بعض الجهات السياسية في تونس اتخذت مواقف رصينة واحترمت سيادة تونس.وتابع: "إن كل الدول المتعاملة مع تونس تريد أن تقيم مدى إمساك الجهة التي يتعاملون معها ممثلة في رئيس الجمهورية قيس سعيد بزمام الأمور في بلاده، وتترقب مسار التعامل مع الملفات المشتركة من أمن ومقاومة للإرهاب والجريمة العابرة للقارات والهجرة غير النظامية والتجارة والاقتصاد".وبيّن أن هذه المسائل هي التي تحدد مواقف الدول مما يحدث في تونس وليست المسائل الحقوقية التي تعلنها الأطراف الخارجية في بياناتها الرسمية استجابة لتطلعات الرأي العام.

دعم دولي مشروط
بدوره، اعتبر الدبلوماسي السابق جلال الأخضر، في" أن مواقف معظم الدول على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا اتسمت بالليونة والرصانة وتجنبت توصيف ما حدث يوم 25 يوليو بالانقلاب.

وقال الأخضر إن هذه الدول تعي جيّدا أن استعمال عبارة الانقلاب سيكون له تداعيات خطيرة على تونس على غرار إيقاف مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وتعليق عضويتها في الاتحاد الأفريقي ومنظمة الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية الأخرى وقد تترتب عنها عقوبات.
وأضاف: "جميع الدول الشقيقة والصديقة راعت الظروف التي تمر بها تونس واتخذت مواقف وسطية وتركت المجال لرئيس الجمهورية لإنقاذ الوضع خاصة مع تعهد الأخير بالحفاظ على الحريات واحترام الدستور والخروج بحلول في ظرف شهر".

ويرى الأخضر أن هذا الدعم لن يكون ثابتا وأن دوامه مشروط بتطور مجريات الأحداث في تونس وبمدى التزام رئيس الجمهورية بدعم الانتقال الديمقراطي وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وعدم جر البلاد إلى مربع الفوضى. 

ضغط دولي نحو إعادة البرلمان 
من جانبه أوضح المحلل السياسي غازي معلا في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن عدم تصنيف المجتمع الدولي لما يحدث في تونس بالانقلاب هو خطوة إيجابية، لأن عواقب هذا التوصيف ستكون وخيمة جدا على تونس وعلى المنطقة وعلى مسار الربيع العربي.

وأشار معلا إلى وجود ضغط دولي خاصة من الجانب الأوروبي والأمريكي من أجل إيجاد تسوية في تونس وعدم الذهاب إلى التصعيد سواء على مستوى الشارع أو القرار السياسي والحفاظ على مؤسسات الدولة في إشارة إلى البرلمان.

وقال غازي معلا: المجتمع الدولي رفع ورقة تحذيرية في وجه رئيس الجمهورية مفادها أن حل البرلمان نهائيا خط أحمر، وأن الرئيس لن يجد دعما دوليا في الذهاب أبعد من القرارات التي اتخذها أو تكرار السيناريو المصري.
ويرى معلا أن الرئيس التونسي قيس سعيد سيواجه مأزقا حقيقيا في ظل وجود ضغط الأطراف الدولية التي تحثه على احترام مؤسسات الدولة من جهة وتصاعد المطالب الشعبية بحل البرلمان من جهة أخرى.وقال معلا إن تمسك المجتمع الدولي بإعادة البرلمان تفسره أسباب موضوعية، وهي أن تونس تعيش أزمة اقتصادية حادة جدا وتحتاج إلى ما يزيد عن 18 مليا دينار لتعبئة موارد الميزانية.وتابع: "ليس هناك مؤسسة دولية أو بنك أو دولة تمنح قرضا دون مصادقة البرلمان عليه، وبالتالي غياب البرلمان يعني غياب القروض والمساعدات الدولية، وغياب الاعتمادات الخارجية خلال الأشهر القادمة سيزيد من الأزمة المالية ومن الاحتقان المجتمعي في تونس وقد تعود البلاد إلى مربع الصفر". يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد كلف وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي بالاتصال بممثلي عدد من الدول لإطلاعهم على تطور الأوضاع في تونس على ضوء القرارات الرئاسية الأخيرة التي "تهدف إلى التنظيم المؤقت للسلط إلى حين زوال الخطر الداهم على الدولة التونسية"، وفقا لبلاغ صادر عن الخارجية التونسية.

قد يهمك ايضا 

مفاوضات تونس مع صندوق النقد وراء تأخير سن قانون مالية تكميلي

الرئيس التونسي قيس سعيّد يؤكد أن ما حصل في البرلمان وقع التدبير له منذ 3 أيام