تونس -تونس اليوم
نفذ مئات المتخرجين من الجامعات التونسية والعاطلين عن العمل منذ أكثر من عشر سنوات، أمس، مظاهرات احتجاجية بمعظم ولايات (محافظات) البلاد، وأقدموا في مدينة القصرين (وسط غرب) على اقتحام مقر الولاية، والاعتصام داخلها، تعبيرا عن رفضهم القاطع لقرار رئيس الجمهورية قيس سعيد، بعدم تفعيل القانون عدد 38 لسنة 2020، الخاص بانتدابهم في الوظيفة العمومية على دفعات. ورفع المحتجون الغاضبون شعارات منددة بقرار رئيس الجمهورية، مؤكدين أن رفضه لهذا القانون، الذي أقره الرئيس بنفسه السنة الماضية، وأمر بنشره في الرائد الرسمي (الصحيفة الحكومية) «هو قتل لأحلامنا وأحلام عائلاتنا»، على حد تعبيرهم. وقالت أشواق العجلاني، المنسقة الجهوية لتنسيقية «الانتداب حقي» في القصرين، إن «القانون 38 خط أحمر لأنه خصص لأصحاب الشهادات العليا المهمشين، الذين ضاعت آمالهم وأحلامهم وأعمارهم، وهم يطالبون بحقهم في الانتداب في الوظيفة العمومية». مشيرة إلى أن فترة عطالة بعض المتخرجين من الجامعات تجاوزت عشر سنوات، وأصبحت أعمارهم تتجاوز حاليا 46 عاما. ولذلك «فإنهم لن يستسلموا، وسيواصلون مشوارهم النضالي في سبيل انتزاع حقهم في الشغل»، مطالبة رئيس الجمهورية بالعدول عن قراره، وتفعيل قانون انتدابهم.
في السياق ذاته، قالت هناء بوعرس، إن لقاءها مع رئيس الجمهورية «جاء بعد شهور من المعاناة والألم والاعتصامات، لاسيما في القصبة وقرب قصر الجمهورية بقرطاج، وهناك من نقل إلى المستشفى، ومن توفي في خضم الاعتصامات». مؤكدة أنهم طالبوا رئيس الجمهورية بأن يطبق قانون الانتداب في الوظيفة العمومية حتى لو كان ذلك على دفعات تراعي إمكانيات الدولة، لكنه قال «انسوا أمر الوظيفة العمومية، بعدما وقع على القانون»، على حد قولها.
وكان الرئيس سعيد قد اعتبر أن قانون الانتداب في الوظيفة العمومية، الذي وقعه السنة الماضية «وضع كأداة للحكم واحتواء الغضب... وهو ليس قابلا للتنفيذ»، مؤكدا أنه «لابد من انتدابات حقيقية تمكن الشباب من خلق الثروة، في إطار قانون مختلف عن الأوهام الكاذبة». وينص القانون 38 لسنة 2020 على توظيف حاملي الشهادات العليا، الذين فاقت مدة عطالتهم 10 سنوات، في الوظيفة العمومية مباشرة وعلى دفعات. غير أن رئيس الجمهورية اقترح صيغة تشغيل مختلفة، من خلال شركات أهلية خاصة، معللا ذلك بأن الدولة لم تعد قادرة على التشغيل في الوظيفة العمومية. على صعيد متصل، نظم الحزب الدستوري الحر، الذي تتزعمه عبير موسي، أمس، وقفة احتجاجية بساحة الحكومة في القصبة، للتعبير عن «رفضه المطلق للتخاذل في محاسبة الإخوان»، وفسح المجال أمامهم لإعادة فرضة أنفسهم، وإعادة تنظيم صفوفهم، وطالب بحل البرلمان، والدعوة الفورية لانتخابات تشريعية مبكرة في آجال قصيرة. ووجهت عبير موسي انتقادات لاذعة لرئيس الجمهورية. مشيرة إلى «انعدام الرؤية السياسية المستقبلية لديه، وافتقاره للخبرة في كيفية إدارة الحكم»، متهمة إياه بـ«جر تونس نحو الهاوية»، على حد قولها. ورفع أنصار «الدستوري الحر» عدة شعارات ضد الرئيس سعيد، من بينها «كفى تلاعبا بما تبقى من الدولة»، و«لا لرسكلة الإخوان بمختلف شقوقهم»، و«يجب حل البرلمان»، و«انتخابات مبكرة واجب»، و«أغلقوا أوكار الإرهاب». كما دعوا إلى «تنقية المناخ الانتخابي عبر تفكيك الأخطبوط الجمعياتي والسياسي الإخواني، وتجميد أرصدته البنكية، وتحويل ملفاته إلى اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع التمويل الأجنبي للجمعيات الناشطة لغايات سياسية، وتطبيق القانون ضدها».
من ناحية أخرى، خلف قرار توفيق شرف الدين، وزير الداخلية، القاضي بإحالة 20 من كبار القيادات الأمنية، جدلا واسعا حول هذا القرار، وما سينجر عنه من ردود فعل داخل المؤسسة الأمنية. واعتبره بعض المراقبين «زلزالا يضرب معظم القيادات الأمنية العليا». فيما اعتبره آخرون «حملة تطهير داخل المؤسسة الأمنية»، في انتظار أن يشمل قرار مماثل بقية القطاعات الحيوية للدولة، وعلى رأسها السلطة القضائية، التي طالما تعرضت للنقد من قبل الرئيس سعيد. واتهمت القيادات الأمنية، التي تعرضت لهذا الإجراء المفاجئ، بالتورط والارتباط بأحزاب سياسية، خاصة ما يتعلق بجهاز الأمن الموازي والجهاز السري لحركة النهضة. وتعود تسمية بعض تلك القيادات الى حكومة علي العريض، ومهدي جمعة، والبعض الآخر إلى حكومة هشام المشيشي المقالة.
قد يهمك ايضا
قيادات إخوانية تونسية تفر إلى ليبيا هربا من ملاحقة القضاء التونسي
هدوء الاحتجاجات في عقارب التونسية بعد وعود رئاسية بحل الأزمة البيئية