تونس- تونس اليوم
مع مضي أكثر من أسبوع على القرارات الاستثنائية التي أعلن عنها الرئيس التونسي، قيس سعيد، تصاعدت الدعوات الحزبية والشعبية للكشف عن "خريطة الطريق"، التي ستنقذ البلاد من أزمتها المتشعبة، وتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن.ويبرر التونسيون هذا التعجل بضبابية المشهد السياسي بعد تجميد عمل البرلمان وإنهاء مهام الحكومة وشغور الوزارات، إضافة إلى تفاقم المشاكل المالية التي تستوجب وجود حكومة قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة لكبح جائحة كورونا وتحقيق السلم الاجتماعي وإنقاذ الاقتصاد المتهاوي خاصة في ظل وجود مفاوضات معلقة مع صندوق النقد الدولي.وترافق هذه المطالب الداخلية، دعوات خارجية لإنهاء حالة الضبابية التي تعيشها تونس وضمان العودة السريعة إلى السير الطبيعي لمؤسسات الدولة وتحقيق الاستقرار.وحتى اليوم، لم يكشف الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يقود لقاءات متتالية مع القوى الوطنية الفاعلة في تونس خطته المرتقبة وتصوراته للمرحلة المقبلة وما إذا كان سيعيد عمل البرلمان أو سيدعو لانتخابات مبكرة أو سيطبق وعده الانتخابي بتعديل الدستور وتغيير النظام الانتخابي واعتماد نظام الديمقراطية المباشرة (النظام المجالسي).
خريطة طريق نقابية
ووعد الاتحاد العام التونسي للشغل بتقديم خريطة طريق لرئيس الجمهورية في الأيام القليلة المقبلة تتضمن أولويات المرحلة والإصلاحات الممكنة على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي.وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد محمد علي البوغديري لـ "سبوتنيك" أن هذه الخريطة، التي أعدها أساتذة جامعيون وخبراء من مختلف الاختصاصات، أصبحت جاهزة وستعرض، غدا الثلاثاء، على الهيئة الوطنية الإدارية للمنظمة النقابية للتداول حولها ومن ثم إرسالها إلى رئيس الجمهورية.وقال البوغديري إن "هذه الخريطة ارتكزت على تقييم دقيق للواقع المتردي الذي وصلت إليه البلاد وبناء على القرارات الأخيرة التي اتخذها رئيس الجمهورية والتي وصفها بـ"الشجاعة والسليمة دستوريا".وبين الأمين العام المساعد للاتحاد التونسي للشغل أن هذه المبادرة التي ستعرض على الرئيس تتضمن تصورات وخطوات عملية لتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد على جميع الأصعدة.
وعلى الصعيد السياسي أكد البوغديري أن خريطة الطريق تقترح تغيير النظام السياسي المعتمد من برلماني معدل إلى رئاسي مراقب، قائلا "إن النظام الحالي والذي يعطي صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية ويفصل بين السلطات الثلاث أثبت فشله الذريع".
انتخابات مبكرة
وعن علاقة ذلك بنشاط البرلمان، أشار المسؤول النقابي إلى أن هذه النقطة ترجع بالنظر إلى رئيس الجمهورية وحده الذي سيتخذ التدابير التي يراها صالحة لحماية تونس والمصلحة العامة.
وفي المقابل، قال البوغديري إن اتحاد الشغل سيدعم مقترح الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، مشيرا إلى أن المنظمة النقابية دعت منذ مدة إلى إعادة الأمانة إلى أصحابها خاصة بعد ارتفاع حدة التجاذبات السياسية وتواصل الصراع بين السلطات الثلاث وتغليب المصلحة الحزبية على المصلحة العامة.أما من الناحية الاقتصادية، فيقول البوغديري إن الاتحاد التونسي للشغل سيطرح مسألة تغيير منوال التنمية الذي تم اتباعه بعد الثورة، الذي أنتج الفشل من جديد وساهم في مزيد تردي الوضع وارتفاع نسب الفقر والبطالة والأمية.
وفي الجانب الاجتماعي، قال النقابي إن خريطة الطريق تضمنت خطة إصلاحات شاملة تهدف بالأساس إلى إنقاذ المقدرة الشرائية المتهاونة وتخفيف العبء على الطبقة الفقيرة والمتوسطة.
وأشار البوغديري إلى وجود تقارب في وجهات النظر بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الجمهورية اللذان توحدهما رغبة مشتركة في تغيير الواقع العام وإنهاء حالة التعفن السياسي في البلاد والتدهور الاجتماعي والاقتصادي.
وأضاف أن المنظمة النقابية ستدعم خيارات رئيس الجمهورية طالما أنه وعد بتقديم ضمانات كافية لاحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الانسان والإسراع بالعودة إلى المسار الطبيعي للمؤسسات، قائلا إن الاتحاد يثق في أن الرئيس سيقود البلاد في الاتجاه الصحيح.
تحديد سقف زمني للوضع الاستثنائي
وطالب القيادي والنائب عن حزب التيار الديمقراطي لسعد الحجلاوي، رئيس الجمهورية بتحديد سقف زمني للإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها عشية 25 يوليو/ تموز، خاصة أنه لوح بتمديد مدة الشهر التي حددها كأجل لإنهاء هذه التدابير. وقال الحجلاوي" إنه "بات من الملح والضروري الآن تحديد خريطة طريق واضحة للعموم وتشكيل حكومة جديدة قادرة على قيادة المرحلة وإنهاء حالة الشلل التي تعيشها بعض الوزارات والمؤسسات العمومية".
واعتبر الحجلاوي أن تأخر رئيس الجمهورية في إعلان الخطوات القادمة واتخاذ الإجراءات المناسبة قد يؤزم الوضع الأكثر، خاصة وأن العديد من الوزارات تدار بالنيابة وأخرى بقيت شاغرة. ويفسر النائب تأخر الرئيس في تشكيل حكومة جديدة وتكليف رئيس لها بانتفاء إمكانية الخطأ لديه، قائلا: "إن الوضع الاستثنائي والخطر الداهم الذي استعمل بمقتضاه الرئيس الفصل 80 من الدستور يستوجب اختيار رئيس حكومة استثنائي له خبرة اقتصادية واجتماعية وفريق حكومي قادرا على التخطيط وتنفيذ الإصلاحات لأن أي فشل جديد سيؤدي إلى انهيار تام للدولة".
وطالب الحجلاوي القضاء بالإسراع في النظر في تقرير دائرة المحاسبات الذي من الممكن أن يسقط قائمات انتخابية بأكملها وأن يؤدي إلى حل الأحزاب التي تلقت تمويلا خارجيا أو استخدمت أموالا بطرق غير قانونية أثناء الحملات الانتخابية. وأضاف: "قرار القضاء بشأن تقرير محكمة المحاسبات حول تمويل الحملات الانتخابية لسنة 2019 سيسهل على رئيس الجمهورية تحديد خريطة الطريق التي ستكون إما بالرجوع إلى البرلمان لفترة محددة من أجل تعديل القانون الانتخابي وبعض القوانين المستعجلة أو الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها".
وقال الحجلاوي: "حتى لو أذن رئيس الجمهورية بعودة نشاط البرلمان فإن هذه المؤسسة التشريعية بتركيبتها الحالية لا يمكنها أن تستمر في العمل حتى موعد الانتخابات المقبلة سنة 2024، لأن الشعب التونسي فقد ثقته في هذا البرلمان ولن يقبل بعودته". وعلى الرغم أن الرئيس التونسي قيس سعيد، لم يتخذ أية خطوات في تشكيل الحكومة الجديدة حيث لا تزال الأسماء المتداولة حبيسة الفرضيات، إلا أنه أعلن عن تعيين مستشاره للأمن القومي رضا غرسلاوي، وزيرا للداخلية الذي أدى أمامه اليمين الدستورية دون العودة إلى البرلمان، وهو ما يوحي بأن الرئيس لن يعرض الحكومة الجديدة على أنظار المجلس النيابي. وفي مساء الـ 25 من يوليو الماضي، أعلن رئيس الجمهورية التونسية قرارات استثنائية شملت إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما، وهي الخطوة التي وصفتها أحزاب سياسية بـ "الانقلاب على الديمقراطية"، رغم تأكيد سعيد بأن الهدف منها هو المصلحة العامة.
قد يهمك ايضا
الشرطة توضح إيقاف مروج عملة بالسوق السوداء وحجز 18 ألف يورو في جندوبة التونسية
وزارة الداخلية التونسية توضح احباط عمليات هجرة غير نظامية والقبض على 17 شخصا من بينهم أجانب