تونس _ حياة الغانمي
تناقش الجلسة العامة للبرلمان التونسي، قريبًا، تنقيح النظام الداخلي للبرلمان، ومن المنتظر أن تُضاف إليه مدوّنة سلوك، في ظل الاتهامات التي وُجهت إلى هذا النظام في العديد من المرات، حيث تم اتهامه بالتسبب في بطء العمل التشريعي، والافتقار إلى ضوابط حيقية لسلوك النواب.
واستكملت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية النظر في مقترحات تعديل النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، وستتم مناقشة ما توصلت إليه اللجنة قريبًا في الجلسة العامة، ومن أهم ما توصلت إليه اللجنة رفض مقترح تعديل متعلق بالاقتطاع الآلي من منح النواب عند تغيّبهم، رغم أنّه مقترح توافقي مقدّم من كلّ الكتل، إضافة إلى رفض مقترح تعديل متعلق بطريقة تسجيل الحضور في اللجان والجلسات العامّة، وتغيير تركيبة اللجان التشريعيّة، وذلك بإدماج بعض اللجان الخاصة في اللجان التشريعية التي تتقاطع معها في الاختصاص، إضافة إلى ادراج باب خاص بأخلاقيات وقواعد سلوك النواب، خاصة بعد أن ساءت صورة البرلمان بسبب الخلافات بين النواب في الجلسات العامة، والتي تتحول في أغلب الأحيان إلى معارك كلامية توتّر الجو العام في البرلمان، وتعطّل تمرير النصوص التشريعية، فضلاً عن زيادة التوتر في الشارع التونسي.
وقدّم "مدوّنة السلوك" التي سيتم اعتمادها والتصويت عليها، في الجلسة العامة، النائب رياض جعيدان، الذي أشار إلى أن مبادرته جاءت على خلفية جملة من الممارسات، سوّقت صورة سلبية عن البرلمان من خلال أحداث التشابك بالأيادي والسب والشتم التي تحدث أحيانًا، وتضارب مصالح النواب بما يدفع إلى صياغة مدونة الأخلاقيات والسلوك. واعتبر جعيدان أن النائب ممثل للشعب، ومن المفترض أن يكون قدوة وليس نائب مصلحة أو فئة أو قطاع، لاسيما أن اليمين الذي أداه فيه ولاء فقط للوطن، مضيفًا أن القانون لا يمكنه تنظيم قواعد العمل السياسي والبرلماني التونسي بما يقتضي إيجاد مدونة سلوك، كما هو الحال في البرلمانات الديمقراطية المرسخة لقيم الشفافية والاحترام المتبادل.
وتتضمن المبادرة التي قدّمها جعيدان، وتمت مناقشتها في اللجنة وتعديلها، التزام النائب بتمثيل مصالح الشعب والدفاع عنها، وعدم الارتباط بمصالح قطاعية أو متعلقة بمراكز نفوذ، وتعزيز قيم الوحدة الوطنية والتسامح والتوافق، والامتناع عن التحريض وإثارة الفتن، وكل ما من شأنه المس بأمن الدولة والمجتمع واستقرارهما. كما تلزم المبادرة نواب الشعب باحترام بقية الأعضاء ووجهات نظرهم، والامتناع عن أي فعل يمثل إهانة لهم أو اعتداء على حرمتهم أو سمعتهم، مع المحافظة على سرية المعلومات المتعلقة بمؤسسات الدولة، دون المساس بحق النفاذ إلى المعلومة، إضافة إلى ضرورة إعلام رئاسة المجلس مسبقًا بأي زيارة رسمية لأي دولة أو منظمة أو مؤسسة خارجية. وتضمنت المبادرة أيضًا إلزام النائب بالتصريح بمكتسباته (وفقًا للفصلين 11 و58 من الدستور)، والتزامه بعدم التستر على أي فساد وعدم المبادرة بأي مقترح قانون أو تعديل أو تبني أي موضوع تبعًا لمنفعة شخصية، باستثناء الموارد الخاصة بالأنشطة التجارية المعلنة أو المهنية المسموح بها، إضافة إلى إعلام رئاسة المجلس بأي مبلغ مالي أو مصلحة عينية غير المنح والامتيازات النيابية التي تحصل عليها في 15 يومًا، كما تناولت المبادرة مسألة الغيابات بإلزام النواب بحضور جميع جلسات البرلمان واجتماعات اللجان، والإعلام الكتابي لرئيس المجلس في صورة طلب المغادرة.